إسطنبول (زمان التركية) – قال الرئيس السابق للمحكمة العليا في تركيا، البروفيسور سامي سلجوق إن تركيا من بين الدول التي تطبق قوانين عقوبات سيئة، وان هذا التوقيت هو المناسب لتطبيق العفو العام عن السجناء في البلاد.
وينظر البرلمان تعديلات أجراها حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية على قوانين تنفيذ العقوبات، ضمن حزمة الإصلاح القضائي الثالثة، لكن التعديلات تواجه انتقادات بسبب استثنائها المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي.
البروفيسور سامي سلجوق أوضح أن تركيا إحدى الدول التي تطبق أسوء قوانين العقوبات حول العالم، قائلًا: “ما يجب القيام به في هذا الأمر واضح. إن بلدنا مر بمحاولة عصيان دموية. وتأثيراته لا تزال موجودة حتى الآن. ونحن في القضاء نشهد ذلك. بلدنا لا يتم فيه أي شيء وفقًا للقانون سواء المرافعات أو التقاضي أو الرقابة. وعند النظر إلى كل ذلك معًا، نجد أنه الآن هو الوقت المناسب لإقرار العفو العام”.
وأشار إلى أنه أجرى زيارات إلى السجون الفرنسية في ستينيات وسبعينيات القرض الماضي، ولاحظ وجود فروق كبيرة بين النظام القضائي في تركيا ونظيره في فرنسا، لافتًا إلى أن السجناء في تركيا يسجنون أكثر من مدد العقوبة المفروضة عليهم خلال فترة الاعتقال الاحترازي والمحاكمة.
ولفت إلى أن السجناء في الدول الغربية عند سؤالهم عن سبب السجن لا تجد من يقول إنه تعرض للافتراء أو الظلم، وإنما يقولون جرائمهم بكل وضوح وصراحة، مشيرًا إلى أن نحو نصف أو ثلثي السجناء الأتراك يقولون إنهم سجنوا نتيجة افتراء وظلم لأسباب سياسية.
وأوضح أن البعض قد يعتقد أن السجناء الأتراك كاذبون في دعوى الافتراء والظلم، ثم عقب قائلا: “هل يعقل أن يكون كل هذا العدد الكبير من السجناء يكذبون؟ ألا يمكن أن يكون بينهم من يقولون الحق؟”.
ومن المقرر أن تناقش اليوم الثلاثاء الجمعية العمومية للبرلمان، حزمة الإصلاح القضائي الثالثة والتي تشمل العفو عن آلاف السجناء بعد تخفيض العقوبات.
التعديلات المقترحة على قوانين العقوبات لتخفيض العقوبة أو العفو تلقى انتقادات كبيرة، من السياسيين والمفكرين والفنانين والصحافيين ومنظمات حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي وعدد كبير من نواب البرلمان، ويطالبون جميعًا بألا يكون هناك عنصرية وتمييز في التخفيض والعفو، وإلا فإن الأمر سيكون قتلًا عمدًا للسجناء السياسيين.
إلا أن حزب العدالة والتنمية الذي يسيطر على الأغلبية في البرلمان ومعه حزب الحركة القومية لا ينصتان لأحد، ولا يباليان بأي انتقادات سواء داخلية أو خارجية.
وحزمة الإصلاح القضائي الجديدة التي تضمنت تعديلات على قوانين العقوبات، تنص على الإفراج أو تخفيض مدة العقوبة للسجناء مع استثناء السياسيين والصحافيين المعتقلين، حيث تستثنى حزمة التعديلات المتهمين بالإرهاب، وهو المصطلح المبهم الذي يطالب الاتحاد الأوروبي بتعديله منذ سنوات.
وفي المقابل سيتاح من خلال حزمة التعديلات الإفراج عن 90 ألف شخص ارتكبوا جرائم عنيفة ضد المجتمع والأفراد كالسرقة والخداع وتزعم عصابات المافيا وتلقي الرشاوى.
وحتى الآن تنص تفاصيل التعديلات التي أجريت على 70 مادة في 11 قانونًا مختلفًا، للإفراج المشروط عن بعض السجناء أو خضوعهم للإقامة الجبرية،
استثناء “المتهمين في جرائم العنف، والمواد المخدرة وجرائم والإرهاب”.
ومن المقرر أن يستفيد من التعديلات نحو 90 ألف سجين، وسيشمل العفو السجناء الذين أتموا 65 عامًا، والأمهات والأطفال في سن 0-6 سنوات، والمرضى غير القادرين على رعاية أنفسهم.
وتوجه للسجناء السياسيين في العادة تهمة دعم “الإرهاب” ما يعني حرمانهم من العفو العام، وفي ظل انتشار وباء كورونا يزداد القلق على وضع الصحفيين والسياسيين مع عدم شمولهم بمقترح تقليل فترة العقوبات، المنتظر طرحه على البرلمان، رغم أنه يشمل السجناء الجنائيين.
إنقاذ المقربين
وحزب الحركة القومية هو صاحب مقترح قانون العفو العام وقدمه إلى البرلمان في 2018، لكن العام الماضي أصدر الرئيس أردوغان تعليمات إلى وزير العدل تنص على رفض إجراء أي تخفيض في مدد حبس المحاكمين بـ 6 عقوبات، وهو ما كان قد طلبه الحزب القومي.
وكان أوغور بويراز، المحامي التركي البارز، قال الشهر الماضي إن حزمة العفو العام التي تدرس حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا تطبيقها، والمنتظر تمريرها من البرلمان ليس الهدف منها إنصاف المظلومين وإنما إنقاذ المتهمين المقربين من السلطة.
وأكد بويراز أن الهدف من حزمة العفو هو إنقاذ المتهمين المقربين من النظام مردفًا، بقوله: “في الأيام الأخيرة هناك أحداث الفساد التي قام بها “الهلال الأحمر”، وهناك من يعاقبون بتهم التهرب الضريبي؛ وسوف يستفيد كل هؤلاء ممن يحاكمون في هذه القضايا من تلك الحزمة عند صدور قانون العفو؛ ولكن من ثبت أنه قام بمساعدة بعض الجمعيات والمؤسسات المعروفة ولو بمبلغ زهيد لن يستفيدوا من تلك الحزمة”.
–