بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية) ــ يزعجني، كثيرًا كإنسان أولا وكرجل قانون ثانيًا ما أراه من حين لآخر من تشويه وكفر بحقوق الإنسان من قبل البعض، وارتفعت هذه الموجه في الفترة الأخيرة إثر وقوع الاعتداء على المواطن الأمريكي صاحب البشرة السمراء جورج فلويد من قبل الشرطة الأمريكية وما تبع ذلك من تظاهرات واحتجاجات هزت الولايات المتحدة الأمريكية.
وتبع ذلك ارتفاع أصوات كثيرة بالخطب والكتابات التي تحارب وتهاجم المدافعين عن حقوق الإنسان، بادعاء أنه إذا كان الحال هكذا لدي الدولة العظمي الأولي في العالم، من علا صوتها كثيرا بالاعتراض على ممارسات العديد من الدول في مسألة حقوق الإنسان فتكون إذا مسألة حقوق الإنسان أكذوبة ولا أساس لها. ووصل الأمر في هذا الشأن إلىى حد خوف وتردد بعض المدافعين عن حقوق الإنسان مخافة أن تلصق بهم التهم الجاهزة كالعمالة والخيانة…. الخ من تهم وأكاذيب وافتراءات تلصق ويشوه بها أي إنسان يدافع عن حق أخيه الإنسان اذا ما تعرض لظلم هنا أو انتُهك لحق من حقوقه هناك.
وفي هذا المقال أود توضيح عدة مسائل هامة وجوهرية :
المسالة الأولي:
أن البعض يتعامل مع حقوق الإنسان وكأنها اختراع غربي، وهو منطق فاسد وحجة باطلة ففضلا على أن حقوق الإنسان تنادي بها جميع الأديان فهي مسالة مرتبطة بإنسانيتنا ونابعة من ادميتنا.
المسألة الثانية: أصبحت المناداة بحقوق الحيوان ينظر إليها نوعا من أنواع الرفاهية أو الثقافة الغربية التي لا تناسبنا؟، وكلما تحدث أحدعن هذا النوع من الحقوق ارتفعت بعض الأصوات بأن الواجب احترام حقوق الإنسان أولا، وكفانا تقليد للغرب !!
وهذا مردود عليه من عدة وجوه أولها: أن احترام حقوق الإنسان لا يتعارض مع احترام حقوق الحيوان فببساطة إنسانيتنا يمكن أن تكون كاملة، وفيما يتعلق بالادعاء الدائم والتهمة الجاهزة بأن ذلك تقليد للغرب لكل من يدافع عن حقوق الإنسان بشكل عام وبشكل خاص المدافعين عن حقوق الحيوان فأكرر وأؤكد على أن مسألة حقوق الإنسان مرتبطة بإنسانيتنا وتدعونا إليها الأديان وكمثال الدين الإسلامي باعتباره خاتم الأديان.
ليس هناك تعبيرا عن مدي عظمة احترام حقوق الإنسان ومنها أحد حقوقه الأساسية وهو الحق في الحياة، من أن يجعل الله سبحانه وتعالي الاعتداء علي حياة إنسان يعادل الاعتداء على حياة الناس جميعا وفي المقابل أن الحفاظ عليها يساوي الحفاظ على أرواح جميع الخلائق.
ففي القرآن الكريم قوله تعالى:
(مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا).
والإقرار بحقوق الحيوان قائم أيضا ومأمورين به، ففي القرآن الكريم أيضا قوله تعالي:
(وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم)
وأخبرنا النبي محمد صلي الله عليه وسلم عن المرأة التي استحقت النار لقيامها بحبس قطة، فلا هي تركتها تأكل من الأرض ولا هي اطعمتها في بيتها.
المسالة الثالثة:
إنه ليس معني وقوع انتهاك لحقوق الإنسان في دولة ما وتعليق بعض الدول الأخرى واعتراضها على هذا الانتهاك، أن هذه الدولة مستهدفة ولا يحق لغيرها من الدول التدخل في الشؤن الداخلية لهذه الدولة.
فمسالة الشأن الداخلي للدول لم تعد كما كانت في الماضي وطرأ عليها تعديلات كثيرة ولم تعد مسائل حقوق الإنسان من المسائل الخاصة بالدولة التي يحرم على غيرها من الدول التعليق عليها أو تناولها.
المسألة الرابعة:
الحقيقة التي ينبغي الإقرار بها أيضا أن بعض الدول تتخذ مسالة حقوق الإنسان ذريعة ومدخلا للتدخل في شؤن الدول الأخرى والنيل منها، وهي مسالة غير مقبولة وتتعارض مع القانون الدولي.
المسالة الخامسة:
لا ينبغي على الاطلاق الاقتداء في مسأالة احترام حقوق الإنسان بالمنتهكين لها سواء كانوا أفرادا أو جماعات دول كبيرة أم صغير، فالجريمة تبقي جريمة مهما كان مرتكبها، والحق يبقي هو الحق مهما كان عدد الجائرين الظالمين.
المسألة السادسة:
عند الحديث عن حقوق الإنسان لا ينبغي أن يتم التركيز فقط على مسألة حق الشخص تجاه غيره من الأفراد المحيطين به أو الدولة التي يعيش فيها، وإنما يجب أن يبدأ بنفسه هو في الحفاظ على حقوق الغير ممن يتعامل معهم سواء باحترام خصوصية الآخرين وحريتهم أو منع الاساءة اليهم بأي شكل آخر من الأشكال.
وأخيرا:
حقوق الإنسان تحميها وتضمنها كل الدساتير والقوانين الوطنية والدولية.
نعم هناك خلل يشوب بعض القوانين ويتعارض مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان، ولكن بشكل عام ما ينقص العالم الآن هو التطبيق التام لكل قوانين حقوق الإنسان، وأن يُضفي على هذا القانون الاحترام الواجب الذي يصل إلى حد التقديس.
عاشت الأمة الإنسانية بكل حب واحترام لحقوق الإنسان
–