أنقرة (زمان التركية) – وافق البرلمان التركي بأغلبية أصوات حزب العدالة والتنمية الحاكم وحليفه حزب الحركة القومية، على الجزء الأول من مشروع قانون التعديلات على قوانين العقوبات الذي يقر عفوا عن عدد كبير من السجناء ليس بينهم معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين.
ووفق التعديلات التي تم الموافقة عليها فإن أولئك الذين حُكم عليهم بما مجموعه 10 سنوات من اللصوص وتجار المخدرات والمتهمين في الجرائم الجنسية، وأعضاء عصابات المافيا، وتنظيمات الجريمة المنظمة ممن وجهت لهم تهم جنائية، سيتاح لهم قضاء باقي فترة العقوبة خارج السجن بعد موافقة قاضي التنفيذ.
وتجاهل التعديلات تمامًا السجناء السياسيين، وسجناء الرأي، من االصحافيين، والكتاب، والحقوقيين، والأكاديميين، والطلاب، والمعلمين، والمحامين، وغيرهم ممن تلصق بهم تهمة الإرهاب.
القانون الجديد المثير للجدل يستهدف العفو عن نحو 90 ألف معتقل ما بين إطلاق سراح وتقليص للعقوبات أو تخفيفها، ومن المقرر بدء العمل به اعتبارًا من 1 سبتمبر/ أيلول المقبل، على أن يتم التطبيق على الأحكام الصادرة حتى هذا التاريخ.
وحذر وزير العدل التركي السابق والحقوقي المخضرم، حكمت سامي ترك، من سلبيات الإفراج عن المسجونيين الجنائيين بموجب قانون العفو، مشدًا على ضرورة ضمّ سجناء الرأي إلى المشمولين بالعفو.
وأوضح ترك، أن: “عفو 1999 العام أثار ضجة كبيرة بعدما عاود من غادروا السجن ارتكاب الجرائم وقتل زوجاتهم والتورط في جرائم عنيفة. وهذه الاحتمالية قائمة أيضا في الوضع الحالي”.
قال “هذه القوانين ستسفر في النهاية عن عفو المدانين -بجرائم جنائية-. والواقع يتطلب بعض الاستثناءات من العفو، لكن هذا تعتبره المحكمة الدستورية العليا مخالفا لمبدأ المساواة، مما ينتج عن ذلك الإفراج عن المدانين الذين لا يستسيغهم الضمير المجتمعي”.
البرلماني سزجين تانري كولو، من حزب الشعب الجمهوري المعارض، تسائل قائلا: “ماذا يفعل الصحفيون والمحامون والسياسيون وأعضاء النقابات داخل السجون؟”.
تانري كولو شدد على ضرورة توسيع نطاق التعديلات المقترحة لقوانين العقوبات التي لا يزال البرلمان التركي يناقشها. وأضاف تانري كولو أن هناك مهام تقع على عاتق البرلمان في هذا الصدد قائلا: “سنضع أيادينا على ضمائرنا. يقع على عاتقنا توسيع نطاق هذا القانون ليشمل المعتقلين السياسيين، علينا القيام بما يمليه علينا ضميرنا وعقلنا وفطرتنا. يقع على عاتقنا تحقيق العدالة في تنفيذ العقوبات”.
بينما اتهم جان دوندار، رئيس التحرير السابق لصحيفة “جمهوريت” التركية، في مقال افتتاحي لصحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية، الرئيس التركي رجب أردوغان بمواصلة قمع عشرات الآلاف من السجناء السياسيين في البلاد، عبر التمييز الذي يفرضه قانون العفو على السجناء المنتظر الإفراج عنهم أو تخفيف عقوبتهم.
نقاذ المقربين
وحزب الحركة القومية هو صاحب مقترح قانون العفو العام وقدمه إلى البرلمان في 2018، لكن العام الماضي أصدر الرئيس أردوغان تعليمات إلى وزير العدل تنص على رفض إجراء أي تخفيض في مدد حبس المحاكمين بـ 6 عقوبات، وهو ما كان قد طلبه الحزب القومي.
وكان أوغور بويراز، المحامي التركي البارز، قال الشهر الماضي إن حزمة العفو العام التي تدرس حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا تطبيقها، والمنتظر تمريرها من البرلمان ليس الهدف منها إنصاف المظلومين وإنما إنقاذ المتهمين المقربين من السلطة.
وأكد بويراز أن الهدف من حزمة العفو هو إنقاذ المتهمين المقربين من النظام مردفًا، بقوله: “في الأيام الأخيرة هناك أحداث الفساد التي قام بها “الهلال الأحمر”، وهناك من يعاقبون بتهم التهرب الضريبي؛ وسوف يستفيد كل هؤلاء ممن يحاكمون في هذه القضايا من تلك الحزمة عند صدور قانون العفو؛ ولكن من ثبت أنه قام بمساعدة بعض الجمعيات والمؤسسات المعروفة ولو بمبلغ زهيد لن يستفيدوا من تلك الحزمة”.