أنقرة (زمان التركية) – تتزايد بمرور الوقت المخاوف المتعلقة بالوضع الصحي للمعتقلين في سجون تركيا عقب تسجيل آلاف الإصابات بفيروس كورونا المستجد.
ويزداد القلق على وضع سجناء الرأي مع عدم شمول مقترح تقليل فترة العقوبات، المنتظر طرحه على البرلمان، الصحفيين المعتقلين، رغم أنه يشمل السجناء الجنائيين.
مبادرة “هل تعلم” التي انطلقت بهدف إخلاء سبيل الصحفيين المعتقلين، دعت إلى التضامن مع معتقلي الرأي، مفيدة أن المعتقلين في السجون بلا حماية وبلا وقاية ضد فيروس كورونا ولم يتم إدراجهم ضمن من ستخفف عنهم العقوبات.
وأوضحت في بيان مصوربخصوص الصحفيين المعتقلين، أن الوقت ينفد وأن الفيروس يواصل الانتشار، مشددة على ضرورة تضافر الجهود من أجل حماية المعتقلين بسبب آرائهم وأفكارهم.
هذا وأشارت المبادرة في بيانها إلى أن الأسبوع القادم سيشهد تحديد البرلمان من من السجناء سيتم العفو عنهم، مفيدة أن مسودة القانون لا تتضمن الصحفيين وأنه يتوجب ضمان إدراج الصحفيين ضمن التعديلات الجديدة.
ولجأت تركيا إلى تسريع مناقشة التعديلات على مدة العقوبة لإخلاء السجون من أكبر عدد من المعتقلين خوفا من انتشار فيروس كورونا.
ونصت التعديلات على خفض شرط العفو المبكر على سجناء جرائم العنف الجنسي وتجارة المخدرات ليتم تفعيله على من قضوا 65 في المئة من عقوبتهم عوضا عن نسبة 75 في المئة التي يتم العمل بها حاليا، فيما لا يبدو أن السجناء السياسيين والذين توجه لهم في العادة تهمة دعم “الإرهاب” سيشملهم العفو.
كما سيستفيد بعض السجناء الذين ستثبت التقارير الطبية أن الأوضاع في السجن تهدد حياتهم بسبب مرض عنيف أو إعاقة من تعديل يسمح باستكمال عقوبة السجن في المنزل، وهؤلاء من الذين حكم عليهم بعقوبة السجن لمدة خمس سنوات أو أقل بعض الشيء أو السجناء الذين تحولت عقوبتهم إلى السجن أثناء قضائهم فترة عقوبة الغرامة المالية.
ووفق تقرير لجنة حماية الصحفيين الأخير يبلغ عدد الصحفيين المعتقلين في تركيا حاليًا 68 صحفياً كثاني أكثر دولة سجنا للصحفين في العالم بعد الصين. لكن تقارير أخرى تقول إن العدد أكبر حيث أن هناك صحفيين معتقلين غير مقيديين رسميا ووجهت لهم الحكومة تهما جنائية.
وصدرت مناشدات عدة من برلمانيين وحقوقيين بضرورة الإفراج عن المعتقلين في تركيا لمنع إصابتهم بفيروس كورونا الآخذ في الانتشار، وتحول السجون إلى بؤرة لانتشار المرض.
وفي ظل انتشار وباء كورونا في تركيا وتسجيل أكثر 7000 إصابة، باتت السجون التي يتجاوز عدد السجناء بداخلها طاقتها الاستيعابية أحد الأماكن التي يُتخوف من عدم السيطرة على انتشار الفيروس بداخلها.
ودعا رئيس حزب السعادة الإسلامي في تركيا، تمل كرم الله أوغلو، إلى تحقيق المطالب المجتمعية من الإصلاح القضائي في تركيا، في ظل أنباء عن عدم شمول “العفو العام” المعتقلين السياسيين.
كرم الله أوغلو أوضح في تغريدة عبر تويتر، أن السجون التركية تضم 292 ألف سجين بالرغم من أن طاقتها الاستيعابية 213 ألفًا فقط، مؤكدًا أن “الهدف النهائي لا يجب أن يكون تفريغ السجون فقط، وإنما يجب أن يكون تحقيق المطالب المجتمعية”.
وكان مقرر تركيا في البرلمان الأوروبي، ناتشو سانشيز أمور، وجه دعوة إلى السلطات التركية لإخلاء سبيل المئات من معتقلي الرأي والحقوقيون والكتاب والصحفيين، في إطار العفو العام المنتظر تطبيقه. وأكد كرم الله أوغلو على “ضرورة ألا يخالف قانون العفو مبادئ المساواة المنصوص عليها في دستور الدولة”.
وأشار ناتشو إلى حديث بعض وسائل الإعلام عن تخطيط الحكومة التركية لإعلان عفو عام على العديد من السجناء، ضمن الحزمة الإصلاحية القضائية، مفيدا أن الوقت قد حان لإخلاء تركيا سبيل المئات من الصحفيين والأكاديميين والحقوقيين والمحامين المعتقلين.
النائب المعارض جيهانجير إسلام، المستقيل مؤخرا من حزب السعادة التركي، حذر أيضا من أن فيروس كورونا قد ينتشر بين المعتقلين والمسجونين بسرعة كبيرة، مع استمرار انتشاره في الشارع التركي بوتيرة كبيرة.
قال جيهانجير إسلام: “يجب أن يخضع المعتقلون إلى معاملة مختلفة في مواجهة هذا التهديد الخطير، بموجب مبدأ احترام حقوق الإنسان. هناك من هم مصابون بالسرطان، ومن هم يعانون من أمراض مزمنة، ومن هم في سن أكثر من 40 عاما، كذلك يوجد داخل السجون الحوامل، والأطفال، وهناك من لا يجب محاكمتهم. يجب الإفراج بشكل عاجل عمن لا يوجد خطر من هروبهم”.
وفي السياق المطالبة بالإفراج عن المعتقلين، دعا النائب عمرو فاروق جرجرلي أوغلو، في وقت سابق إلى إرجاء تنفيذ جميع أحكام الاعتقال في تركيا.
جرجرلي أوغلو قال: “في إيران تم إخلاء سبيل 70 ألف معتقل وفي البحرين تم إخلاء سبيل نحو ألف و500 شخص كانوا يقبعون داخل السجون. على تركيا أن تحذو حذوهما أيضا”.
وأضاف النائب وعضو لجنة تقصي حقوق الإنسان بالبرلمان: “يجب التفكير أولا في إخلاء سبيل ممن ترتفع احتمالات إصابتهم بالفيروس وهم كبار السن والأمهات بأطفالهن والمرضى. يمكن محاكمة هؤلاء الأشخاص من خارج القضبان على أية حال. يمكن إرجاء محاكمتهم لنحو عام على الأقل في ظل هذه الأوضاع”.
إنقاذ المقربين
وكان أوغور بويراز، المحامي التركي البارز، قال الشهر الماضي إن حزمة العفو العام التي تدرس حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا تطبيقها، والمنتظر تمريرها من البرلمان ليس الهدف منها إنصاف المظلومين وإنما إنقاذ المتهمين المقربين من السلطة.
وحزب الحركة القومية هو صاحب مقترح قانون العفو العام وقدمه إلى البرلمان في 2018، لكن العام الماضي أصدر الرئيس أردوغان تعليمات إلى وزير العدل تنص على رفض إجراء أي تخفيض في مدد حبس المحاكمين بـ 6 عقوبات، وهو ما كان قد طلبه الحزب القومي.
وأكد بويراز أن الهدف من حزمة العفو هو إنقاذ المتهمين المقربين من النظام مردفًا، بقوله: “في الأيام الأخيرة هناك أحداث الفساد التي قام بها “الهلال الأحمر”، وهناك من يعاقبون بتهم التهرب الضريبي؛ وسوف يستفيد كل هؤلاء ممن يحاكمون في هذه القضايا من تلك الحزمة عند صدور قانون العفو؛ ولكن من ثبت أنه قام بمساعدة بعض الجمعيات والمؤسسات المعروفة ولو بمبلغ زهيد لن يستفيدوا من تلك الحزمة”.
وكان مجلس أوروبا طالب الحكومة التركية بتقديم قائمة تفصيلية ومعلومات إحصائية حول الدعاوى القضائية المرفوعة في إطار حرية التعبير وكذلك الأحكام الصادرة في هذا الصدد.
لجنة وزراء مجلس أوروبا طالبت تركيا باعتبارها عضوا في المجلس، بإعادة النظر في المادة 301 من قانون العقوبات، التي تنظم حرية التعبير، بشكل عاجل، في ضوء معايير القانون العالمية.
وأكدت لجنة وزراء مجلس أوروبا أن مدعي العموم والقضاة في تركيا يواصلون تطبيق قانون العقوبات دون الأخذ بنظر الاعتبار مبدأ حرية التفكير والتعبير.
–