بقلم : الكاتب / حامد أوغلو
(زمان التركية)ـــ لطالما عرفت تركيا بأنها دولة مؤسسات، تخترم المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية منذ أن أسسها مصطفى كمال أتاتورك والذي أخذ على عاتقه استقلالها في عام 1923 ولم يكن بالأمر السهل إعادة بناء وتأسيس تركيا والذي جعل من أتاتورك زعيما تاريخيا وأبا الأتراك.
وبالرغم من حدوث 5 انقلابات عسكرية في تركيا إلا أنها بقيت دولة مؤسسات واستطاعت التماسك في أحلك الأزمات. وهذه كانت قاعدة ثابتة منذ زمن ولكن مع حكم الإسلام السياسي الموتور بقيادة رجب طيب أردوغان تحولت تركيا من دولة المؤسسات الراسخة لدولة الرجل الواحد، فمنذ صعود أردوغان لسدة الحكم كرئيس وزراء في 2002 ثم كرئيس جمهورية في 2014 وهو يحلم أن يكون المؤسس الثاني للدولة التركية بل يسعى لمناطحة تاريخ أتاتورك من خلال البقاء في الحكم حتى 2028 وأن يكون رئيسا للجمهورية في الذكرى المئوية لتأسيس الدولة واستطاع تحقيق ذلك من خلال تعديل الدستور التركي في 2017 لكي يتحول النظام التركي البرلماني لنظام رئاسي ولعب الانقلاب الفاشل أو المسرحي دورًا رئيسا في تهيئة الظروف لسيطرة أردوغان أكثر على المؤسسات الأمنية والعسكرية من خلال شركات الأمن الخاصة مثل “سادات” والتوسع في منح تراخيص السلاح لأفراد حزبه وتكتمل الصورة بقانون حراس الليل المقدم من قبل حزب العدالة والتنمية الذي يحكم تركيا منذ 18 عاما وهو قانون مثير للجدل، فالحزب الحاكم يبدو أنه لن يترك حكم تركيا بسهولة والقانون الجديد أكبر دلالة على ذلك.
أولا: ما هو قانون حراس الليل وما هي أسباب إصداره:
1- قانون حراس الليل:
هو قانون قدم إلى لجنة المحليات في البرلمان التركي ويهدف إلى تسليح أنصار الحزب الحاكم في المدن والبلديات لمعاونة أفراد الجيش والشرطة في تركيا من أجل مكافحة الجريمة وحفظ الأمن وفقا لرؤية الحزب الحاكم، ويتكون من 18 مادة قانونية ويناقش هذا القانون منذ يناير الفائت. ووافقت اللجنة على 9 مواد وأثار هذا القانون اللغط في البرلمان وبين النخب السياسية ووسائل الإعلام أيضا في بلد فيه أكثر من 50 ألف سجين سياسي و100 ألف شخص فصل من عمله لأسباب سياسية.
2- أسباب إصدار قانون حراس الليل:
في بلد شهد أكبر زلزال سياسي وأمني قبل 4 أعوام، بل خلال العقدين الماضيين وهو الانقلاب الفاشل المسرحي الذي دبر من قبل الرئيس التركي للتخلص من خصومه السياسيين في الدولة وهم حركة الخدمة أنصار المفكر الإسلامي فتح الله جولن والذي ألصق به الحزب الحاكم كافة أنواع التهم والخطايا طوال الأربع أعوام الماضية. لابد أن تخرج مثل هذه القوانين التي تهندس وتشرعن حكم العدالة والتنمية أكثر وأكثر.
(أ): تحصين أعضاء الحزب الحاكم من الملاحقة القانونية من خلال هذا القانون الذي يصبغهم بصفة شبه عسكرية ويحول أفراد الحزب لرجال شبه عسكريين أو شرطيين.
(ب): رفع معنويات أعضاء الحزب الحاكم الذي خسر الانتخابات المحلية والتى كانت ضربة موجعة وقاسمة للحزب بعد أن خسر البلديات الكبرى في أنقرة وإسطنبول وإزمير وهاتاي وهنا شعر أعضاء الحزب بالحسرة وتقلص النفوذ خاصة بعد أن سقطت بلدية إسطنبول من أيديهم لصالح أكرم إمام أوغلو.
(ج): تعزيز قبضة الحزب الحاكم على السلطة من خلال إصدار هذا القانون الذي بالطبع يعطي صلاحيات واسعة ومزايا مادية وواجهة اجتماعية لأعضاء الحزب والذي تنزف شعبيته بسبب الأزمة الاقتصادية وأيضا ينزف كتلة أعضائه عبر الانشقاق إلى أحزاب وليدة يؤسسها أحمد داود أوغلو وعلي باباجان وكلاهما كانا من حلفاء أردوغان حتى وقت قريب.
(د): خطوة استباقية لتأمين سطوة الحزب على المشهد السياسي وبمثل هذا القانون “قانون الحراس” يعزز من سطوته الأمنية قبيل أي انتخابات برلمانية مبكرة محتملة في ظل الحديث المتواتر والهمس السياسي داخل النخب التركية المبشر بانتخابات برلمانية مبكرة سواء في خريف 2020 أو في ربيع 2021 .
(ل) وأد أي محاولة أنقلاب قادمة ضده. قبل الانقلاب الفاشل كان أردوغان فاقد الثقة في قوى الأمن الداخلي (الشرطة) وأيضا في قيادات الجيش رغم كونه رئيسهم نظريا وفق القوانين ولكن ظل شراء ولاءات رجال الأمن والجيش أمرا صعب المنال على حزب العدالة والتنمية وعلى أردوغان شخصيا، ولكن تحقق جزئيا بعد الانقلاب المزعوم وبمثل هذا القانون يمكنه ضرب أي محاولة انقلابية من خلال تسليح المدنيين وأعطاهم صفة شبه عسكرية وأمنية.
(ع): يأتي هذا القانون ضمن سلسلة قوانين أصدرت مؤخرا وهي قوانين مثيرة للجدل وهدفها التصفية السياسية والانتقام من خصوم أردوغان وإطالة مدة حكمه، مثل قانون تحصين المشاركين في التصدي للمحاولة الانقلابية من الملاحقة القانونية بسبب أحداث تورطوا فيها ليلة الانقلاب.
ثانيا : تداعيات إصدار مثل هذا القانون على المجتمع التركي
المجتمع التركي مجتمع متعدد للغاية وبه كثير من العرقيات والطوائف ولا يمكن السيطرة عليه أو إدارته بسهولة. ونجد المجتمع يعاني من صراع ممتد مع الأقلية الكردية يحتويها تارة ويقمعها تاره أخري وأيضا من وجود أكثر من 16 مليون مواطن تركي يتبع الطائفة العلوية ويوجد أقليات تركمانية ويهودية ومسيحية بعيدا عن الغالبية المسلمة وهي سنية المذهب وهي تتمركز في الأناضول، لذا مثل هذا القانون هدفه السيطرة الأمنية على المجتمع وإداراته أزماته عبر حلول أمنية بامتياز ليس عبر الحوار والنقاش. فالسيطرة الأمنية تفضي في النهاية للسيطرة على الصوت الانتخابي للمواطن واتجاهات تصويته خاصة أن المواطن التركي يشارك في الانتخابات بكثافة ولديه وعي انتخابي كبير.
1- تقليص أكبر للحقوق والحريات في الداخل التركي في ظل استمرار موجات قمع الحريات المستمرة منذ 2016 بدعوى الانقلاب الفاشل المدبر من طرف أردوغان وحلفائه، خاصة في ظل انهيار معدلات حرية التعبير والرأي، وحظر التجمع السلمي والتظاهر، محاصرة دور المجتمع المدني لأن هذا القانون يهدف لوأد أي تجمعات سلمية وفضها بالعنف المسلح من خلال تسليح رجال البلديات.
2- انهيار دولة القانون والدستور في تركيا في ظل إصدار مثل هذه القوانين في ظل قضاء مسيس مسيطر عليه من قبل الحزب الحاكم ويعين الرئيس التركي نصف أعضائه وتجلى ذلك في قضية القس الأمريكي برنسون الذي أفرج عن القضاء التركي بعد ضغوط حكومية بسبب تصريحات ترامب المهددة لأردوغان رغم أن إعلام أردوغان كان يصفه بالعقل المدبر للانقلاب!
3- تولد حالة من اليأس السياسي في التغيير عبر صناديق الاقتراع الحرة بسبب رغبة الحزب الحاكم في إطالة مدة حكمه في البلاد خاصة أنه يحكم منذ عام 2001 في ظل اتهامات بالفساد والرشوة والمحسوبية لأفراد حزبه ومثل هذا القانون قد يزيد من مدة بقاء الحزب في الحكم وهذا قد يولد انفجارا شعبيا كبيرا يصعب احتواؤه كما حدث في مظاهرات جيزي بارك عام 2013 والتي قمعتها الحكومة بشدة.
4- مثل هذا القانون “حراس الليل” يخصم من رصيد تركيا وحظوظها في الالتحاق بالاتحاد الأوروبي في ظل هيمنة سلطة الحزب الواحد والرجل الواحد منذ التعديلات الدستورية في 2017 وهروب العقول العلمية التركية وازدياد طلبات اللجوء السياسي في كل أوروبا، خاصة الالتحاق بأوروبا ما زال حلم الشباب التركي.
5- يمكن وصف “قانون حراس الليل” بأنه قانون الحرس الثوري التركي لحماية عرش أردوغان حتى 2028 والذي كتب بأيدي هاكان فيدان رئيس المخابرات التركية الرجل الأقوى في نظام أردوغان والذي يعبد الطريق له لتحقيق كل طموحاته الداخلية والخارجية وأيضا لا يخفي سرا أن حجم الخلاف بينهما يظهر للعلن من حين لآخر خاصة أن رئيس المخابرات لديه طموح سياسي كبير وتجلى ذلك في محاولته الترشح في انتخابات 2015 ولكن منعه أردوغان من الترشح، فهذه العقلية أصبح القانون يهدد سلامة المجتمع التركي ووحدته لأنه جوهرة التقسيم والإقصاء وتهميش المعارضة وتكريس دولة الرجل والصوت الواحد.
ثالثا : النتائج المحتملة لإصدار مثل هذا القانون “قانون حراس الليل”
(أ): داخليا
1- إذا صدر مثل هذا القانون سيكون بمثابة شهادة وفاة للديمقراطية في تركيا وخاصة عملية الانتقال السلس للسلطة بين الأحزاب السياسية لأن هذا القانون يعزز سلطة الجماعة السياسية لا الحزب السياسي وهنا يصعب خلع العدالة والتنمية من السلطة لأنهم لن يتقبلوا الهزيمة.
2- يبدو أن منافسة الحزب الحاكم ضرب من المستحيل حيث في أي انتخابات قادمة (برلمانية أو محلية أو رئاسية) قد يواجهها التزوير والتشكيك قبل أن تبدأ فبعد هزيمة المحليات القاسية والتى هزت ثقة الحزب الحاكم في نفسه وعززت من فرص المعارضة من اقتناص مقعد الرئاسة مستقبلا لذا وجدوا ضالتهم في مثل هذا القانون الذي يفرض سطوة أعضاء الحزب الحاكم “حراس الليل” على مفاصل البلاد.
3- محاصرة وتحجيم ما تبقى من القيم الأتاتوركية (التى أهدرها أردوغان في السنوات الأخيرة مثل أسلمة مؤسسات الدولة والجيش والشرطة والقضاء من خلال تعزيز قبضة الإسلام السياسي على مقاليد الحكم هناك) أيضا ضرب التيار الكمالي وتطويعه لصالحه بعد مهادنته لفترة ضئيلة، خاصة أن أردوغان يريد أن تضاهي شعبيته شعبيته أتاتورك وهذا واضح للجميع من خلال سياساته الداخلية والخارجية.
4- تسير تركيا على درب الدولة الدينية، ولكن في الحالة التركية ستتحول إلى الدولة ذات الإيديولوجية المتطرفة التى تجبر شعبها على أفعال محددة وهنا ستققلص كافة الحريات العامة والشخصية مما يؤثر سلبا على المجتمع لأن جماعة حراس الليل سيكونون من الايديولوجيين الموتورين المعبئين فكريا بأفكار مغلوطة.
(ب): خارجيا
بسبب تعدد المصالح واختلافها بين إدارة ترامب والاتحاد الأوروبي وروسيا تمكن حزب العدالة والتنمية من اللعب على وتر المتغيرات الدولية لكي ينفذ أجندته الداخلية.
1- خلال السنوات الخمس الأخيرة عانت أوروبا من حكم أردوغان المتهور بأشكال عدة وترى أنه حكم ديكتاتوري مفيد لها ولكن مثل هذا القانون قد يتحول لديكتاتور مؤذي للامن القومي الأوروبي بسبب سطوة الإسلام السياسي على البلاد والذي يأخذ البلاد إلى التطرف لا للاعتدال وقد يؤثر سلبا على تركيا عبر فرض مزيد من القيود والعقوبات عليها خاصة الاقتصادية وأنقرة تعاني من ركود اقتصادي قد يتفاقم بين الحين والأخر.
2-العلاقات مع الولايات المتحدة ليست بخير بشكل عام ولكن أردوغان راهن بثقله على إدارة دونالد ترامب في دعم سياساته الخارجية خاصة في التدخل في قطر وسوريا وليبيا ويرى أن إدارة الرئيس السابق أوباما دعمت الانقلاب الفاشل المسرحي، لذا يعول أردوغان على إدارة ترامب خلال 4 سنوات القادمة في تعزيز فرص بقائه في الحكم أكثر وأكثر وأن تتجاهل اهداره قيم حقوق الإنسان وتحول تركيا لسجن كبير من خلال قوانين قمعية ومنها قانون “حراس الليل” المتوقع صدوره، ويعتمد عليها أيضا من خلال الدعم الاقتصادي ولكن أتوقع أن بعد ترامب قد يزول حكم العدالة والتنمية بلا رجعة.
رابعا: مستقبل مشروع قانون “حراس الليل”
القانون في طور الإعداد ولم يصبح قانونا أو يقر من قبل البرلمان أو الرئيس أو نشر في الجريدة الرسمية وقد يكون بالون اختبار من الحزب الحاكم لجس نبض الأحزاب الأخرى وكبح جماح الأحزاب السياسية الوليدة وردع طموحاتها من خلال هذا القانون.
(أ) : السيناريو الأول:
أن يتم إقرار القانون بأغلبية بسيطة للغاية من قبل تحالف الشعب بين العدالة والتنمية والحركة القومية بقيادة دولت بهجلي والذي يتماهى معه في ملفات عدة منذ انطلاق التحالف في انتخابات 2017 في ملفات التعديلات الدستورية والتحول للنظام الرئاسي ثم الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2018 وأخيرا انتخابات المحليات ربيع العام المنصرم، حيث وعد بهشلي بمنصب نائب رئيس الدولة ولم ينل شيئا ولكن بقي حليفا لأردوغان، لأنه يعلم بانهيار التحالف سينتهي دور حزب الحركة القومية من الحياة السياسة لظهور تيارات قومية ذات خطاب أقوى وأكثر حداثية من الثمانيني العجوز دولت بهجلي.
(ب): السيناريو الثاني
أن يتم إقرار القانون ولكن بتعديلات جوهرية يصبح هناك ضمانات أكبر لمن سيحمل السلاح من منتسبي حزب العدالة والتنمية حيث يكفل القانون آلية واضحة في حالة إساءة استخدام ذلك السلاح، من خلال اختبارات عقلية وذهنية لهؤلاء الحراس، بالإضافة أن يتم تعميم عمل قانون حراس الليل على جميع الأحزاب السياسية لا يقتصر على منتسبي حزب العدالة والتنمية ويتم الاختيار والتوزيع حسب نتائج الانتخابات الماضية لتحقيق التوازن ولضمان صيانة الأمن القومي للمجتمع من منطلق مسؤولية جماعية ولعدم استغلال الأمر سياسيا.
(ج): السيناريو الثالث
أن تقرر الحكومة التركية سحب القانون بسبب ضغوط شعبية وحزبية ونخبوية عبر مظاهرات منددة بالقانون خاصة أن القانون كما ذكرنا سيقضي على أي فرصة للتغيير السلمي عبر الآليات الديمقراطية ويبدو هذا مستبعدا.
خامسا: الميلشيات ورقة أردوغان الأخيرة للسيطرة على تركيا
لم يبق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلا تحويل تركيا لدولة ميليشات لا دولة مؤسسات لشحن بطاقته الانتخابية للبقاء في الحكم خاصة أنه اختصر الدولة التركية في شخصه وفي رسم السياسات الخارجية والداخلية والاقتصادية أيضا مما جلب لتركيا الدولة كثيرا من المتاعب والمشكلات خارجيا توتر العلاقات مع القوى الدولية روسيا تارة والاتحاد الأوروبي تارة والولايات المتحدة تارة أخرى، دول الجوار سوريا والعراق مصر والسعودية والإمارات وقبرص واليونان منها لأسباب متعلقة من تهور تركيا في سياساتها الخارجية بعد الربيع العربي، وأخرى متعلقة بترسيم الحدود في البحر المتوسط بعد اكتشاف الغاز، أما داخليا فعمليات القمع والملاحقة التي طالت أعضاء حركة الخدمة حيث تم عزل عشرات الآلاف من وظائفهم وتم اعتقال أكثر من 50 ألف مواطن بدعوى دعم الانقلاب المزعوم، فشل في ادارة الملف الاقتصادي خاصة في ظل سيطرة عائلية من الرئاسة على الاقتصاد التركي حيث يعمل صهر أردوغان وزيرا للمالية، ونجله بلال أردوغان رجل أعمال شهير لديه شبكة مالية معقدة واتهم بالفساد في عام 2013 وعلى الرغم من سيطرة الحزب الحاكم على المؤسسات الاقتصادية للحكم الحاكم مثل بنك آسيا والمدارس والصحافة التابعة لها إلا أن الاقتصاد التركي لم يتعاف بسبب تدخلات أردوغان التي لا تنتهي في رسم السياسات الاقتصادية للبلاد كانت اخرها إقالة رئيس البنك المركزي. خلال الخمس أعوام الماضية سعى أردوغان على قدم وساق لتحويل تركيا لدولة ميليشيات عبر الأتي:
1- إلهاء الجيش التركي واشغاله عبر انهاكه عن مهمته الاساسية حماية القيم الأتاتوركية وقيم العلمانية للدولة التركية التى تبدو أنها أصبحت في اندثار تام وهذا الانهاك يكون في معارك أردوغان الخارجية الوهمية القائمة على سياسة المغامرة من خلال التدخل في سوريا والعراق والصومال والسودان وقطر وليبيا تحت شعار استعادة الأمجاد العثمانية وبناء القواعد العسكرية خارج تركيا لحفظ مصالحها .
2- أسلمة الجيش التركي من خلال السماح بالمظاهر الدينية في المؤسسات العسكرية لأول مرة في تاريخ تركيا، أيضا السماح بدخول المنتسبين لتيار الإسلام السياسي وأصحاب الأيدلوجيات للجيش التركي ، أصبحت الترقيات بين العسكريين لاتحقق إلا بالتقرب للحزب الحاكم، لا يتخيل أحد أن الجيش التركي الجيش الثاني في الناتو من حيث العتاد والقوة والذي رسخ القيم العلمانية في البلاد تحول إلى جيش محمدي جيش محمد الفاتح الذي غزا اليونان واسقط الدولة البيزنطية أو يتحول لجيش مزدوج الايدلوجية يحمي الحدود واستعادة أمجاد العثمانية بطرق أخرى.
3- الاعتماد على الشركات الأمنية التى تشبه بلاك ووتر الامريكية مثل شركة “سادات” التركية وهي أصبحت ذراع أردوغان القذر الباطش بمعارضيه داخليا وأيضا المرتزق لتحقيق أهدافه خارجيا وتجلى ذلك في الاتفاق الأمني الذي وقع بين حكومة العدالة والتنمية وحكومة الوفاق بقيادة السراح في ليبيا في نوفمبر من العام الماضي والتي مهدت لإرسال قوات عسكرية فهم منها أنها ستكون قوات شركات أمنية خاصة في إشارة إلي “سادات”.
4- منذ عام 2014 وبعد كشف فضائح الفساد عنه وعن مجموعة وزراء في حكومته فأردوغان لا يثق في مؤسسات الجيش والشرطة واعتمد على الشركات الامنية الخاصة أو ميليشات صنيعة هاكان فيدان لحماية حكم أردوغان ، هذه القوات الخاصة اعتقلت مئات الآلاف من العسكريين والشرطيين بتهمة الانقلاب على حكومة العدالة والتنمية ويعزي البعض أن هذه الشركات هي التي افشلت الانقلاب المسرحي والذي كان ضربة لخصومه في المؤسسات لترسيخ دور شركات الأمن الخاصة في الحياة السياسة التركية وتهميش دور الجيش والشرطة، وفي عام 2018 عندما حدثت محاولة الانقلاب على الرئيس مادورو في فنزويلا ظهرت هذه الميلشيات بأسلحة عالية التقنية لحماية أردوغان في إشارة لتفوق تسليحها على القوات الرسمية للدولة التركية .
5- إمعان أردوغان وحكومته في فصل العسكريين والشرطيين بحجة دعم الانقلاب الفاشل وهي تهم واهية وغير حقيقية وتجري محاكمات هزلية في ظل قضاء مسيس أصبح مواليا للحكومة مما افقد الجيش التركي تصنيفه عالميا بسبب تفريغه من الكوادر الأساسية ذات الكفاءة واستبدالها باصحاب الولاءات وتجل ذلك في حرب سوريا الأخيرة حيث كان لسلاح الطيران دورا بارزا في عملية الانقلاب المسرحي مما أدى لسجن اغلب المنتسبين لهذا السلاح ولكن مع اندلاع عملية درع الفرات في أغسطس 2016 أضطر النظام الإفراج عن بعض الطيارين من أجل المشاركة في الحرب وبعد انتهائها عادوا لسجونهم مرة أخرى في دلالة لحجم على مدى تخلل الجيش التركي من الدخل بسبب التهم الزائفة.
6- يأتي مشروع قانون ” حراس الليل ” ليزيد الطين بله ويحول الشعب التركي إلى شعب مسلح بشكل كبير وعلى نطاق واسع محفوف في بالمخاطر وقد ينذر باقتتال داخلي او حرب أهلية لن يحمد عقبها وقد يسفر عن تقسيم تركيا بشكل أو باخر في ظل وجود قوات أمنية وعسكرية رسمية مهمشة من قبل حكومة العدالة والتنمية وأيضا وجود جيش خاص من قوات شركات الأمن الخاصة أصبح ولائها للمال وفقط وهذا عواقب خطيرة وأخيرا، حراس الليل من الحزب الحاكم المشحونين أيدلوجيا وفكريا ومتعصبين لأفكارهم وآرائهم ولن يسمحوا بهزيمة العدالة والتنمية مجددا في أي انتخابات قادمة مما ينذر بعواقب وخيمة أقلها انفلات أمني وأعظمها الحرب الأهلية.
سادسا: الخلاصة
إن مشروع حراس الليل هو مشروع قانون لشرعنة وضع قائم حيث أن غالبية المنتسبين لحزب العدالة والتنمية مسلحين وهذا القرار اتخذ عقب الانقلاب المزعوم بقرار من وزير الداخلية سليمان صويلو، ولكن هذا القانون في هذا التوقيت المثير للجدل لضرب أي محاولة للتغيير السلمي عبر تداول السلطة بل هو الوجه الحقيقي لأيدلوجية أردوغان المتطرفة والقبيحة، في بناء دولة دينية قائمة على أيدلوجية استعادة الخلافة العثمانية وحراس الليل هم جنود الخلاف في الداخل وشركة سادات الخاصة هم جنود الخلافة في الخارج، مثل الباسيج والحرس الثوري وفيلق القدس في إيران والذين ولدوا من رحم ثورة الخميني 1979 ومن وقتها إلى الآن لم يستقر اقليم الشرق الأوسط قط، ولم يخف أعضاء الإخوان المسلمين حول العالم والمدعومين من أردوغان حاليا ولعهم وإعجابهم الشديد بفكرة الحرس الثوري الإيراني لحماية الثورة، بل إنه عقب وصول الإخوان المسلمين في مصر ظهرت فكرة إنشاء حرس ثوري مصري من كوادر اللجان الشعبية التى ظهرت عقب الفوضى الأمنية بانسحاب وقوات الشرطة وصرح عدة قيادات من جماعة الإخوان بذلك ولكن 30 من يونيو أجهضت كل ذلك، إن حراس الليل الأتراك هم من سيحمون عرش أردوغان للنهاية حتى لو رفع الغرب يده عن حكومة أردوغان المنتهكة لقيم حقوق الإنسان والمنبوذة دوليا وإقليميا بسبب سياساتها الخارجية الصدامية فابقوا على دعمي وإلا واجهتم جنود الخلافة.