أنقرة (زمان التركية) – قال نائب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، المعارض عمر فاروق جرجرلي أوغلو، إنه بعد إحباط محاولة الانقلاب في 2016 شهدت تركيا مرحلة انقلابية جديدة قادتها السلطة على الشعب، الذي تعرض لقمع كبير.
وبمناسبة الذكرى الرابعة لمحاولة انقلاب 15 يوليو/ تموز 2016، أكد جرجرلي أوغلو خلال مشاركته في برنامج على قناة “آرتي”، أن عشرات الآلاف من المواطنين سقطوا ضحايا لقرارات حالة الطوارئ، التي فرضت عقب الانقلاب واستمرت لعامين، بشكل رسمي، ويستمر الآن دون تسمية.
جرجيلي أوغلو قال: “محاولة الانقلاب وقعت في ليلة واحدة ولكن تبعاتها استمرت على مدار 4 سنوات من خلال إجراءات السلطة السياسية وخطواتها”.
وتابع قائلًا: “15 يوليو/ تموز 2016 كانت ليلة ملعونة. فهي ليلة سقط بعدها عشرات الآلاف من المواطنين ضحايا لإجراءات السلطة. لقد شهدت البلاد قبل وقوع الانقلاب إرهاصات أدت لهذا الانقلاب. حيث دهست السلطة الديمقراطية والقانون تحت الأقدام ليبدأ دوران عجلة الانقلاب. ممارسات حكومة حزب العدالة والتنمية وعلاقاتها المشبوهة مع بعض الجهات والتوترات التي تسببتها قادت البلاد إلى انقلاب 15 تموز 2016 حيث قضى على القانون والديمقراطية”.
وشدد على أن الديمقراطية خسفت بها الأرض من خلال حالة الطوارئ التي أعلنت في البلاد حتي يونيو/ حزيران 2018، وشهدت آلاف القرارات التي ضربت بعشرات الآلاف من المواطنين، مشيرًا إلى أن الخسارة لم تقتصر على قطاع واحد فقط، وإنما شملت جميع قطاعات المجتمع.
وأفاد جرجرلي أوغلو أن حزبه رفض دائمًا إسقاط الحكومات عبر طرق عسكرية غير ديمقراطية، ولعن الانقلابات العسكرية جميعها، ثم أكد قائلاً: “لكن نحن الديمقراطيين والمؤمنين بضرورة الحفاظ على حقوق الإنسان من تعرضنا لأكبر ضرر بعد إفشال محاولة الانقلاب بسبب الانقلاب المدني الذي قادته الحكومة من خلال حالة الطوارئ وقراراتها”.
وشدد النائب البرلماني جرجرلي أوغلو، وهو عضو في لجنة حقوق الإنسان البرلمانية في الوقت ذاته، أن تركيا شهدت بعد إحباط محاولة الانقلاب مرحلة انقلابية جديدة على يد السلطة السياسية بقيادة أردوغان، مضيفًا: “لقد شهدنا محاولة انقلاب في 15 يوليو 2016، ومن ثم وقع في 20 يوليو -إقرار حالة الطوارئ- انقلاب جديد قضى تمامًا على ما تبقى من الديمقراطية في بلادنا، وبذلك ظهرت نية الحكومة الحقيقية من خلال ممارساتها القمعية. لقد رأينا في غضون أربع سنوات أن الحكومة تسعى لترسيخ أقدامها ونظامها من خلال توجيه الناس لنقاش محاولة الانقلاب. فالحكومة باتت تتهم جزافًا كل من ينتقدها بالتورط في الانقلاب وخيانة الوطن”.
وأعاد جرجرلي أوغلو للأذهان أن نظام الرئيس أردوغان أقدم على إغلاق آلاف المؤسسات الاقتصادية والتعليمية، وفصل الموظفين وتركهم ليواجهوا مراراة الجوع، من خلال قرارات حالة الطوارئ التي أصدرها أردوغان بصورة مخالفة للدستور، على حد تعبيره.
ولفت جرجرلي أوغلو إلى أنه لم يبق في يد حزب الشعوب الديمقراطي من البلديات التي فاز بها في الانتخابات المحلية الأخيرة إلا عشر بلديات، حيث عينت الحكومة وصاة على جميعها داهسةً على إرادة الشعب التي تتظاهر باحترامها.
ومن ثم سلط جرجرلي أوغلو الأضواء على النتائج الوخيمة التي نتجت عن تطبيق حالة الطوارئ وقراراتها التي وصفها بالانقلاب، قائلاً: “شهدت بلادنا في ظل حالة الطوارئ أكبر عملية هجرة للأدمغة والعقول طيلة تاريخ الجمهورية.. لقد تحولت الجامعات إلى مؤسسات خاضعة للإرادة السياسية ولم تعد تقوم بمهمتها الأصلية، بعد قرارات فصل وعزل طالت مئات الآلاف من الأساتذة والأكادميين، وبات يتم تعيين أطباء بيطريين كعمداء لكليات الحقوق، وتراجع الإنتاج العلمي بنسبة 30%”.
ونوه جرجرلي أوغلو بأن الخاسرين جراء “الانقلاب المدني”، الذي قاده نظام أردوغان من خلال حالة الطوارئ بعد إفشال انقلاب مزعوم، ليسوا المعتقلين والمفصولين من وظائفهم فقط، وإنما جميع فئات الشعب تعرضوا لزلزال شديد بسبب الممارسات القمعية.
كما عبر جرجرلي أوغلو عن إيمانه الجازم بأن تركيا ستتجاوز هذه الأيام المظلمة عاجلاً أم آجلاً، داعيًا كل من يرى نفسه وطنيًّا مخلصًا إلى المشاركة في الكفاح الديمقراطي الذي يمارسونه، على حد تعبيره.
كما لفت إلى أن السلطة السياسية لم تسمح لأحد بفحص وتدقيق ما حدث في ليلة الانقلاب، ولم تنشر التسجيلات المصورة عن الأحداث التي شهدتها مناطق حساسة في البلاد يوم الانقلاب، مؤكدا أنه لم يتم الكشف عن كامل تفاصيل ما حدث في تلك الليلة بشكل كافٍ، مشيرًا إلى أنه لا أحد يعرف تفاصيل المساومات التي شهدتها تلك الليلة خلف الأبواب المغلقة بين القوى الحاكمة في البلاد.
وأسفرت الإجراءات التي اتخذت خلال فرض حالة الطوارئ في تركيا والتي طبقت عقب الانقلاب واستمرت لعامين، عن اعتقال نحو 80 ألف شخص في انتظار المحاكمة، وعزل حوالي 150 ألفا من موظفي الحكومة وأفراد الجيش والشرطة وغيرهم.
وفي وقت سابق من الشهر الماضي، قالت وزارة الدفاع التركية إنه منذ محاولة انقلاب 15 يوليو/ تموز 2016 فصل من الجيش 15 ألف و583 جنديا في إطار تحقيقات حركة الخدمة بينما لا تزال تتواصل التحقيقات الإدارية والجنائية بحق 4 آلاف و156 جنديا.
ويحمل الرئيس التركي رجب أردوغان حركة الخدمة مسئولية تدبير انقلاب عام 2016 إلا أن اتهامه يفتقر إلى أدلة ملموسة، كما أنه لم يسمح إلى اليوم بنشر تقرير تقصي الحقائق حول المحاولة الانقلابية الذي انتهى منه البرلمان في عام 2017.
وأمس قال زعيم المعارضة في تركيا كمال كليجدار أوغلو إن الرئيس أردوغان كان على علم بالمحاولة الانقلابية، بل هو العقل المدبر لها.
ووفق رؤية حزب الشعب الجمهوري كان أردوغان على علم بوقوع المحاولة الانقلابية لكنه لم يمنعها، وتحرك في الوقت المناسب لإحباطها ليستغلها في قمع وتصفيىة المعارضة وتعزيز نفوذه مستفيدا من التعاطف الشعبي معه.
–