أنقرة (زمان التركية)ــــ كعادة كل عام تعيد وسائل الإعلام التركية الموالية لحكومة حزب العدالة والتنمية، ومنظمات حقوقية محلية، إدانة إسرائيل، بمناسبة ذكرى الهجوم العسكري على سفينة مافي مرمرة في مثل هذا اليوم من عام 2010 على الرغم من تصالح الحكومة التركية مع نظيرتها الإسرائيلية وقبولها الحصول على تعويضات من تل أبيب مقابل استئناف العلاقات السياسية، الأمر الذي أسقط حقوق تركيا لدى القضاء الدولي، بعد تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وفي مارس 2013، قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اعتذارا لرئيس الوزراء التركي آنذاك رجب أردوغان بشأن الهجوم، عبر اتصال هاتفي، وفي اليوم ذاته، أعلنت الحكومة التركية رسميا قبول الاعتذار الإسرائيلي.
وفي 27 يونيو 2016، أعلنت تركيا وإسرائيل، توصلهما إلى اتفاق لتسويةالأزمة بينهما.
رئيس الوزراء التركي السابق بن علي يلدريم، قال خلال مؤتمر صحفي، إن إسرائيل “ستدفع 20 مليون دولار تعويضات لعائلات الشهداء الأتراك، الذين قتلوا على متن السفينة، وإن البلدين سيتبادلان السفراء في أسرع وقت ممكن”.
كما أعلن يلدريم، أن تركيا سترسل أكثر من 10 آلاف طن من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وهو ما تم بالفعل.
الذكرى العاشرة
ويمر اليوم الأحد 31 مايو عقد من الزمن على شن سلاح البحرية الإسرائيلي هجوما ضد سفينة “مافي مرمرة”، قرب سواحل قطاع غزة عام 2010، وأسفر عن استشهاد 10 متضامنين أتراك.
في 28 من مايو/ أيار 2010 انطلقت سفينة المساعدات الإنسانية “مافي مرمرة” من ميناء أنطاليا في جنوب تركيا، على متنها عدد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان، من أجل كسر الحصار المفروض على قطاع غزة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، إلا أنها تعرضت لاعتداء غاشم من قبل الجيش الإسرائيلي في المياه الدولية في 31 من الشهر نفسه، مما أسفر عن مقتل 10 وإصابة آخرين.
وكانت “مافي مرمرة” ضمن “أسطول الحرية”، وهو مجموعة من 6 سفن اثنتان منها تتبعان لهيئة الإغاثة الإنسانية التركية.
وحملت السفن الست على متنها نحو 10 آلاف طن من مواد الإغاثة والمساعدات الإنسانية، إضافة إلى نحو 750 ناشطا حقوقيا وسياسيا، بينهم صحفيون يمثلون وسائل إعلام دولية.
أطلقت القوات الإسرائيلية آنذاك النار مباشرة على المتضامنين المدنيين و”العزّل” على متن السفينة، ما أدى إلى استشهاد 10 من الناشطين الأتراك.
من بين الشهداء 9 متضامنين سقطوا على متن السفينة، فيما توفي الناشط التركي العاشر متأثرا بجراحه في أحد مستشفيات العاصمة أنقرة يوم 23 مايو 2014.
وأدت العملية العسكرية الإسرائيلية كذلك، إلى إصابة 56 ناشطا، فيما تم اعتقال بقية المتضامنين الذين كانوا على متن السفينة لمدة يومين قبل الإفراج عنهم.
وأبحرت “مافي مرمرة” من ميناء “لارنكا” القبرصي في 29 مايو 2010، بعد عدة أشهر قضتها في الاستعداد لهذه “المغامرة”.
وبررت إسرائيل هجومها “بعدم حصول مافي مرمرة، على تصريح رسمي للدخول إلى شواطئ قطاع غزة”.
سقوط حق تركيا في القضية
الملف القانوني للهجوم على “مافي مرمرة”، تم نقله إلى المحافل القضائية في تركيا والولايات المتحدة، وإسبانيا، وبلجيكا، وإيطاليا، وعلى الصعيد الأممي، تم نقل الملف إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، والمحكمة الجنائية الدولية.
وبعد قبول تركيا اعتذار إسرائيل، قررت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا عام 2014، عدم ملاحقة إسرائيل في قضية هجومها على “مافي مرمرة”، معتبرة أن “الوقائع ليست على درجة كافية من الخطورة”.
وخلال عامي 2017 و2019 (سبتمبر/ أيلول) أعادت بنسودا تأكيد قرارها، بعدما أقرت المحكمة الجنائية بإعادة النظر في القضية.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2019، جددت بنسودا رفضها ملاحقة إسرائيل في قضية “مافي مرمرة”، مطالبة بإغلاق الملف.
إحياء الذكرى السنوية
والجمعة، أحيت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية، الذكرى العاشرة للاعتداء على “مافي مرمرة”.
ونظمت الهيئة فعالية في مكان انطلاق “مافي مرمرة” بإسطنبول، بمشاركة أقارب شهداء الاعتداء الإسرائيلي، إضافة إلى من كان على متن السفينة خلال الرحلة.
وفي كلمة ألقاها خلال الفعالية، قال الرئيس المؤسس لـ “جمعية مافي مرمرة للحرية والتضامن” إسماعيل يلماز، إن السفينة كانت عملا مدنيا شفافا وطاهرا، يهدف إلى إدراج القضية الإنسانية على جدول أعمال العالم.
وأضاف يلماز: “رغم أننا كنا في المياه الدولية، فعلوا بنا في 31 مايو ما فعلوه بإخواننا الفلسطينيين على مدى 80 عاما، للأسف فما حدث كان مجزرة ضمن المياه الدولية”.
بدوره، قال إسماعيل، نجل إبراهيم بيلغن أحد الذين شهداء السفينة، “مرت 10 سنوات على استشهاد والدي، هذا اليوم يعني لنا الكثير”.
وأضاف: “حتى لو مرت مئة سنة لن ننسى ما حدث، فلا يعرف هذا الشعور إلا من ذاقه، والفلسطينيون وأهل غزة يعانونه منذ سنوات”.
وفي 21 مايو الجاري، أطلقت الهيئة حملة إلكترونية، تنديدا باستمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.
وتداول آلاف الناشطين على موقعي التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، و”تويتر” وسم (#غزة تحت الحصار).
ونشر هؤلاء ضمن الحملة صورا لمعاناة الفلسطينيين بغزة، وأخرى للشهداء الأتراك الذين سقطوا خلال الهجوم الإسرائيلي على “مافي مرمرة”.
التطبيع التركي مع إسرائيل
الاتفاق الموقع بين تركيا وإسرائيل في عام 2016 يحتوي على 6 مواد فقط، المواد هي أن يتم إنهاء كافة الإجراءات القانونية المحلية داخل تركيا المتعلقة بملف القضية؛ وأنه مع دخول الاتفاقية حيز التنفيذ يتم إعادة النظر في الاتهامات الموجهة ضد مواطني البلدين، وإعادة التحقيق فيها من قبل قضاة خاصين؛ ويتعهد كلا الجانبين بأنه لن يدعم أي أنشطة عسكرية ولن يسمح بأي أنشطة عسكرية أو إرهابية على أراضيه (في إشارة إلى وقف الدعم التركي لحركة حماس)؛ وأن إسرائيل ستكون سعيدة من التعاون مع تركيا في المشروعات التي ستصب في مصلحة أهالي قطاع غزة.
وفي سبتمبر/ أيلول من العام نفسه أودعت إسرائيل التعويضات في حساب وزارة العدل التركية، لكن أسر الضحايا -القتلى دون المصابين- تلقت التعويضات بعد تسعة أشهر.
وبسبب اقتصار اتفاقية التعويضات على أسر شهداء هجوم مافي مرمرة، باتت الحكومة التركية في موقف الخصم أمام الضحايا الآخرون للهجوم، والذين رفعوا نحو 36 قضية تعويض بالمحاكم. ولهذا قد تضطر تركيا إلى سداد تعويضات ستفوق إجمالي التعويضات التي قدمتها إسرائيل والتي تبلغ 20 مليون دولار.
–