بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية) – “إننا ندين الإرهابيين والمتطرفين العنيفين الذين يستهدفون الأقليات الدينية، سواء كانوا اليزيدين في العراق أو الهندوس في باكستان أو المسيحيين في شمال نيجيريا أو المسلمين في بورما”
كانت هذه الكلمات من بين ما قاله وزير الخارجية الأمريكي مايكل بومبيو خلال الاجتماع الذي تم في الخامس من فبراير الجاري 2020 في مقر وزارة الخارجية بواشنطن، إثر إعلانه عن التأسيس الرسمي لهذا لتحالف.
وقد انضمت لهذا التحالف سبعة وعشرون دولة من دول العالم.
وفكرة هذا التحالف هي بذل الجهود من قبل الدول الأعضاء لحماية أفراد الأقليات الدينية ومكافحة التمييز والاضطهاد القائمين على أساس الدين أو المعتقد.
ويهدف التحالف إلى جمع كبار ممثلي الحكومات لمناقشة الإجراءات التي يمكن أن تتخذها دولهم لحماية أفراد مجموعات الأقليات الدينية في مختلف دول العالم ودعم مبدأ حرية الدين والاعتقاد.
والالتزام بهذا الهدف من قبل الدول الأعضاء يكون بموجب القانون الدولي، حيث إن الحرية الدينية باعتبارها أحد حقوق الإنسان الرئيسية اكتسبت أهمية خاصة في القانون الدولي وفي الخطابات الدولية لحقوق الإنسان، ومن ذلك ظهور الحرية الدينية كمبدأ أساسي في ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 والمعاهدات الدولية اللاحقة له، وكذلك نص على ذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، واتفاقيات حقوق الإنسان الإقليمية كالاتفاقية الأوروبية والأمريكية لعامي 1950/1978 واتفاقيات إقليمية أخرى لحقوق الإنسان، واتفاقية الأمم المتحدة بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965، وكذلك العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، وقرارات الأمم المتحدة بشأن مكافحة ازدراء الأديان لعام 2005 بالإضافة إلى النص على ذلك في الدساتير الوطنية للدول والأديان ايضا والمنطق السليم .
فبالنظر للشريعة الاسلامية نجد أن مبدأ الحرية الدينية من المبادئ الجوهرية في الإسلام، بل إنها من الأمور المبدئية في الشريعة الإسلامية .
والنصوص التي تدل على ذلك كثيرة منها ما جاء في دستور الإسلام القرآن الكريم منها قوله تعالى:
(فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) سورة الكهف الآية 29
(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) سورة البقرة الآية 256
(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلاغُ) سورة الشورى 48.الخ من نصوص أخرى تعد بمثابة المبادئ العامة في هذا السياق.
بالإضافة إلى أن هذه الحرية تتوافق تماما مع المنطق والعقل السليم، فحرية الاختيار أساس أي دين كي يبنى عليه بعد ذلك قيام المسؤولية والتزام الإنسان بواجبات الدين وتمتعه بحقوقه.
ولقد جاء في إعلان المبادئ لهذا التحالف الدولي التزامات الدول الأعضاء في هذا التحالف، وجاءت هذه الالتزامات كالآتي:
يلتزم الأعضاء بالتمسك بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي بشكل عام والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمتعلق تحديدا بحرية الفكر والرأي والدين أو المعتقد، بما في ذلك الحق في اعتناق أي عقيدة أو معتقد أو عدم الإيمان بأي شيء على الإطلاق وحرية تغيير الإيمان.
يلتزم الأعضاء باتباع نهج شامل، بما في ذلك المشاركة الإقليمية.
يلتزم الأعضاء بأن يكونوا استشاريين ومنسقين وطوعيين.
يلتزم الأعضاء بمواصلة التماسك الداخلي والخارجي في المسائل المتعلقة بحرية الدين أو المعتقد.
يلتزم الأعضاء باتباع نهج قائم على حقوق الإنسان للنهوض بحرية الدين أو المعتقد وتعزيز حقوق الإنسان الأخرى التي لا غنى عنها للتمتع الكامل بحرية الدين أو المعتقد..
والقول الخاتم في هذا الأمر أن هذا التحالف وتلك الالتزامات تتوافق تماما مع جوهر الأديان ومفهوم الإيمان، ولكن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن يعمل هذا التحالف بشكل عادل وفعلي.
فأولا: أن يعمل بشكل فعلي وألا يكون مجرد كلام بين الأعضاء وكلمات على الورق بعيدة عن الواقع.
ثانيا: العمل بشكل عادل بمعنى ألا تقام الدنيا ولا تقعد وتتم إدانة بعض أفعال العنف والتطرف الواقعة من قبل البعض، في حين يغض الطرف والبصر عن عنف وتطرف آخرين.
هيثم السحماوي، باحث مصري في القانون الدولي