القاهرة (زمان التركية)ـــ (ليس هناك شيء اسمه نضال لأجل حق صغير أو ظرفي أو مؤقت، بل هناك نضال دائم لأجل إنسان خلقه الله حرا وعليه أن يعيش حرا وكريما) هذه كلمات الراحل الزعيم مارتن لوثر كينج الذي كان من بين من عانوا من مرار العنصرية وانكوي بنارها، تلك التي كانت سائدة حينذاك في الولايات المتحدة الامريكية.
فحتي منتصف القرن الماضي كان المواطن الأمريكي صاحب البشرة السمراء يعاني شر المعاناة من ظلم التمييز العنصري، فكان طبيعيا أنك عندما تذهب لنادي أو مقهي أو مطعم تجد أمامك لافتة مكتوب عليها هذه العبارة (ممنوع دخول السود والكلاب).
وكانت هناك مؤسسات عامة كثيرة لا تقدم خدماتها لأصحاب البشرة السمراء إلا وهم واقفون، وفي الباصات العامة كانوا ممنوعين من الجلوس ومكانهم في مؤخرة العربة… الخ من إشكال التميز العنصري التي كان يعج بها المجتمع الأمريكي.
واستمر الحال علي ما هو عليه حتي تعدل نحو أكثر إنسانية وتم القضاء علي بعض أشكال التميز العنصري بكفاح ونضال كثيرون ومنهم الزعيم مارتن لوثر كينج.
وصورة التميز العنصري كانت تعود إلى الأذهان بهذا الفكر والمعاملة التي كانت سائدة في الماضي في كل موقف يقع ويمثل تميزا أو انتهاكا في حق المواطن الأمريكي صاحب البشرة السمراء وآخرها كان الموقف الذي كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير والموقف والذي في ولاية مينيسوتا بشمال أمريكا، الذي تمثل في اعتداء من قبل الشرطة الأمريكية علي جورج فلويد المواطن الأمريكي الأسمر الذي يبلغ من العمر 46، حيث أرادت الشرطة الأمريكية القبض عليه لاتهامه في تزوير عشرون دولارا، وبعدما تم القبض عليه، وضع رجل الشرطة الذي قام بالقبض عليه رقبة جورج فلويد تحت قدمه ضاغطا عليها، بينما المواطن المرحوم جورج يرجوه بالكلمات التي هزت القلوب الرحيمة في كل أنحاء العالم (لا استطيع التنفس- لا تقتلوني).
وظل الشرطي علي الوضع الذي عليه ولم يحرك ساكنا حتي مات المرحوم جورج فلويد وحدث ما حدث والذي مازالت الولايات المتحدة الأمريكية تعاني منه حتي الآن.
وبعيدا عن ثقافة التشفي وطريقة النبح في حق الولايات المتحدة الأمريكية، وبهدوء وموضوعية شديدان، قطعا إن المرحوم جورج فلويد لم يكن هو الأول لضحايا التميز العنصري والسؤال الباقي هنا كيف يكون هو الأخير؟
إن الحل في كلمة واحدة هو تطبيق القانون بكل قوة وحزم، فلو كان الزعيم الأمريكي مارتن لوثر كينج مات فالقانون الذي يكافح ويجرم العنصرية مازال موجود.
والقوانين التي تجرم العنصرية عديدة منها:
- المادة الأولي من ميثاق الأمم المتحدة الصادر عام 1945 والتي تؤكد بأن الناس جميعا يولدون أحرارا ومتساوون في الكرامة والحقوق.
- وأيضا العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966، الذي يحذر من التشجيع علي الكراهية الاثنية أو العنصرية الدينية.
- بالإضافة للعقود الثلاثة الواقعة ما بين عام 1973 و 2003 تلك التي تناهض العنصرية بكل أشكالها.
- واتفاقية مناهضة القضاء علي جميع أشكال التميز العنصري.
- والأعلان العالمي لحقوق الانسان وغيره من الصكوك الدولية الأخرى التي تحظر التميز العنصري بكل اشكاله.
ولكن ما ينغي التأكيد عليه أن في كل نص قانوني لولم يتبع بالتطبيق الفعلي له علي ارض الواقع فلا فائدة ولا قيمة من وراءه.
وما ينبغي هنا هو بنص القانون والتطبيق العملي له يجب محو جميع اشكال التميز العنصري من جميع انحاء العالم، فلو كانت الواقعة الأخيرة حدثت في الولايات المتحدة الامريكية واعقبها صراخ المجتمع الامريكي رافضا الجور علي حق فئة منة أو التعامل اللا إنساني من قبل شرطته، فهناك مجتمعات تمارس هذه الانتهاكات ولكن لا يملك مظلوميها الجرأة للصراخ أو أن أصواتهم تعلو ولكن دون أن يسمعها أحدا.
وتبقي في ذهني هذه الأسئلة:
هل الذي يحدث الآن في الولايات المتحدة الأمريكية سببه الحقيقي الاعتداء الذي وقع على جورج فلويد؟
وهل لوكان الاعتداء الذي وقع من قبل الشرطة كان على مواطن أمريكي آخر من أصحاب البشرة البيضاء، هل كانت ستثار هذه الضجة اعتراضا على عنف الشرطة ؟
وكيف يستقيم أن تكون ذات الدولة التي تعتبر هي قبلة الحريات والديمقراطية أو هكذا يتصورها البعض، وفي ذات الوقت مازالت تعاني من مرض مثل التميز العنصري وعدم احترام حقوق الانسان؟
عاشت الأمة الإنسانية بكل حب وسلام..
–