تقرير: محمد عبيد الله
إسطنبول (زمان التركية) – أكد الكاتب الصحفي التركي المخضرم فهمي كورو أنه لا يجد تفسيرًا منطقيًّا لتفضيل حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان “الحرب” مع سوريا في ظل إمكانية تطبيق الدبلوماسية الرادعة.
جاء ذلك في مقال تحليلي نشره كورو اليوم الاثنين في موقعه الإلكتروني تحت عنوان “من نقاتل في سوريا؟”، حيث تطرق فيه إلى أزمتين اثنتين عاشتهما تركيا مع جارتها الحدودية سوريا، إحداهما في 1957 والأخرى في 1998، لكنها نجحت في التغلب عليهما بفضل ما سماه “الدبلوماسية الرادعة”.
فهمي كورو، الذي يتابع السياسة الداخلية والخارجية في تركيا منذ نحو نصف قرن من الزمن بمقالاته التحليلية، قال إن المسؤولين الحكوميين يجيبون على سؤال “من نقاتل في سوريا؟” بأنهم لا يقاتلون روسيا في سوريا إطلاقًا، مشيرًا إلى أن هذه الإجابة تعني أن تركيا تحارب النظام السوري، لكنها تنطوي على إشكالية.
وأفاد الكاتب أن هذه الإشكالية تتمثل في أن سوريا ليست دولة قوية مقارنة بتركيا حتى تعجز الأخيرة عن التصدي لها، بل إنه شدد على أن تركيا بمقدورها تجاوز هذه الأزمة بسهولة حتى ولو كانت روسيا تساند بكل ثقلها بشار الأسد.
واستشهد الكاتب على أطروحته بمثالين من تاريخ العلاقات بين أنقرة ودمشق قائلاً: “في عام 1957 حيث كانت الحرب الباردة على أشدها، خضعت الحكومة السورية لمطالب حكومة الحزب الديمقراطي برئاسة عدنان مندريس عندما حشدت قواتها العسكرية على الحدود السورية، على الرغم من أن سوريا كانت تحظى بدعم كل من الاتحاد السوفيتي وأعضاء حلف وارسو”.
ولفت الكاتب إلى أن تركيا طبقت في ذلك الوقت إستراتيجية “التصعيد المحدود” لحل أزمتها مع سوريا بشكل سلمي، من خلال المبادرات والمناورات العسكرية الرادعة التي لم تتضمن استخدام العنف، بعدما حصلت على دعم كل من واشنطن ولندن.
ثم أعاد الكاتب للأذهان الأزمة الأخرى التي اندلعت بين البلدين في عام 1998 بسبب مبادرة النظام السوري إلى إيواء ودعم زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، معقبًا بقوله: “كان أعضاء مجلس الأمن القومي تناول الدعم السوري لحزب العمال الكردستاني في 24 يوليو 1998 وقرروا ممارسة مزيد من الضغوطات على الرئيس السوري في ذلك الوقت حافظ بشار الأسد، وثم أوصلوا الأمر إلى التهديد بالحرب. كما أن رئيس الجمهورية في تلك الفترة سليمان دميرال أعلن أنهم يحتفظون بحق الرد على النظام السوري الثابت على موقفه العدائي الداعم للعمال الكردستاني رغم كل التحذيرات السلمية، وأن صبرهم على وشك النفاد في حال إصراره على هذا الموقف”.
ونوه فهمي كورو الذي سبق أن كتب في عدد من الصحف المحسوبة على نظام أردوغان، مثل “يني شفق” و”ستار”، أن حافظ الأسد اضطر في نهاية الأمر بعد هذه الضغوط إلى طرد زعيم العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في إطار “اتفاقية أضنة” التي وقع عليها الطرفان، الاتفاقية التي يتذرع بها اليوم أردوغان لتدخلاته على الأراضي السورية.
علق الكاتب بعد ذلك قائلاً: “مهما كان النظام الحاكم في دمشق، ومهما كانت الدولة التي تدعمه قوية، فإنه لن يستطيع الوقوف في وجه الدبلوماسية التركية الرادعة ولن يمنع أنقرة من تحقيق النتائج التي ترغب فيها، خاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنه فقد سيطرته على كثير من أراضيه بعد اندلاع الحرب الأهلية في 2011 وتعرض جيشه لضعف كبير”.
يذكر أن محللين يؤكدون أن الرئيس أردوغان يوظف حروبه الخارجية في استمرار نظامه بالقمع، وإسكات أحزاب المعارضة والتستر على المشاكل التي تعاني منها البلاد وتأجيل تلبية مطالب المواطنين الاقتصادية والقانونية.
–