أنقرة (زمان التركية) – بمناسبة الذكرى الخامسة للمذبحة الدموية في مدينة سوروج التي في عام 2015، مسفرًة عن سقوط 33 قتيلًا من الشباب الأكراد، قال تقرير حقوقي إنه كان هناك إهمال متعمد من قبل السلطات سمح بوقوع الجريمة.
وطالبت منصة “العدل من أجل سوروج” التي تضم مجموعة من المحامين يبحثون في وقائع الجريمة، بالإفصاح عن نتائج التحقيقات التي فُرضت عليها سرية، ودعت المحكمة إلى التحلي بالشجاعة والإرادة لبحث القضية من جميع جوانبها دون خوف، قائلة: “الدولة غضّت البصر عن مذبحة سوروج، الأمر لم يكن إهمالًا، وإنما كان متعمدًا”.
وكان اتحاد النقابات الشبابية الاشتراكية قد جمع مساعدات في صورة مستلزمات ضمن الحملة التي بدأها بغرض التضامن مع الشعب الكردي المتضرر من الحرب في منطقة كوباني (عين العرب)، ووصل بالمساعدات إلى بلدة سوروج التابعة لمدينة أورفا في 20 يوليو/ تموز 2015. المستلزمات جمعت ونقلت إلى مركز “أمارا” الثقافي في البلدة، وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقد في حديقة المركز، وقع تفجير أسفر عن مقتل 33 شخصًا، وإصابة 150 آخر. على الفور وصلت قوات التدخل السريع إلى موقع الحادث ولكنها منعت وصول فرق الإسعاف، وقامت برش رذاذ الفلفل على المصابين.
تقرير منصة العدل السنوي يقول إن منفذ الواقعة الذي يدعى الشيخ عبد الرحمن ألاجوز، وهو شقيق يونس أمره ألاجوز، أحد منفذي تفجيرات أنقرة التي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 مواطن، كان مسجلا ضمن شخصيات إرهابية مطلوب القبض عليه.
حسب التقرير أيضًا، فقد حصلت أجهزة الاستخبارات على معلومات تفيد بوقوع تفجيرات في مدينة سوروج وأبلغت بها جميع المسؤولين، وصدرت قرارات بتفتيش الجميع، إلا أن مرتكب الحادث لم يواجه أي مشكلة من الناحية الأمنية. وبحسب تسجيلات كاميرات المراقبة فقد كان يتجول بحرية داخل بلدة سوروج، ومر من أمام مبنى مديرية الأمن إلى أن وصل إلى مركز أمارا الثقافي حيث وقع التفجير.
التقرير أوضح أيضًا أن التحقيقات تجري حول الواقعة منذ 18 شهرًا، تحت قرار بفرض السرية على تفاصيل القضية، مشيرًا إلى أن أهالي ومحامي الضحايا لا يتم تنفيذ أي طلباتهم، وأنهم طالبوا بإتمام التحقيقات بشكل علني، وأكدوا على ضرورة ضم الضحايا للتحقيقات.
أكد التقرير رفض القضاء التحقيق مع كل من شغل في ذلك الوقت منصب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الدفاع ورئيس أركان الجيش ومدير الأمن العام ووالي شانلي أورفا وقائم مقام سوروج ورئيس جهاز الاستخبارات وآخرين، بينما رفعت قضية واحدة ضد مدير أمن بلدة سوروج فقط، بتهمة “الاستغلال السيئ للوظيفة”، وصدر في حقه حكم بالسجن لمدة 8 أشهر و10 أيام، بالإضافة إلى غرامة مالية بقيمة 7500 ليرة تركية.
وقال المحامون أعضاء المنصة: “الأمر واضح للغاية، الدولة غضت بصرها عن وقوع المذبحة، ولم تتخذ التدابير الأمنية الكافية في سوروج رغم علمها. الهجوم لم يقع عن إهمال، وإنما هناك تعمد. هذه ليست ادعاءات وهناك أدلة على ذلك، بالمستندات… ولكن المحكمة اختارت أن تحمي العاملين في الدولة، وتبعدهم عن ملف القضية”.
والتفجير الانتحاري الذي وقع في 22 يوليو/ تموز 2015 نسب إلى تنظيم “داعش” الإرهابي.
وفي صبيحة هذه الواقعة عثرت القوات الأمنية على شرطيين مقتولين في فراشهما ببلدة “جيلان بينار” في المدينة ذاتها، لكن نسب هذا الهجوم إلى عناصر حزب العمال الكردستاني للانتقام من هذين الشرطيين بدعوى صلتهما بداعش الذي قتل 32 كرديًّا، إلا أن “ديمهات آجيت”، المتحدث باسم اتحاد المجتمعات الكردستاني، نفى صحة هذا الادعاء، في حين نوّه الكاتب الكردي المعروف “أميد فرات” بأن الأسلوب المستخدم في قتل الشرطيين ليس من أساليب العمال الكردستاني المعهودة، مؤكدًا أن “الجهة” التي أمرت بتنفيذ الهجوم جعلت بعض المجموعات المرتبطة بالعمال الكردستاني تتبنى هذا الهجوم.
بعد أسبوع من هذين الهجومين المنسوب أحدهما لداعش والآخر للعمال الكردستاني، وعلى وجه التحديد في 28 يوليو/تموز 2015، أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان بشكل رسمي انتهاء مفاوضات السلام الكردية التي كان يجريها مع زعيم حزب العمال الكردستاني “الإرهابي” عبد الله أوجلان المعتقل بدلاً من حزب الشعوب الديمقراطي “الشرعي”، بموجب مساومات سرية بينهما حول نقل تركيا إلى النظام الرئاسي، مما يدل على أنه نجح في اختلاق الذريعة اللازمة للنكوص عن سياسته القديمة ليبدأ بعدها فترة جديدة مليئة بالاشتباكات الدموية بدعوى مكافحة الإرهاب مع حليفين جديدين، وهما حزب الحركة القومية وحزب الوطن.
–