القاهرة (زمان التركية)ــ قال خبراء إن ممارسات تركيا للتنقيب عن الغاز في المناطق الاقتصادية الخالصة لجزيرة قبرص، تزعزع الاستقرار بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، مشددين على ضرورة تبنى مصر سياسات تردع الجانب التركي عن العبث بأمن المنطقة.
جاء ذلك في مائدة مستديرة عقدها الأربعاء، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في القاهرة، بعنوان «غاز شرق المتوسط أنماط الصراع وفرص التعاون الإقليمي».
افتتحت المائدة بكلمة أيمن عبدالوهاب نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بكلمة شدد فيها على أهمية موضوع غاز المتوسط، خاصة أنه ملف يتقاطع من ملفات عدة مثل الأزمة الليبية والصراع الممتد بين تركيا وقبرص واليونان، وأنبه أن الصراع في المنطقة سوف يكون حول النفط والغاز. وفق صحيفة (المصري اليوم).
وأدار المائدة أحمد قنديل رئيس برنامج الطاقة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مفندا للموقف المصري من ملف غاز شرق المتوسط ينطلق من ركيزة وهي أن مصر لديها هدف استراتيجي في أن تصبح مركزا إقليميا للطاقة سواء فيما يتعلق بتجارة وتصدير الغاز الطبيعي المكتشف في شرق المتوسط أو فيما يتعلق بالربط الكهربائي مع دول الجوار في افريقيا وآسيا وأوروبا أو فيما يتعلق بإنشاء صناعات جديدة ترتبط بالطاقة في منطقة خليج السويس.
وذكر قنديل أن نجاح مصر في إقامة نظام تعاون إقليمي في مجال الطاقة يمكن يجلب لمصر مليارات الدولارات سنويا كما يمكن أن يوفر العديد من فرص العمل للشباب المصري كما يمكن أن يزيد من مكانة وتأثير مصر إقليميا وعالميا، خاصة وأن مصر لديها البنية التحتية المؤهلة لجعلها مركز لتصدير الغاز إلى أوروبا، من خلال امتلاكها لمحطات إسالة الغاز في دمياط وإدكو، الأمر الذي لا تمتلكه الدول المجاورة المشاطئة لمصر في البحر المتوسط كإسرائيل وقبرص.
وأشار إلى أن اكتشافات الغاز في شرق المتوسط ليست بحديثة بل يرجع تاريخها إلى عام 2009، مضيفا أنه وفق أخر التقديرات فإن احتياطي الغاز بتلك المنطقة تحوي 69 تريليون متر مكعب، لافت إلى أنها تعد فرصة اقتصادية هائلة لدول الإقليم، حيث أن عوائد تصدير هذا الاحتياطي تقدر بين 750 مليار دولار إلى 3 تريليون دولار.
و لفت قنديل إلى أن تحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة لا يمكن أن يتحقق دون الحوار وبناء الثقة مع دول الجوار، فالحوار مطلوب لتعميق الفهم الخاص بالابعاد التجارية والمالية والفنية والأمنية والعسكرية وغيرها
وحذر قنديل من خطوة الممارسات التركية في إقليم شرق المتوسط، والتي تزعزع الاستقرار في المنطقة، وذلك عبر التنقيب عن الغاز في المناطق الاقتصادية الخالصة لقبرص، وكان اخر تلك الممارسات هي توقيع تركيا لمذكرتين تفاهم مع حكومة الوفاق الليبية بموجبها تم ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين.
و اختتم كلمته قائلا إن الحوار مطلوب بشأن الإجراءات المطلوب اتخاذها لردع انقرة عن زعزعة الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط، وهل هناك فرص لفتح قنوات الحوار والتفاعل مع دوائر تركية لا تتفق مع توجهات القيادة التركية الحالية.
وتناول اللواء أركان حرب، وائل ربيع، مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بأكاديمية ناصر، الأبعاد الدولية لملف غاز المتوسط، لافتًُا إلى أن الموقف الأوروبي من مصلحته دعم استقرار منطقة شرق المتوسط، لتقليل الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي، وتطوير سوق الطاقة، لافتا إلى أن الموقف الأمريكي يأتي داعم لاستقرار منطقة شرق المتوسط لتحجيم النفوذ الروسي، مشيرا إلى أن الكونجرس الأمريكي أصدر قانون شراكة الطاقة والأمن لشرق المتوسط لعام 2019، لدعم الشراكة مع إسرائيل واليونان وقبرص.
وفيما يخص الشق القانوني للموقف التركي أشار ربيع أن الموقف التركي قانونيا ضعيف فمن جانب تركيا لم توقع على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 وهي الاتفاقية التي يبنى عليها قواعد ترسيم الحدود البحرية، وأنها تشرعن موقفها عبر ابرام مذكرة التفاهم مع حكومة السراج في ليبيا وهي حكومة مشكوك في شرعيتها، وإلى اتفاقيات مع قبرص الشمالية الدولة التي لا يعترف بها أحد في العالم، لافت إلى أن السلوك التركي يهدد المصالح المصرية.
وفيما يخص الدوافع الاقتصادية لتركيا قال حسين سليمان الباحث الاقتصادي في مركز الأهرام ومدير تحرير مجلة شؤون تركية أن الموقف التركي ينطلق من محددين أولها عجز الطاقة المزمن للدولة التركية في مجال الطاقة لافت إلى أن تركيا تستورد 75% من احتياجاتها من الطاقة، وبتالي في مدفوعة بحركاتها إلى البحث عن مصادر جديدة للطاقة، ولفت أن الاقتصاد التركي يعاني من تراجع في الفترة الأخيرة، مشيرا أن عملية استيراد الطاقة ستكون مكلفة بالنسبة للاقتصاد التركي وبالتالي يسعى لمصادر محلية للطاقة، لتجاوز العجز في الحساب الجاري لافت إلى أن تركيا منذ 2001 لم تحقق فائض في الحساب الجاري.
بينما أكد اللواء أركان حرب نصر سالم ضرورة تبنى مصر لسياسات تردع الجانب التركي عن العبث بأمن المنطقة، لافتا إلى أن شراء مصر للأسلحة يعد من وسائل الردع ومشيدا بمناورات التي أجرتها البحرية المصرية في البحر المتوسط في ديسمبر الماضي في اعقاب توقيع السراج واردوغان لمذكرتي التفاهم، والتي تعد أكبر مناورات بحرية مصرية روسية في البحر المتوسط، لافت إلى أن تلك الوسائل هامة لإيصال رسائل للطرف الأخر لردعة عن العبث بأمن المنطقة.
من جانبه، قال محمد السيد إدريس الخبير في مركز الأهرام أن اردوغان في تركيا ظاهرة مؤقتة، ستتجاوزها تركية خاصة مع ضعف شعبيته في تركيا وتخلي مؤيديه عنه، وأن مصر أزمتها ليست مع الشعب التركي أو المؤسسات التركية لكن مع سياسة أردوغان التصادمية، ومساهمته لزعزعة استقرار المنطقة، مضيفا أن تركيا جغرافيا جزء من البحر المتوسط حيث لديها أكبر حدود بحرية على المتوسط.
ويرى بشير عبدالفتاح، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن جهود مصر لتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط تعد خطوة في الاتجاه الصحيح لتعزيز التعاون بين الدول في مجال الطاقة، لكنه أعرب عن شكوكه في أن يؤدي هذا المنتدى إلى تأسيس نظام إقليمي فرعي في المنطقة على غرار الجماعة الأوروبية للفحم والصلب التي تأسست عام 1952 والتي كانت نواة الاتحاد الأوروبي، خاصة أن الدول العضوة في المنتدى بها صراعات ممتدة لا يمكن تجاوزها.
وتضم عضوية المنتدى الذي تأسس في يناير 2019 كلا من مصر وإسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية.
–