لندن (زمان التركية)ــ قال تقرير صادر عن “المرصد السوري لحقوق الإنسان” اليوم الخميس، إن الأوضاع الإنسانية تزداد سوءًا في مناطق النفوذ التركي والفصائل مع ظهور حالات إصابة بفيروس كورونا.
التقرير قال إنه فضلا عن الحرب والغلاء وسوء الأوضاع المعيشية يعاني السوريين النازحين ضمن مناطق سيطرة القوات التركية والمجموعات الجهادية والفصائل، من خطر بدء انتشار جائحة كورونا، بينما البلاد تقترب من مجاعة توشك أن تفتك بأهلها.
ظهور إصابات كورونا
وفقا لمعلومات المرصد السوري لحقوق الإنسان في 9/7/2020، فقد تم الإعلان رسميًا عن أول إصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) في مشفى “باب الهوى” الذي غلقت أبوابه إثر تأكيد إصابة طبيب يعمل فيه. ويذكر أن الطبيب جاء من تركيا إلى المشفى واختلط بعشرات الأشخاص، ما دفع المشفى لتطبيق الحجر الصحي الكامل. وفي 10/7/2020 تأكدت إصابة طبيب يعمل في مشفى “أطمة” بمحافظة أدلب، ليرتفع عدد الإصابات إلى 3 من الكادر الطبي، حتى بلغ إجمالي المصابين في إدلب وحلب 11 شخص، بينهم 6 من العاملين ضمن الأطقم الطبية.
ارتفاع موجات النزوح
رصد “المرصد السوري” في 14/7/2020 حركة نزوح جديدة تشهدها أريحا وقرى واقعة بجبل الزاوية، جراء تصاعد القصف البري من قبل قوات النظام، بالإضافة لشن الطائرات الحربية الروسية غاراتها على ريف إدلب الجنوبي. وتعد محافظة إدلب من المحافظات المكدسة بالنازحين ومخيماتهم، ما يضغط على الموارد الاقتصادية الذاتية للمحافظة ويؤدي لتفشي عدد من الظواهر الاجتماعية السلبية كارتفاع معدلات الفقر والبطالة والجريمة والعنف.
سوء الأوضاع الصحية
تعاني مناطق النفوذ التركي والفصائل من نقص حاد في الكوادر الطبية والأدوية وأجهزة التنفس، وغيرها مما يلزم لعلاج المرضى والمصابين، إذ تضم مشافي إدلب ما يقارب 200 سرير مخصص للعناية المركزة، و95 جهاز تنفس للبالغين، وهي في حالة تشغيل كامل بنسبة 100% للأمراض مختلفة، بينما يبلغ عدد الأسرة بها 3065 سرير، أي أن حصة كل 1592 مواطن سرير واحد فقط، إلا أن الوضع في الريف الحلبي يعد أفضل نسبياً قياساً بإدلب، إضافة إلى هجرة عدد كبير من الأطباء والعاملين في قطاع الصحة خارج البلاد نتيجة للانفلات الأمني وسوء الأحوال المعيشية.
ضعف البنى التحتية
تعاني مناطق النفوذ التركي والفصائل من ضعف البنى التحتية نتيجة تدمير أغلبها بسبب القصف الجوي والبري والصراعات بين الأطياف المختلفة في سورية، إضافة لانتشار عدد كبير من مخيمات النزوح؛ لا سيما في إدلب ومحيطها اللذان يقيم بهما حوالي ثلاثة ملايين نسمة، نصفهم نازحين من مناطق أخرى، حيث تفتقد هذه المخيمات لخدمات المياه والصرف الصحي، والتغذية السليمة.
وقف المساعدات الإغاثية
أوقفت المساعدات الإنسانية الحيوية بسبب “تسييس” عملية نقلها عبر الحدود إلى ملايين السوريين غداة فشل مجلس الأمن في تجديد آلية إدخالها 10/7/2020 جراء الفيتو الروسي-الصيني، حيث أصرت “موسكو” على حصر نقاط إدخال المساعدات بمعبر باب الهوى (إدلب) بحجة أنه يشهد مرور 85% من المساعدات، وإزالة نقطة العبور الأخرى؛ وهي “باب السلامة” في منطقة اعزاز بريف حلب الشمالي.
كما تشهد هذه المناطق غياب دور الجهات الحكومية نظرًا لتقاعس تركيا عن مسؤولياتها والتنصل من التزاماتها تجاه المدنيين السوريين، بالإضافة إلى عجز المنظمات الإنسانية العاملة في تلك المناطق عن تقدم المساعدات اللازمة للمواطنين.
تراجع العملية التعليمية
وفقا لمصادر موثوقة لـ”المرصد السوري”، فإن التعليم يعد القطاع الأكثر تضررًا من عمليات القصف والنزوح، ويشكل الأطفال الشريحة الأكبر من النازحين كما هو الحال في محافظة إدلب، وهم يتفاوتون ما بين متسرب من العملية التعليمية وملتزم يواجه الصعوبات التي قد تعرقل استكمال مسيرته التعليمية. وترجع تلك الصعوبات إلى قلة المدارس ضمن مخيمات النزوح وبُعد المسافات ما بين المخيمات والمدارس وسوء الأحوال المادية التي تمنعهم من شراء مستلزمات الدراسة وسداد تكاليف النقل الباهظة نظرًا لندرة المازوت، إضافة إلى انقطاع الدعم عن المنشآت التعليمية وهشاشة المناهج وضعف إمكانيات الكوادر والمؤسسات التعليمية، فضلاً عن تدمير عدد كبير من المدارس بفعل العمليات العسكرية.
سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية
تشهد مناطق النفوذ التركية ومناطق الفصائل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية نظرًا لتردي الأوضاع الاقتصادية وتدهور سعر الليرة السورية مع تزايد الإقبال الكبير على شراء الليرة التركية، وما تبع ذلك من عمليات احتكار للسلع، لا سيما مع كون هذه المناطق سوقًا مستوردة لأغلب الأصناف الغذائية، إلى جانب انتشار البطالة بسبب زيادة عدد السكان بفعل عمليات النزوح والاستيلاء على مناطق ومساحات كبيرة من الأراضي الزراعية من قبل قوات النظام والفصائل الجهادية، والعمل على حرمان أصحابها وفئة كبيرة من الشباب من العمل بها، وبالتالي تحويلهم من منتجين إلى مستهلكين في مخيمات النزوح.
كذلك، تجبر الفصائل الموالية لتركيا الفلاحين في مناطق “نبع السلام” على دفع مبلغ 5 آلاف ليرة سورية عن كل دونم من مزروعات القمح والشعير، بالإضافة إلى دفع الزكاة المحددة بـ6 أكياس من المحصول، ما تسبب في ارتفاع معدلات الفقر بين مواطني هذه المناطق.
إن تأزم الأوضاع الإنسانية في مناطق النفوذ التركي والمجموعات الجهادية والفصائل في سورية، ما هو إلا نذير بوقوع كارثة إنسانية في المستقبل القريب، يترتب عليها مزيدٍ من التدهور في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين السوريين والتي قد تؤثر بدورها على دول الجوار بل ودول العالم، وستودي بحياة الملايين سواء في حال انتشار جائحة كورونا أو بفعل المجاعات التي توشك أن تلحق بالبلاد على نطاق واسع. ويؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان دعوته لجميع الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية والطبية لمد يد العون بشكل كامل والحيلولة دون تفشي هذا الوباء بكافة الوسائل الممكنة في تلك المناطق التي تضم أكثر من 4 ملايين مدني أجبرتهم العمليات العسكرية على التواجد ضمن بقعة جغرافية صغيرة متوترة، تفتقر لأدنى مقومات العيش، لا سيما مع لجوء أنقرة إلى “تسييس” الجائحة في هذه المناطق، لحصد المكاسب السياسية والاقتصادية في إطار سياسة ممنهجة لتحقيق مصالحها على حساب الشعب السوري أيًا كانت العواقب.
–