أنقرة (زمان التركية) – وافق البرلمان التركي بأصوات نواب حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية في وقت متأخر من مساء الإثنين على مشروع “قانون العفو” اذي يتضمن تعديلات أجريت على قوانين العقوبات تنص على تخفيض سنوات السجن والإفراج تحت المراقبة عن نحو 90 ألف سجين ليس بينهم سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين.
وتم تعجيل مناقشة قانون العفو المقدم إلى البرلمان منذ عام 2018 بغرض تخفيف الازدحام في السجون التي تضم أكثر من 300 ألف سجين يفوقون الطاقة الاستيعابية للمعتقلات، التي يخشى أن تتحول إلى بؤرة لتفشي فيروس كورونا الذي أصاب أكثر من 60 ألف شخص في تركيا.
قانون العفو الذي أقره البرلمان بأغلبية أصوات التحالف الحاكم، وبات معتمدًا، إثار جدلا عارما، خاصة أنه يقر العفو عن اللصوص ومتقلي الرشى وزعما وعناصر المافيا والمتحرشين جنسيا بالأطفال والمتهمين في جرائم جنسية، ولكنه يتجاهل السجناء السياسيين وسجناء الرأي والصحفيين والأكاديميين والكتاب الذين ألصق بهم تهمة الإرهاب دون أن يتورطوا في أي أعمال عنف.
موافقة البرلمان جاءت بأغلبية أصوات حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية بـ279 صوتًا مقابل 51 صوتًا رفضوا القانون.
ورفض البرلمان طلب التصويت العلني الذي اقترحته أحزب المعارضة الرئيسية حزب الشعوب الديمقراطي الكردي وحزب الخير القومي وحزب الشعب الجمهوري.
نائب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في مدينة شيرناق، حسين كاتشماز، أوضح أن القانون هو تحدٍ صريح للمطالب السياسية وللمعارضة المجتمعية، مؤكدًا أن القانون لم يراعِ الساسة الأكراد والصحفيين المعارضين والأمهات المعتقلات مع أطفالهن والمرضى بأمراض مزمنة وكذلك الأطفال المعتقلين.
وأشار كاتشماز إلى أن القانون الجديد يضمن العفو عن مرتكبي الجرائم ضد الأطفال والجرائم الجنسية.
أما نائب حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول سازجين تانريكولو، فقد أكد أن القانون لا يتوافق مع الدستور، قائلًا: “المفترض أن يكون -القانون- قابلا للتطبيق بشكل عادل ومتساوٍ. لقد وضعتم قانونا يلبي حاجتكم السياسية، ومناسب للشخصيات الإجرامية. نحن غير راضين عن القانون”.
رئيس حزب عمال تركيا وممثل الحزب في البرلمان عن مدينة إسطنبول، أركان باش، أوضح أن السجون التركية تضم نحو 300 ألف معتقل، وقال: “يبدو أنكم لا تفهمون شيئا عن العدل سوى اسم حزبكم. العدل ليس لازما للقصر وحاشيته وأنصاره فقط، وإنما لازم للجميع. إن المعارضة تسأل: هل سنتركهم يموتون داخل السجون؟ فيرد الحزب الحاكم: فليموتوا”، على حد قوله.
قانون العفو العام
ووفق التعديلات التي تم الموافقة عليها فإن أولئك الذين حُكم عليهم بما مجموعه 10 سنوات ممن وجهت لهم تهم جنائية، سيتاح لهم قضاء باقي فترة العقوبة خارج السجن بعد موافقة قاضي التنفيذ.
وتجاهلت التعديلات تمامًا السجناء السياسيين، وسجناء الرأي، من الصحافيين، والكتاب، والحقوقيين، والأكاديميين، والطلاب، والمعلمين، والمحامين، وغيرهم ممن تلصق بهم تهمة الإرهاب.
القانون الجديد المثير للجدل يستهدف العفو عن نحو 90 ألف معتقل ما بين إطلاق سراح تحت المراقبة وتقليص للعقوبات أو تخفيفها، ومن المقرر بدء العمل به اعتبارًا من 1 سبتمبر/ أيلول المقبل، على أن يتم التطبيق على الأحكام الصادرة حتى هذا التاريخ.
وزير العدل التركي السابق والحقوقي المخضرم، حكمت سامي ترك، كان قد حذر سابقًا من سلبيات الإفراج عن المسجونيين الجنائيين بموجب قانون العفو، مشدًا على ضرورة ضمّ سجناء الرأي إلى المشمولين بالعفو.
وأوضح ترك، أن: “عفو 1999 العام أثار ضجة كبيرة بعدما عاود من غادروا السجن ارتكاب الجرائم وقتل زوجاتهم والتورط في جرائم عنيفة. وهذه الاحتمالية قائمة أيضا في الوضع الحالي”.
قال “هذه القوانين ستسفر في النهاية عن عفو المدانين -بجرائم جنائية-. والواقع يتطلب بعض الاستثناءات من العفو، لكن هذا تعتبره المحكمة الدستورية العليا مخالفا لمبدأ المساواة، مما ينتج عن ذلك الإفراج عن المدانين الذين لا يستسيغهم الضمير المجتمعي”.
إنقاذ المقربين
وحزب الحركة القومية هو صاحب مقترح قانون العفو العام وقدمه إلى البرلمان في 2018، لكن العام الماضي أصدر الرئيس أردوغان تعليمات إلى وزير العدل تنص على رفض إجراء أي تخفيض في مدد حبس المحاكمين بـ 6 عقوبات، وهو ما كان قد طلبه الحزب القومي.
وكان أوغور بويراز، المحامي التركي البارز، قال الشهر الماضي إن حزمة العفو العام التي تدرس حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا تطبيقها، والمنتظر تمريرها من البرلمان ليس الهدف منها إنصاف المظلومين وإنما إنقاذ المتهمين المقربين من السلطة.
وأكد بويراز أن الهدف من حزمة العفو هو إنقاذ المتهمين المقربين من النظام مردفًا، بقوله: “في الأيام الأخيرة هناك أحداث الفساد التي قام بها “الهلال الأحمر”، وهناك من يعاقبون بتهم التهرب الضريبي؛ وسوف يستفيد كل هؤلاء ممن يحاكمون في هذه القضايا من تلك الحزمة عند صدور قانون العفو؛ ولكن من ثبت أنه قام بمساعدة بعض الجمعيات والمؤسسات المعروفة ولو بمبلغ زهيد لن يستفيدوا من تلك الحزمة”.