أنقرة (زمان التركية) – قالت رئاسة الجمهورية في تركيا إن الرئيس رجب طيب أردوغان رفض استقالة وزير الداخلية سليمان صويلو من منصبه، والتي أعلنها عقب الانتقادات التي طالت إعلان قرار حظر التجوال المفاجئ يوم الجمعة الماضي قبل ساعات من تطبيقه والذي أربك المواطنين ودفعهم إلى الشوارع من أجل تأمين احتياجاتهم قبل سريان الحظر.
رئاسة إدارة الاتصالات التابعة لرئاسة الجمهورية التركية نشرت بيانًا تعليقًا على إعلان صويلو استقالته من منصبه، أوضحت أن الرئيس أردوغان رأى أن الاستقالة غير مناسبة، وجاء في البيان: “لم تتم الموافقة على استقالة وزير داخليتنا، وسيواصل عمله”.
سليمان صويلو كان قد أعلن في بيان كتابي نشره مساء أمس الأحد، عبر تويتر، استقالته من منصبه وزيرًا للداخلية، وتحمله خطأ الإعلان عن القرار في توقيت متأخر، وذلك على خليفة انتشار صور ومقاطع فيديو لتكدس المواطنين أمام الأسواق والمتاجر، فاقم من خطر انتقال العدوى بفيروس كورونا بينهم.
وأوضح صويلو أنه يتحمل المسؤولية كاملة عن هذا القرار وما تبعه من مظاهر لتكدس المواطنين، بالرغم من التحذيرات من الازدحام لتجنب الإصابة بفيروس كورونا.
لكن هذه التصريحات تناقتضت مع تصريحات الوزير السابقة التي أدلى بها على الشاشة التلفزيونية وقال فيها إن أردوغان هو الذي أصدر تعليمات حظر التجوال.
وكشفت وثيقة لوزارة الداخلية التركية أن الحكومة اتخذت قرار حظر التجوال الشامل في 31 مدينة يوم الخميس الماضي، أي قبل يوم من الإعلان عنه بشكل مفاجئ مساء الجمعة وتطبيقه بعدها بساعات.
ولفت التاريخ الوارد في منشور وزارة الداخلية إلى أن القرار تم اتخاذه في التاسع من أبريل/ نيسان الجاري وليس في العاشر من الشهر وهو اليوم الذي أعلن فيه وزير الداخلية القرار.
يشار إلى أن صحفا تركية تحدثت عن أن قرار حظر التجوال أعلن دون علم وزير الصحة وأعضاء اللجنة العلمية لمواجهة فيروس كورونا التابعة لوزارة الصحة، الأمر الذي أدى إلى تقديم عدد من أعضاء اللجنة استقالتهم، إلا أان تدخل وزير الصحة فخر الدين كوجا دفعهم للتراجع عن الاستقالة.
في تعليقه على هذه التطورات في تركيا، قال الكاتب الصحفي أمر الله أوسلو إن الصراع يدور بين أردوغان وصويلو في الواقع، وليس بين صويلو وصهر أردوغان برات ألبيراق، كما يزعم البعض.
وأفاد في مقطع فيديو على قناته في يتيوب أن أردوغان لا يريد أن يرى حوله أي رجل قوي يمكن أن يمثل بديلا عنه، بل هو يفضل أن يكون رجاله ووزراؤه من الضعفاء وهزيلي الأداء، مثل رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم بدلا من أحمد داود أوغلو، وذلك ليسيطر على زمام الأمور بمفرده.
وأضاف: “لكن صويلو سياسي ماكر سعى إلى تقوية مكانته في الحزب والساحة السياسية العامة. وبدأ يضع تشكيلات خاصة تابعة له. فمثلا هناك لجان إلكترونية تابعة له هبت هذه الليلة لتدعو أردوغان عبر الإعلام الاجتماعي إلى رفض استقالته. وقد رفض أردوغان استقالته بالفعل لكن ليس حبا في صويلو بل خوفا من انفصاله وإحداثه شرخا كبيرا في قاعدة حزب العدالة والتنمية. وحظر التجوال المفاجئ ليس إلا ذريعة، فأردوغان منزعج من تحركات صويلو المنفردة منذ زمن طويل ويسعى إلى تجريده من قوته بصورة تدريجية”.
ورجح أوسلو أن أردوغان مع أنه رفض استقالة صيولو خوفا من إحداث انفصالات كبيرة في صفوف الحزب إلا أنه سيتجه في الفترة المقبلة إلى دفع صويلو في مواقف من شأنها أن تسيئ سمعته وتسقطه من عيون القاعدة الشعبية لحزبه والتخلي عنه في نهاية المطاف.
في حين اعتبر المحلل السياسي التركي ورئيس تحرير موقع خبردار سعيد صفا استقالة وزير الداخلية وعودته مرة أخرى من تجليات الصراع بين ما يسمى في تركيا مجموعة البجع / باليكان التابعة لأردوغان وصهره برات ألبايراق ووزير الداخلية الذي يتمتع بعلاقات وطيدة مع كل من حزب الحركة القومية وفريق وزير الداخلية الأسبق محد أغار المثير للجدل وتنظيم أرجنكون / الدولة العميقة.
وأفاد سعيد صفا قبيل رفض أردوغان استقالة الوزير: “مجموعة البجع التابعة لصهر أردوغان برات ألبيراق ينشرون في الإعلام الاجتماعي الادعاء القائل بأن وزير الداخلية سليمان صويلو استقال من منصبه بعلم أردوغان؛ في حين تسوق اللجان الإلكترونية ووسائل الإعام التابعة للوزير المزاعم التي تقول بأن أردوغان لم يقبل استقالة الوزير.. ليلة غريبة بالفعل!”
ثم توقع الكاتب سعيد صفا أن يعود وزير الداخلية إلى منصبه بشكل أقوى مما سبق لفترة مؤقتة، لكنه رجح أن الصراع بينه وبين أردوغان الذي يديره من خلال صهره سوف يشهد زخمًا جديدًا وسيستمر بشكل علني بعد التطورات الأخيرة.