بقلم: أ.د. صلاح سليمان
الأسكندرية (زمان التركية) – قرأت بتمهل شديد ما نقل في التقرير السابق عن ذلك التحليل وتلك الرؤية الذين ذكرهما الكاتب والصحفي التركي الأستاذ سعيد صفا حول تقييمه لما يحدث الآن على الساحة التركية وذلك الصراع الخفي الذي على وشك الإفصاح عنه كمقدمات بركان ستتطاير حممه قذائفَ بين متصارعي اليوم والذين بالأمس كانوا أخلاء.
إن أفضل وصف وأدق تعبير لما يجري في تركيا الآن هو أنه ليس إلا صورة من عراك اللصوص وشجارهم عندما حان وقت اقتسام المسروق.
من الأسف أن المسروق هو في هذه الحالة دولة كاملة وهي تركيا وشعبها الذي قبع تحت الجور تارة يبعده عن دينه وتارة يفصل له دين جديد.
ويذكرني المشهد بما كان يجري وكاد يحدث في مصر عقب خروج الناس بعفوية مطالبين بالتغيير في أول عام 2011، فإذا بالمنتفعين من الداخل وأولئك الذين يأتمرون بأوامر الخارج يتلقفون الفرصة التي كانوا يعدون لها تحت الأرض للاستيلاء على وطن، على مصر، تارة برفع شعار ديموقراطية بلا هوية، وتارة بشعار دين يصيحون باسمه كديوك تصيح، وكلاهما لا يسعى إلا إلى امتلاك كل بيت الدجاج ليسرق البيض كله. وكادت مصر تنزلق في سرداب بدون قرار إلي أن يهلك بعضه بعضًا، لولا وحدة نسيجها الاجتماعي معرفة الشعب من تآمر ليركبه فلفظه بركلة واحدة.
أثق تمامًا أن أهلنا الطيبين في تركيا سيكتشفون حقيقة من يطلب الخلافة باسم إسلام لا يعرف عنه ولا يمارس منه إلا الاستحواذ على الإمارة والاستخلاف فراحوا يحاربون رجلا نذر نفسه وعافيته وحياته لبناء جيل جديد يؤمن بقيم إنسانية سامية.. جيل يؤمن بمسئولية حمل الأمانة، جيل ينبت جسده من الإخلاص وحب إتقان العمل.. جيل لا يعرف إلا الصدق والوفاء بالعهد والالتزام بالوعد.
رجل يعلم أن تربية هذا الجيل الذي يأمل فيه سيأخذ عقودًا إلى أن يمتلئ الوطن به فيكونون كلهم خدامًا لوطنهم ويكون سيدهم خادمهم، ويؤمن بأن هذا التغيير في حاجة لوقت قد لا يتسع له عمره هو، فأراد أن يبذر البذرة ويرعاها بروحه إلى أن تعود إلى بارئها.
وسنرى بإرادة الله ذلك اليوم الذي يقتل اللصوص بعضهم ووسيعود المسروق إلى صاحبه.
أ.د. صلاح سليمان
كلية الزراعة جامعة الإسكندرية
__