إسطنبول (زمان التركية) – هاجم الكاتب التركي البارز ليفنت غولتكين الأحزاب المعارضة المشاركين في مؤتمر لرفض “صفقة القرن” وقال إنهم ليسوا مخلصين، ويسعون لحصد أصوات الفئة المحافظة في تركيا.
ونظم أمس الأحد مؤتمر “القدس الكبيرة” في منطقة “يني قابي” بمدينة إسطنبول بدعوة من حزب السعادة ضد صفقة القرن التي أعلنتها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
وقال ليفنت غولتكين Levent Gültekin في مقال نشره موقع “ديكان” الإخباري: “تحوُّل حزب الشعب الجمهوري إلى أداة لحزب السعادة الإسلامي لا يمكن فهمه في الوقت الذي رأى الجميع عدم جدوى الصراخ والهتافات الجافة واللقاءات الجماهيرية في القضية الفلسطينية، وعدم خلق أي تأثير في الساحة، منذ نصف قرن”.
واتهم الكاتب “الإسلاميين” بأنهم لا يتخلون عن عادة السياسات الرخيصة من خلال اللعب على القيم المعنوية التي يتبناه المجتمع، زاعمًا أن تنظيم مؤتمر حول القدس بدلاً من مؤتمر يسلط الضوء على مشاكل تركيا الحقيقية كالبطالة والفقر وغياب العدل عادة السياسة الإسلامية المتوارثة منذ عقود.
وقال الكاتب المعروف بتوجهاته الإسلامية اليبرالية أيضًا: “أكرر مرة أخرى: أن القدس قضية مهمة بطبيعة الحال. لكن إذا أردنا أن تكون لنا كلمة مسموعة في القضية الفلسطينية وعلى الساحة الدولية فلا بد قبل كل شيء من قيام تركيا على أرجلها وتحل مشاكلها الذاتية. ولكي تكون كلمتها مسموعة في المنطقة والعالم يجب عليها تحافظ على سلامها المجتمعي، وتأسيسها العدل، وترسيخها الديمقراطية، وتفعيلها مبدأ العلمانية (القائم على احترام كل المعتقدات مهما كانت) وتقوية الاقتصاد.. بمعنى أنه لكي تتمكن تركيا من مساعدة فلسطين وشعبها فينبغي عليها قبل كل شيء تشوية مشاكلها الذاتية. فالدولة الفاشلة في حل مشاكلها لا يمكنها حلّ مشاكل الدول الأخرى”.
مؤتمر “القدس الكبيرة” حضره كلا من تمل كرم الله أغلو، الرئيس العام لحزب السعادة؛ وكمال كليجدار أوغلو، الرئيس العام لحزب الشعب الجمهوري؛ وأحمد داوود أغلو، الرئيس العام لحزب المستقبل؛ وإسحاق صاغلام، الرئيس العام لحزب الدعوة الحرّة؛ بالإضافة إلى أكرم إمام أغلو، رئيس بلدية اسطانبول؛ ومسؤولين من حركة حماس.
مراقبون وصفوا تنظيم هذه الفعالية بمشاركة أحزاب علمانية بأن رموز المعارضة بدأوا يخطفون من الرئيس رجب أردوغان قضية الدفاع عن القدس، التي لطالما صدرها للعالم الإسلامي، بينما يرفض قطع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل.
وفي كلمته خلال الاجتماع هاجم رئيس حزب السعادة التركي “صفقة القرن” التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي تغتصب جزءً كبيرا من الأراضي الفلسطينية لصالح إسرائيل، وتمنح الفلسطينيين دولة بلا سيادة.
وقال “كرم الله أغلو”: أقول بكل جسارة نابعة من اعتقادنا؛ أيها الظالمون أيها الصهاينة؛ أيها الأمبرياليّيون العنصريون، إن فلسطين كانت منذ الأزل وستظل إلى قيام الساعة بلدة من البلدان الإسلامية، فليعلم الجميع ذلك”.
وتابع “كرم الله أوغلو” تصريحاته قائلًا: “إن تلك الصفقة التي فرضت على الفلسطينيين والعالم الإسلامي هي خرق للقانون الدولي ودوس عليه؛ متجاهلين كل البشر والضمائر، ليس من أجل الاستقرار أو السلام وإنما من أجل الحرب والفوضى؛ وليست صفقة القرن وإنما خيانة القرن؛ وإننا بإذن الله سنجعلها في مزبلة التاريخ”.
أما زعيم حزب الشعب الجمهوري كليجدار أوغلو، فقال: “إن القدس لها أهمية عظيمة بالنسبة لجميع المسلمين، وهناك من يريد أن يأخذها من أيدي المسلمين بعقلية صليبيي اليوم”.
وأضاف: “إننا نرى اليوم بعدًا جديدًا من هذه المقاومة والكفاح. تلك الصفقة والاتفاقية المعلنة في الوقت الحالي والاحتلال الصليبي القديم للقدس سواء. إنهم يريدون أن يختطفوا القدس من دولة فلسطين، ويبعدوا المسلمين عن القدس”.
تابع كليجدار أوغلو: “لقد استطاعت هذه الأرض أن تهزم الفكر والعقلية الصليبية وبإذن الله سنجعل الحملات والحروب الصليبية الجديدة تذهب هباء”.
قال كليجدار أوغلو أيضًا: “يجب أن يتّحد جميع المظلومين، ومن هنا أتمنى الرحمة لـ”نجم الدين أربكان”، القائد القومي الذي أطلق الشرارة الأولى ونظم اللقاء الأول من مؤتمر القدس ضد إسرائيل. إنه لكل فرعون موسى، وإن كل واحد منا هو موسى في مواجهة فرعون عصرنا الحالي”، على حد تعبيره.
وخلال المؤتمر رفع المشاركون الأعلام التركية والفلسطينية، كما رددوا هتافات تندد بـ”صفقة القرن” وتدعو لإسقاطها من أبرزها “القدس ستبقى إسلامية”، وحملوا لافتات عليها عبارات من قبيل: “فلسطين في كل مكان”، و”قادمون”، و”انهض يا مسلم”.
من جانبه، قال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو في كلمته: “مهما كانت آراءنا ومواقفنا السياسية فإننا وقفنا جميعا إلى جانب الشعب الفلسطيني منذ اليوم الأول وسنواصل هذا الموقف بعد الآن كذلك”.
وتابع إمام أوغلو: “يتحدثون عن خطة السلام المزعومة بين إسرائيل وفلسطين، لكننا لا نستطيع أن نرى فيها حقوق الفلسطينيين، فهم وضعوها دون اعتبار رأي الجانب الفلسطيني.. عليهم أن لا ينسوا أن القضية الفلسطينية قضية كل العالم الإسلامي”.
ومن بين المهاجمين للمؤتمر الشيخ المعروف باسم جبلي أحمد القريب من حزب العدالة والتنمية والذي زعم أن المشاركة في هذه الفعالية غير جائزة، زاعمًا أن المنظمين لهذه الفعالية يتعاونون مع اليهود من وراء الستار، على حد تعبيره.
–