إزمير (زمان التركية) – شهدت مدينة إزمير غرب تركيا خلال أمس الجمعة واقعة مثيرة للجدل، حيث سمع أصوات أغنية إيطالية شهيرة صادرة من مكبرات صوت أحد المساجد، الأمر الذي دفع رئيس الجمهورية رجب أردوغان لتوجيه أصابع الاتهام للمعارضة.
رئيس الجمهورية ورئيس حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان، الذي يسعى إلى إثارة صراع علماني إسلامي في البلاد، علق على الواقعة، قائلًا: “إنهم يحلمون بسماع أصوات أخرى من المآذن بخلاف صوت الأذان. السفلة في إزمير يذيعون أصواتًا غير محترمة، وقادة حزب الشعب الجمهوري سعيدون بذلك على مواقع التواصل الاجتماعي”.
أما زعيم المعارضة ورئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو فقد رد على أردوغان، قائلًا: “إن الشخص الذي يتحمل المسؤولية من الدرجة الأولى عن عدم العثور على الفاعل، يتهم حزبًا سياسيًا الآن بشكل باطل. بأبسط تعبير وأقلها غلاظة: إنه تصرف وضيع. لقد شجبنا سابقًا إذاعة أغنية حماسية عثمانية (استخدمها أردوغان في حملته الانتخابية في وقت سابق) من مآذن المساجد. من صمتوا حينها لا يمكنهم أن يقولوا عنَّا ولو كلمة واحدة”.
وأضاف: “رئيس بلديتنا في إزمير شجب إذاعة مارش عسكري من مآذن المساجد، وتقدم ببلاغ أمام النيابة. وعقد رئيس بلدية إزمير الكبرى التابع لنا مؤتمرًا صحافيًا، وسلط الضوء على الفعل الاستفزازي وطالب بالكشف عن المتورط في الواقعة. ومسؤولو حزبنا قالوا إن ما يحدث لا يمكن الموافقة عليه. وقلنا: “دور العبادة أماكن مقدسة لنا”، لم تمر ساعتان حتى قال السيد الذي يشغل منصب رئيس الجمهورية إن الحزب الجمهوري يحلمون بسماع أصوات أخرى من المآذن غير صوت الأذان”.
وقال المحلل السياسي التركي محمد عبيد الله في تصريحات لموقع صحيفة “زمان التركية” تعليقا على موقف أردوغان من الحادثة: “عندما أرادت الدولة العميقة العلمانية تنفيذ عمليات معينة في المجتمع والسياسة كانت تتوجه إلى تدبير هجمات على مصطفى كمال أتاتورك أو رموز كمالية أخرى لإثارة رد فعل الفئات العلمانية، والآن نرى أن هذه العادة القديمة انتقلت إلى نظام أردوغان، حيث يدبر هجمات مماثلة أو يستغل الأحداث الواقعة لإثارة رد فعل الفئات المحافظة، وتصريحات أردوغان المذكورة لا تخدم إلا زيادة الاستقطاب المجتمعي على أساس الدين في البلاد، وهذا ما يريده بالضبط لكي يستغله في رص صفوف مؤيديه ومنع الانشقاقات عن حزبه. لذا ينبغي الكشف عن هوية وصلات القائمين بهذا العمل الاستفزازي على نحو عاجل. لكن أعتقد أن السلطات ستفدم شخصا علمانيا له صلة بالمعارضة مسؤولا عن ذلك”.
يذكر أن هذا الأسلوب ليس غريبًا على الرأي العام في تركيا أصلا، حيث يعتبر ذلك من أساليب الحرب النفسية التي اتبعتها أجهزة الاستخبارات التركية منذ خمسينات القرن الماضي. ففي مقابلة أجراها مع قناة “خبرترك” في الثالث والعشرين من سبتمبر/ أيلول عام 2010، أدلى فريق أول متقاعد “صبري يرمي بش أوغلو” بتصريحات أثارت حينها جدلاً كبيرًا في تركيا وقبرص التركية على حد سواء، حيث قال فيها: “من قواعد الحرب النفسية الإقدام على تخريب رموز كبيرة، والهجوم على قيم سامية، بطريقةٍ توجّه أصابع الاتهام إلى العدو، وذلك لتعزيز مقاومة الشعب وصموده أمامه. فمثلاً يمكن حرق جامع ومسجد بهذا الغرض.. لقد بادرنا إلى حرق جامع في قبرص التركية مثلاً”.
وعندما سأل مراسل القناة مندهشًا إن كانوا قد حرقوا مسجدًا فعلاً، حاول باشلي تغيير الموضوع زاعمًا أنه كان يضرب مثالاً.