بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية) – وجدت الجريمة منذ اللحظات الأولى لوجود الإنسان على الأرض، حينما كان تعداد العالم حينئذ شخصين فقط هما قابيل وهابيل، فوقعت جريمة القتل من الأول على الثاني بدافع الحسد، وتوالت بعدهما الجرائم بأنواعها المختلفة ودوافعها المتعددة.
والجريمة هي عمل غير مشروع ناتج عن إرادة جنائية يقرر لها القانون عقوبة أو تصرفا احتياطيا.
ودوافع ارتكاب الجريمة قد تكون اقتصادية أو اجتماعية أو نفسية. والمجرمون أنواع عدة؛ فمنهم (المجرم بالصدفة)، وهو الشخص الذي لا يوجد لديه ميول إجرامية، وإنما يرتكب الجريمة لظرف من الظروف التي يتعرض لها في حياته وتؤدي به إلى ارتكاب الفعل الإجرامي .
وهناك (المجرم المعتاد أو المحترف) وهو الذي يرتكب الجريمة أول مرة لدواعٍ وظروف يمر بها، ثم يعتاد الإجرام بعد ذلك، ثم يعتبر الجريمة من طبيعة معيشته ومصدر رزقه.
وهناك (المجرم المجنون) وهو الشخص الذي يرتكب الفعل الإجرامي دون أن يدرك أنه يرتكب جريمة كالمصابين بالصرع أو عدم التوازن النفسي والعقلي.
وهناك أيضا (المجرم بالميلاد أو بالوراثة ) وهو الشخص الذي يولد حاملا صفات عضوية ونفسية تجعل منه مجرما، وهذا ما أشار إليه الطبيب الإيطالي لومبروزو (Cesare Lombroso) في نظريته حول أنواع المجرمين.
والموضوع الهام هنا بيان الطريق الأمثل لمكافحة الجريمة.
فالجريمة موجودة في كل المجتمعات والحديث عن منعها أمر يتنافى وطبيعة الحياة البشرية، ومن ثم فالحديث هنا عن كيفية الحد منها والنزول بها إلى أقل درجة ممكنة ويكون ذلك بناء على الطريق الذي يتم من خلاله التعامل مع المجرم.
وتعالج الجريمة أولا بتطبيق القانون عن طريق إنزال العقوبة المحددة للجريمة المرتكبة وتطبيقها على المجرم، ويكون الهدف هنا ليس شخص المجرم بقدر ما يهدف إلى إصلاحه وإعادة تأهيله كشخص صالح في المجتمع.
بمعني تخويف الآخرين من ارتكاب السلوك الإجرامي والتفكير ألف مرة قبل الإقدام على أي جريمة مخافة العقوبة والجزاء إذا لم يكن الرادع هو الفطرة السليمة والأخلاق.
وأيضا ما يؤدي إلى تحجيم الجريمة في المجتمع والتقليل منها معالجة دوافع ارتكاب الجريمة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو نفسية، مثل دافع الفقر لارتكاب الجريمة، فيتم معالجة ذلك بمكافحة الفقر في المجتمع عن طريق تطبيق العدالة الاجتماعية، ومساعدة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني للأفراد في توفير الحد الأدنى اللازم لمعيشتهم كأفراد صالحين في المجتمع.
وكذلك يتم الاهتمام بالحالة النفسية للأفراد والمشاكل الفكرية، التي تنتشر في المجتمع وتصيب الأفراد فتؤدي بهم إلى الإقدام على السلوك الإجرامي والعمل على مواجهتها ومعالجتها كالتطرف الديني الذي ينتج عنه جريمة القتل.
أما الأمر الثالث الهام للغاية كطريق فعال للحد من الجريمة فهو الحث على الأخلاق والقيم الإنسانية وتقديم النماذج والقدوة في ذلك لأفراد المجتمع.
وكذلك تغذية الوازع الديني لدى الأفراد بالمفاهيم الدينية الصحيحة التي تحُض على محبة الآخر وقبوله واحترامه وحرمة جسده وعرضه وماله إلى حد يفوق عظمة أعظم المقدسات. ففي الإسلام قال النبي محمد صلي الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول (ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله ودمه، وإن نظن به إلا خيرا)
وأيضا يكون الاهتمام بالموسيقى والفنون، حيث تلعب دورا سحريا في الرقي بالنفس والعلو بالروح بعيدا عن المشاعر والدوافع التي تؤدي إلى ارتكاب الجرائم، وهنا يقول أفلاطون (علموا أولادكم الفنون ثم أغلقوا السجون).
وهناك العلاج بالموسيقى الذي كان أول من استخدمه الطبيب المصري (أمحوتب). وألف ابن سينا كتابا بعنوان: المدخل إلى علم صناعة الموسيقى.
دامت الأمة الإنسانية بكل حب وخير!