إسطنبول (زمان التركية) – في الوقت الذي تحتد فيه أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في تركيا، وتفاقم الأزمة الاقتصادية، تبحث الحكومة التركية عن حلول لتوفير 168.5 مليار دولار أمريكي لسد ديونها الخارجية حتى شهر فبراير/ شباط 2021، نصفها على الأقل من المقرر سدادها خلال شهر أغسطس/ آب المقبل.
ومع استمرار أزمة كورونا للشهر الثالث على التوالي، بدأت الليرة التركية تشهد انهيارًا أمام العملات الأجنبية؛ إذ سجل الدولار الأمريكي 7.27 ليرة خلال تعاملات الأسبوع الماضي، ثم تراجع مرة أخرى إلى 6.90 ليرة مع بداية تعاملات الأسبوع الجاري.
الخبير الاقتصادي التركي أوغور جورسيس علق على الأزمة الاقتصادية التي تواجهها تركيا، قائلًا: “لا يمكننا أن نعرف كم يمكن أن يتحمل السوق هذا التلاعب. ولكن الخبراء الاقتصاديون يرون أن الوضع مخيف؛ لأن تركيا أمامها 168.5 مليارات دولار أمريكي تحتاج لسدادها حتى فبراير/ شباط 2021، دون توفير هذا المبلغ في الخزانة. فضلًا عن أن نحو نصف هذا الدين يستوجب السداد خلال شهر أغسطس/ آب المقبل. والآن لا يمكننا أن ندخل في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، بسبب غلق الحكومة لهذا الباب لأسباب سياسية”.
وأوضح أوغور جورسيس أن الحكومة التركية تتفاوض مع حكومات دول مجموعة العشرين وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، للدخول في مفاوضات المقايضة “Swap” منذ 10 أبريل/ نيسان الماضي، أي منذ 40 يومًا تقريبًا دون أن تتوصل لحل.
وزير الخزانة والمالية التركي، برات ألبيراق أوضح خلال اجتماع مع ممثلي دول مجموعة العشرين بتقنية الفيديو كونفرنس الأسبوع الماضي أن تركيا تمتلك احتياطي نقد الأجنبي كافي، وأنها تجري مفاوضات مع دول المجموعة من أجل الدخول في اتفاقيات جديدة.
ولكن عند تسليط الضوء على احتياطيات النقد الأجنبي التي تحدَّث عنها ألبيراق، نجد أنها تراجعت بنحو 308 مليون دولار أمريكي خلال العام المالي، لتسجل 51.1 مليار دولار أمريكي، أما عن صافي قيمة النقد الأجنبي فتبلغ 13 مليار دولار أمريكي فقط تحت الصفر (-13).
أما بالنسبة لمفاوضات المقايضة، فالنتائج تشير إلى عدم وجود احتمال للدخول في مفاوضات بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لأسباب سياسية واقتصادية. بينما يتحدث المسؤولون في الحكومة التركية عن أن هناك مفاوضات مقايضة مع أربعة دول فقط هي إنجلترا واليابان وقطر والصين.
ويتحدث خبراء الاقتصاد عن أن احتمال التوصل لاتفاق مع إنجلترا ضعيف للغاية، ليبقى الأمل الوحيد معلق على المفاوضات مع اليابان؛ أما مسؤولون حكوميون يابانيون فقد أوضحوا أن اليابان لا تمتلك خطة بخلاف متابعة وضع الليرة التركية في الوقت الحالي، مؤكدين أن إنقاذ الاقتصاد التركي الذي بات على وشك الانهيار مرتبط إما بمساعدات دول مجموعة السبعة (G-7) أو لجوء تركيا إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي.
أي أنهم يشيرون إلى أن الحكومة اليابانية غير متحمسة لفتح مفاوضات المقاصة (Swap) مع الاقتصاد التركي الذي يصل مؤشر مخاطره إلى 600 نقطة.
الخبير الاقتصادي التركي علي أغا أوغلو علَّق على مفاوضات المقاصة التي تجريها تركيا في حوار صحافي مع جريدة “دُنيا” التركي المتخصصة في الاقتصاد، قائلًا: “الحديث يجري عن مفاوضات مع إنجلترا والصين واليابان وقطر. لا يمكنني أن أقول شيئًا عن قيمة المفاوضات التي تمت مع هذه الدول. في حالة إتمام اتفاق مقايضة مع صندوق النقد الدولي أو المركزي الفيدرالي الأمريكي أو البنك المركزي الأوروبي، فإن الأمر قد يكون مفيدًا. ولكن لا يمكننا أن نتوقع حدوث تأثير دائم نتيجة خط المقايضة هذا مع الدول الأربعة. هناك احتمال أن يتراجع سعر صرف الدولار في تركيا إلى 6.75-6.80 ليرة تركية. ولكنني أرى أن هناك احتمال ضعيف لإيجاد حل دائم”.
وينفق البنك المركزي التركي احتياطياته المتبقية من العملات الأجنبية لدعم الليرة، ويعتقد محللو السوق أن الحكومة التركية ستجد نفسها في صعوبات مالية بالغة الخطورة في غضون بضعة أشهر، مما يعني أنها يجب عليها أن تبحث عن مصادر أخرى للتمويل.
وخسر البنك المركزي التركي نحو 20 مليار دولار أمريكي منذ بداية أزمة فيروس كورونا، وسط ندرة للموارد التي كانت تعتمد عليها الحكومة بشكل أساسي وفي مقدمتها قطاع السياحة.
وكثّفت الخزانة التركية معدلات اقتراضها لمواجهة الضائقة المالية التي تواجهها، فخلال الشهر الماضي اقترضت الخزانة من السوق المحلي 60 مليار ليرة، وخلال الاثني عشر شهرا الأخيرة ارتفع العجز النقدي لتركيا إلى 150 مليار ليرة.
ويبلغ إجمالي ديون تركيا الخارجية 1.4 تريليون ليرة تركية ( 225.8 مليار دولار) حتى نهاية فبراير/ شباط الماضي.
–