أنقرة (زمان التركية)- يستعد البرلمان التركي لمناقشة مشروع التعديلات التي أجراها حزب العدالة والتنمية على قوانين العقوبات بالتعاون مع حليفه حزب الحركة القومية، ليتيح الإفراج عن المتهمين في جرائم قتل وسرقة واغتصاب ونصب وأعضاء عصابات الجريمة المنظمة، مع استثناء المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي والصحافيين.
مشروع القانون الجديد تمت الموافقة عليه من قبل لجنة العدل التابعة للبرلمان، ليبقى الأمر أمام نواب البرلمان ليقروا اليوم ما إذا كانوا سيقولون نعم على تعديلات لا تنص على الإفراج عن المعتقلين السياسيين والصحافيين ورجال الأعمال وربات المنزل ومودعي الأموال في بنوك معينة، أو سيقررون أن تكتب أسمائهم في قوائم التاريخ بأنهم من أقروا العفو على تجار المخدارات والقتلة وأعضاء المافيا ومرتكبي الجرائم الجنسية ورفضوا الإفراج عن أناس ليس لهم أي ذنب سوى المعارضة أو الاختلاف مع السلطة السياسية الحاكمة.
ومن المقرر أن تناقش الجمعية العمومية للبرلمان، حزمة الإصلاح القضائي الثالثة والتي تشمل العفو عن آلاف السجناء بعد تخفيض العقوبات.
التعديلات المقترحة على قوانين العقوبات لتخفيض العقوبة أو العفو تلقى انتقادات كبيرة، من السياسيين والمفكرين والفنانين والصحافيين ومنظمات حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي وعدد كبير من نواب البرلمان، ويطالبون جميعًا بألا يكون هناك عنصرية وتمييز في التخفيض والعفو، وإلا فإن الأمر سيكون قتلًا عمدًا للسجناء السياسيين.
إلا أن حزب العدالة والتنمية الذي يسيطر على الأغلبية في البرلمان ومعه حزب الحركة القومية لا ينصتان لأحد، ولا يباليان بأي انتقادات سواء داخلية أو خارجية.
بعد الشخصيات السياسية المعروفة مثل الرئيس السابق عبد الله جول، والأحزاب المعارضة، بمن فيها حزب المستقبل بقيادة أحمد داود أوغلو وحزب الديمقراطية والتقدم بزعامة علي باباجان، طالب الرئيس السابق للمحكمة العليا، سامي سلجوك أيضًا بإعلان العفو العام دون استثناء سجناء الرأي قائلا: “إنه الوقت المناسب فعلا من أجل إقرار العفو العام”.
وحزمة الإصلاح القضائي الجديدة التي تضمنت تعديلات على قوانين العقوبات، تنص على الإفراج أو تخفيض مدة العقوبة للسجناء مع استثناء السياسيين والصحافيين المعتقلين، حيث تستثنى حزمة التعديلات المتهمين بالإرهاب، وهو المصطلح المبهم الذي يطالب الاتحاد الأوروبي بتعديله منذ سنوات.
وفي المقابل سيتاح من خلال حزمة التعديلات الإفراج عن 90 ألف شخص ارتكبوا جرائم عنيفة ضد المجتمع والأفراد كالسرقة والخداع وتزعم عصابات المافيا وتلقي الرشاوى.
وحتى الآن تنص تفاصيل التعديلات التي أجريت على 70 مادة في 11 قانونًا مختلفًا، للإفراج المشروط عن بعض السجناء أو خضوعهم للإقامة الجبرية،
استثناء “المتهمين في جرائم العنف، والمواد المخدرة وجرائم والإرهاب”.
ومن المقرر أن يستفيد من التعديلات نحو 90 ألف سجين، وسيشمل العفو السجناء الذين أتموا 65 عامًا، والأمهات والأطفال في سن 0-6 سنوات، والمرضى غير القادرين على رعاية أنفسهم.
وتوجه للسجناء السياسيين في العادة تهمة دعم “الإرهاب” ما يعني حرمانهم من العفو العام، وفي ظل انتشار وباء كورونا يزداد القلق على وضع الصحفيين والسياسيين مع عدم شمولهم بمقترح تقليل فترة العقوبات، المنتظر طرحه على البرلمان، رغم أنه يشمل السجناء الجنائيين.
إنقاذ المقربين
وحزب الحركة القومية هو صاحب مقترح قانون العفو العام وقدمه إلى البرلمان في 2018، لكن العام الماضي أصدر الرئيس أردوغان تعليمات إلى وزير العدل تنص على رفض إجراء أي تخفيض في مدد حبس المحاكمين بـ 6 عقوبات، وهو ما كان قد طلبه الحزب القومي.
وكان أوغور بويراز، المحامي التركي البارز، قال الشهر الماضي إن حزمة العفو العام التي تدرس حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا تطبيقها، والمنتظر تمريرها من البرلمان ليس الهدف منها إنصاف المظلومين وإنما إنقاذ المتهمين المقربين من السلطة.
وأكد بويراز أن الهدف من حزمة العفو هو إنقاذ المتهمين المقربين من النظام مردفًا، بقوله: “في الأيام الأخيرة هناك أحداث الفساد التي قام بها “الهلال الأحمر”، وهناك من يعاقبون بتهم التهرب الضريبي؛ وسوف يستفيد كل هؤلاء ممن يحاكمون في هذه القضايا من تلك الحزمة عند صدور قانون العفو؛ ولكن من ثبت أنه قام بمساعدة بعض الجمعيات والمؤسسات المعروفة ولو بمبلغ زهيد لن يستفيدوا من تلك الحزمة”.