أنقرة (زمان التركية)ــ أعلنت روسيا وتركيا الاتفاق على تفاصيل “اتفاق موسكو” الأخير بشأن إدلب شمال سوريا، والذي توصل إليه الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب أردوغان، بعد تعرض قوات الجيش التركي في سوريا لخسائر بشرية ومحاصرة نقاط مراقبته.
وزارة الدفاع الروسية، قالت اليوم السبت إن المفاوضات العسكرية مع تركيا حول إدلب السورية كانت “بناءة”، وأن نتائجها تتيح تطبيق كل الاتفاقات بين الطرفين.
وجاء في بيان صدر صباح اليوم: “جرت المفاوضات في أنقرة مع الشركاء الأتراك في أجواء بناءة. وستسمح نتائجها بتطبيق كل الاتفاقات الخاصة بمنطقة إدلب لخفض التصعيد والتي تم التوصل إليها بين الرئيسين الروسي والتركي يوم 5 مارس في موسكو”.
الدفاع الروسية أعلنت أنه “سيتم غدا، في 15 مارس، تسيير أول دورية روسية تركية مشتركة في الطريق M4″، بموجب هذه الاتفاقات.
وبعد ما كان أردوغان يهدد بمواجهة عسكرية مع الجيش الحكومي السوري إذا لم ينسحب من منطقة خفض التصعيد، توصل خلال لقاء موسكو في الخامس من الشهر الجاري مع الرئيس فلاديمير بوتين إلى اتفاق لم تعلن كل بنوده، نص على وقف إطلاق النار في إدلب، وإنشاء ممرا آمنا بطول 6 كم إلى شمال وجنوب الطريق “M4” في سوريا، ووصفت عدة أطراف هذا الاتفاق بأنه غامض وهش.
وأمس قال متحدث باسم وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إن المفاوضات العسكرية التي استضافتها أنقرة تكللت بالتوقيع على اتفاق حول بنود وقف إطلاق النار في إدلب، ينص على تسيير دوريات مشتركة يوم 15 مارس على طول الجانب المحدد للطريق “M4” الدولي وإنشاء مراكز تنسيق بين الجانبين لمراقبة سير الهدنة.
وقال مسؤول أمني تركي إن مراكز المراقبة التركية في منطقة إدلب السورية باقية في مواقعها، رغم محاصرتها من قوات الجيش السوري.
اتفاق موسكو يخدم تركيا في وقف تدفق المهاجرين ومنع سقوط المزيد من القتلى من الجنود الأتراك، لكنه يعزز أيضا المكاسب الأخيرة التي حققتها القوات الحكومية السورية بينما لا تزال نقاط المراقبة التركية محاصرة.
وقتل 59 جنديا تركيا في اشتباكات بالمنطقة منذ الشهر الماضي لكن وقف إطلاق النار صامد إلى حد كبير منذ الخامس من مارس آذار.
لكن يبدو أن اتفاق موسكو لا يرضي السوريين في إدلب إذا تجمهر محتجين أمس الجمعة على طريق “M4” ونصبوا خيام اعتصام معلنين رفضهم تسيير للدوريات التركية الروسية المرتقبة. وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبموجب الاتفاق سيحرم أهالي إدلب من العودة لبلداتهم التي وصل إليها الجيش الحكومي في إدلب، خوفا من اعتقالهم باعتبارهم معارضين، كما يمنح الاتفاق جنوب طريق M4 للروس ما يعني منحه للنظام السوري امسيطر مؤخرا على اتفاق M5.
وفي وقت سابق الجمعة، عملت قوات النظام على إزالة السواتر الترابية ضمن المناطق الخاضعة لسيطرتها بريف اللاذقية والواقعة على طريق حلب – اللاذقية الدولي M4، وذلك تمهيداً للدوريات المشتركة بين القوات الروسية ونظيرتها التركية.
وقال مسؤول أمني تركي ”لا توجد خلافات بشأن مراكز المراقبة. ولا انتهاكات أيضا (لوقف إطلاق النار) ضد مراكز المراقبة.. مراكز المراقبة ستستمر في أداء واجباتها“ مضيفا أنه لن يتم سحب أسلحة ثقيلة أو معدات من هناك.
وقال المسؤول التركي أيضا يوم الجمعة إنه سيكون هناك ”تدخل ضروري“ ضد الجماعات التي تعمل على انتهاك وقف إطلاق النار.
ويتفاوض وفد روسي في أنقرة منذ يوم الثلاثاء مع آخر تركي حول تفاصيل اتفاق موسكو.
وقال الرئيس رجب طيب أردوغان يوم الأربعاء إن تركيا لن تكتفي بالرد المماثل على أصغر هجوم قد تتعرض له نقاط المراقبة التركية بسوريا، بل سترد بقوة أكبر.
وأكد أن إنهاء الأزمة السورية “يكمن في إيجاد حل دائم يضمن وحدة أراضي هذا البلد، وعلى المجتمع الدولي بذل المزيد من الجهود في هذا الخصوص”.
وفيما يخص القوات الكردية، قال أردوغان: “لا يمكن طمس وإخفاء الحقائق من خلال إطلاق اسم قسد أو ي ب ك على منظمة بي كا كا الإرهابية” في إشارة انتماء العناصر الكردية المسلحة لحزب العمال الكردستاني.
أردوغان خاطب النظام السوري في موقف نادر قائلا: “أدعو النظام السوري وداعميه إلى تحرير ثلث سوريا من احتلال تنظيم ي ب ك/ بي كاكا الإرهابي، وعندما تتمكنون من ذلك، فإن حل الازمة القائمة في إدلب وباقي المناطق سيكون سهلا”.
وسائل الإعلام الإيرانية وصفت الاتفاق بين تركيا وروسيا بأنه مؤقت، وأن الجيش السوري لن يلتزم به طويلا.
صحيفة “تسنيم ” وصفت في مقال نشر يوم الجمعة الاتفاق بغير المستقر، وأن “أردوغان الذي لم يستطع تحقيق إنجاز كبير كان راضيًا عن الاتفاقية”. كما يؤكد المقال على أنه “وفقًا للاتفاق، فإن قوات النظام السوري لن تتراجع خلف نقاط المراقبة التركية”.
وتناول موقع ” تابناك نيوز” الاتفاق بشكل متشائم مثل وسائل الإعلام الأخرى، وذكر: “أن اتفاق وقف إطلاق النار بين بوتين وأردوغان، يتطلب أولًا وقبل كل شيء، الحفاظ على الوضع الراهن. وهذا يعني إبقاء جيش النظام في المناطق التي استولى عليها”.
أما موقع “Islamic World News”، فقد اعتبر الاتفاق مقدمة لتحرير طريقي M4 و M5 من قبل جيش النظام. وتابع: الاتفاق بالتأكيد مؤقّت ولن يستمر بثبات.
كما جادل التقرير بأنه “في نهاية الربيع المقبل أو أوائل الصيف المقبل، ستنتهك قوات الأسد وقف إطلاق النار وتبدأ عملية تحرير إدلب، مباشرة بعد توفير الخدمات اللوجستية والقوى العاملة اللازمة”.