بقلم: ماهر المهدي
(زمان التركية) -كان من اليسير أن يلمح المرء بعضا من أفراد أجانب مسلحين هنا وهناك دون كثرة أو ضحيج. كأن مطار بغداد أغشى قطعة من الحزن والظلام والحداد.
فحملت حقائبي وسرت إلى مخرج المطار متمثلا، بينما أعالج التليفون المحمول الخاص بي لعلي أستطيع الاتصال بأصدقائي الذين أتوقع أنهم ينتظرونني في المطار. فلما اتصلت على أصدقائي الأعزاء، قالوا بهدوء غريب: خذ تكسيا من عند المطار وجد طريقك إلينا في العنوان التالي … استغربت قليلا لعدم انتظار أحد، ولكني لم أفكر طويلا، فخطوت إلى خارج المطار ونظرت يمنة ويسرى، فرأيت عددا من سيارات التاكسي ذات اللونين الأصفر والأسود . ولم أحتج إلى التحدث، فقد أسرع شاب بالتقدم إلى عارضا خدماته مبتسما مهذبا وفقبلت من فوري وساعدني الشاب على حمل حقائبي القليلة إلى سيارته، أخذت مقعدي في السيارة وأنا أتلو على السائق الشاب ما ألقى إلى من عنوان لأصدقائي، فلم يجادلني السائق في شىء وانطلق فورا إلى حيث أمرته ، وأنا أتابع الطريق بشغف وحب استطلاع. فقد كنت أتساءل في نفسي عما يكون عليه العراق من حال في ذلك الوقت، بعدما مر به من حداق كثيرة، كان أكبرها الغزو الأمريكي في عام 2003.
للوهلة الأولى لم يكن هناك الكثير لأرى، فلم أكن قد رأيت العراق من قبل، حتى أميز فرقا أو أتساءل عن حال مكان أو بناية كانت هنا أو هناك. ولكنني لاحظت صمت الشوارع، كأنها تقف في كبرياء في مظاهرة اعتراض صامتة. كما لاحظت أن السائق لم يهتم بسؤالي عن حنسيتي ولا عن أسباب مجيئي إلى العراق، بل عكف على قيادة السيارة بحيرة وثقة حتى وصلت إلى العنوان المقصود، ساعدني في إنزال حقائبي ، وسألته عن أجرة التاكسي فأخبرني بالقيمة بالدينار العراقي فكانت مثلما توقع أصدقائي ولم يبالغ السائق في شىء، فسددت أجرة التاكسي بالدولار الأمريكي، وتركني السائق سعيدا.
وقفت لبرهة أتأمل المكان حيث سكن أصدقائي . كان البيت في شارع جانبي تقسامت وجهه الحواجز الإسمنتية المتبادلة التي تعيق حركة السيارات لتكون بطيئة وفي شكل متعرج يسمح ربما للحراسات الأمنية أن تنتبه إلى السيارة القادمة وتتعامل معها. وقد تراص عدد من المدنيبن حاملي السلاح هنا وهناك فحيوني ورددت تحيتهم مبتسما في ود، بينما كنت أطرق باب البيت.