بقلم: ياوز أجار
إسطنبول (زمان التركية) – تتفق آراء جميع المنصفين من كل الاتجاهات الفكرية في تركيا والعالم على أن النتائج السلبية التي أسفرت عنها “حالة الطوارئ”، التي أعلنها الرئيس رجب طيب أردوغان بعد تدبيره “انقلابًا على ذاته” في 15 يوليو 2016 بالتواطؤ مع حلفائه، تجاوزت بكثير نتائج كل الانقلابات السابقة من جميع النواحي، فضلاً عن أن الأساليب التي استخدمها هذا النظام كانت تتشابه إلى حد كبير مع تلك التي اعتمدها حليف أردوغان الحالي، عدوه القديم، تنظيم أرجنكون/ الدولة العميقة في العمليات التي نفذها قبل وبعد كل انقلاب.
كانت الدولة العميقة / أرجنكون اضطرت إلى إجراء تغييرات في القوانين من أجل التمكن من تهيئة الأجواء لانقلاب عسكري في 1997، ومن بعده إطلاق عمليات التصفية في الجيش والأمن والجهاز البيروقراطي بشكل عام، فاختلقت جريمة غير محددة وغير منصوصة عليها في القوانين أطلقت عليها “الرجعية الدينية”، ومن ثم جعلتها فزاعة للجيش، حامي النظام التقليدي في البلاد، والمجتمع المدني على حد سواء، ووجهتها بعد ذلك لجميع “غير المرغوب فيهم” أو “المغضوب عليهم” هذه التهمة الفضفاضة لتصفيتهم في المحطة الأخيرة.
أما في ظل حالة الطوارئ التي أعلنها أردوغان عقب اننقلاب 2016 واستمرت لعامين، فراحت جريمة “الرجعية الدينية” لتأتي محلها جريمة جديدة غير منصوص عليها في القوانين أيضًا تحت مسمى الانتماء إلى “الكيان الموازي” أولاً، ثم الانتماء إلى “منظمة فتح الله كولن”، وبدأ أردوغان مع حلفائه الجدد تنفيذ عمليات التصفية المعهودة في مؤسسات الدولة. لكنهم لم يستخدموا هذه المرة لافتة “الرجعية الدينية” القديمة، مخافةَ إثارة حفيظة الجماعات الدينية الأخرى، نظرًا لأن السلطة السياسية الراهنة تضع على وجهها “قناعًا إسلاميًّا”، الأمر الذي سمح لهم بإجراء التصفيات دون اعتراض من الجماهير المتدينة العريضة.
في فترة انقلاب 1997 استخدم تنظيم الدولة العميقة وسائل الإعلام كآلة للافتراء والكذب وتشويه سمعة بعض الشخصيات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية، خاصة تلك التابعة لحركة الخدمة؛ في حين أن نظام أردوغان استعار هذا الأسلوب من أستاذه أرجنكون، لكن التلميذ سبق أستاذه بكثير، حيث حول 90% من وسائل الإعلام الخاضعة له إلى منصات لإطلاق الاتهامات والافتراءات وإجراء المحاكمات وإصدار أحكام البراءة أو الإعدام ضد المستهدفين. وقد بلغ عدد الأخبار المزوّرة والمفبركة إلى درجة لا تعد ولا تحصى، وفي هذا الإطار ألفت الصحفية المعتقلة حاليًّا هانم بشرى أردال كتابًا تحت عنوان “أخبار ثبت كذبها بقرارات المحاكم”، جمعت فيه مئات الأخبار المفبركة لإعلام أردوغان.
وعلى الرغم من أن أردوغان يعلم جيّداً أن عمر هذه الأكاذيب والتزويرات محدود جداً، حتى لا تتجاوز أحياناً عدةَ دقائق، إلا أنه ينطلق في ذلك من مقولة “العيار الذى لا يصيب فإنه يدوِّى ويفزع”، بمعنى أن أي طلق نارى إذا لم يصب هدفه فإنه يحدث دوياً ويروع الطرف المستهدف.
في فترة انقلاب 1997 حاول تنظيم أرجنكون تصنيف حركة الخدمة ضمن التنظيمات الإرهابية من خلال وضع أسلحة شتى في المدارس والمؤسسات الأخرى التابعة للحركة خفية، ثم فتحت السلطات القضائية دعوى بحق المفكر الإسلامي فتح الله كولن في 22 أغسطس 2000 بتهمة “تشكيل منظمة إرهابية غير مسلحة”، و”التحريض على هدم الدولة العلمانية لتأسيس دولة الشريعة”، غير أن هذه المحاولات باءت بفشل ذريع عندما قامت المحكمة بتبرئة ساحة كولن، ثم وافقت هيئة الدائرة التاسعة للمحكمة العليا بالاتفاق على قرار البراءة في 5 مارس 2008، ووافقت عليه بعدها الجمعية العامة للمحكمة العليا بموافقة 17 عضوًا في مقابل رفض 6 أعضاء.
التلميذ يتفوق على أستاذه مرة أخرى، حيث اتهم أردوغان أولاً حركةَ الخدمة بتأسيس كيانٍ موازٍ للدولة، ومحاولةِ الإطاحة بحكومته من خلال توظيف تحقيقات الفساد والرشوة في 2013، ثم أجرى تغييرات في القوانين، وأعلن حركة الخدمة تنظيمًا إرهابيًّا “غير مسلّح” أولاً، ومن ثم دبر انقلابًا على ذاته وألصق الجريمة بالحركة حتى يتمكن من إعلانه تنظيمًا إرهابيًّا “مسلّحًا”، فنجح فيما فشل فيه أرجنكون قبل نحو 20 عامًا.
في فترة انقلاب 1997، قام “أرجنكون” مستخدمًا كل الوسائل الممكنة بتحريض الجنرالات العلمانيين في الجيش ضد حركة الخدمة، لكنه فشل في الدفع بالمؤسسة العسكرية إلى انقلاب تقليدي بالأسلحة والدبابات، وإنما اكتفى بشنّ حرب نفسية وممارسة الضغوط على المستهدفين من الموظفين بحجة مكافحة هذه الحركة المتهمة بالرجعية الدينية. ولذلك وُصف هذا الانقلاب بـ”الانقلاب الأبيض” و”الانقلاب الناعم” أو “الانقلاب ما بعد الحداثة”.
أما أردوغان فتحالف مع محرضي انقلاب 1997 من أعضاء الدولة العميقة، ودبروا انقلابًا مسرحيًّا في 2016، بمعاونة الجنرالات والضباط المتقاعدين من المحكوم عليهم في إطار قضيتي “أرجنكون” و”المطرقة” الانقلابيتين، وقتلوا في أحداث الانقلاب 250 مواطنًا مدنيًّا، ثم حمّلوا حركة الخدمة المسؤولية، ومن ثم أجروا حركة تصفية غير مسبوقة في كل أجهزة الدولة بتهمة الانتماء إلى حركة الخدمة. بل تجاوز أردوغان في ذلك أرجنكون إلى حد بعيد، حيث لم تقتصر عملياته على القطاع العام فقط وإنما شملت القطاع الخاص أيضًا، بل إن عدد المعتقلين من المدنيين تجاوز أضعافًا مضاعفة عدد العسكريين.
لقد راح الفريق المتقاعد صبري يِرْمي بَشْ أوغلو من جنرالات أرجنكون الذي قال: “من قواعد الحرب النفسية الإقدام على تخريب رموز كبيرة، والهجوم على قيم سامية، بطريقةٍ توجّه أصابع الاتهام إلى العدو، وذلك لتعزيز مقاومة الشعب وصموده أمامه. فمثلاً يمكن حرق جامع ومسجد بهذا الغرض.. لقد أحرقنا جامعًا في قبرص التركية مثلاً!”، ليحل محله في عهد أردوغان صندوقه الأسود رئيس المخابرات هاكان فيدان الذي قال: “يمكن أن أرسل أربعة من رجالي إلى الطرف السوري ليقوموا بإلقاء صواريخ وقنابل من هناك على الأراضي التركية حتى تتشكل الذريعة المطلوبة للتدخل العسكري في سوريا؟!”.
وقد رأينا تجليات هذه العقلية في نشر عملاء استخباراتيين بين صفوف حركة الخدمة، ومن ثم ظهورهم في ليلة الانقلاب المدبر في أماكن عسكرية مشبوهة، من أجل تقديم صور للكاميرات وترك بصمات تدل على من حُدِّد مجرمًا ومسؤولًا عن الانقلاب مسبقًا.
في الواقع لم يتغير أي شيء في الفترتين الانقلابيتين، بل كان الجلاد نفسه والضحية نفسها في الفترتين معًا، اللهم إلا أن الجلاد هذه المرة لم يكن وحيدًا. فلما أحبط هذا الجلاد في ذبح ضحيته بمفرده من الخارج، توجه لشراء ذمة شخصيةٍ من “حارة المسلمين” ملطخةٍ بجريمة الفساد والإرهاب، ومصابةٍ بجنون العظمة، لينجزوا بفضله مهمة ذبح حركة الخدمة في عام 2016 بعدما يئسوا من ذلك خلال انقلاب 1997. وهذا معنى قول رئيس الأركان العامة الأسبق إيلكار باشبوغ من تنظيم أرجنكون: “أردوغان كان أفضل مكافح لمنظمة فتح الله كولن، لولاه لما قطعنا شوطًا بعيدًا في هذا الصدد”، وكذلك قول كاتب جريدة “آيدينليك” صباح الدين أونكبار: “بغضّ النظر عن حبّكم أو كراهيتكم للرجل، فإن أردوغان كان الترياق الشافي لسمّ تنظيم فتح الله كولن… ولا يمكن لأحد إطلاقًا أن يحلّ محله في هذا الأمر. تخيلوا أن الآلاف من النساء المحجبات من هذا التنظيم قابعات في السجون! لو لم يكن أردوغانُ الحاكمَ في تركيا اليوم لكانت هناك دعاية بأن هذه الخطوة هدفها معاقبة النساء المحجبات. لذا فإن الطريقة التي يتبعها أردوغان مهمة للغاية للنجاح في تصفية منظمة فتح الله كولن”.
في الوقت الذي كان أعضاء الأمن والقضاء الشجعان يجرون عملية خطيرة لاستئصال سرطان أرجنكون من جسد الدولة أو قطع أذرع ذلك الأخطبوط من خلال قضية أرجنكون التاريخية التي بدأت في 2007، قدّم أردوغان تركيا بدولتها وجيشها مجددًا إلى ذلك الكيان العميق المرتبط بالمنظمات العالمية المعروفة في طبق من الذهب، بعد الانقلاب الذي دبروه معًا في 2016 لتصفية الجيش الوطني والمجتمع المدني. لذلك سيسجل التاريخ أردوغان كـ”السكين” الذي قطع أيادي أبناء الأناضول التي نالت من أرجل تلك الدولة العميقة الراسخة جذروها في الخارج الظاهرة فروعها في الداخل.
أجل، لقد عاد الجنرالات والضباط القدماء إلى مناصبهم القديمة عقب تعيينات جديدة وافق عليها الرئيس أردوغان عقب حملات التصفية التي أجراها في صفوف الجيش بحجة الانقلاب الفاشل، وذلك على الرغم من أنهم خضعوا للمحاكمة في إطار قضية المطرقة أو “باليوز”، وأدانتهم المحكمة بمحاولة الانقلاب ضد حكومة أردوغان في 2003.
فقد قام أردوغان بتعيين 20 من أعدائه القدماء من الجنرالات والأميرالات في مواقع بالغة الحساسية بالقوات المسلحة، إلى جانب تعيين مئات منهم في مناصب أخرى داخل المؤسسة العسكرية، وذلك بعدما أصدر المدعون العامون والقضاة “العسكريون” الجدد قرارات تبرئ ساحتهم، على الرغم من أن هيئة المحكمة “المدينة” الناظرة في القضية أدانتهم بالتجسس العسكري لصالح إسرائيل واليونان ودول أخرى، بالإضافة إلى تدبير انقلاب للإطاحة بحكومة أردوغان.
ومن بين الوحدات والأقسام الإستراتيجية التي عيَّن فيها جنرالات أرجنكون الذين وضعوا خطة المطرقة الانقلابية “قيادةُ العمليات” التي تعتبر “دماغ الجيش التركي”، حيث عين أردوغان فيها اللواء لفند أركون الذي كان صدر بحقه حُكم بالسجن 13 سنة.
وقد نقلت صحيفة “جمهوريت” خبر عودة هؤلاء الضباط والجنرالات إلى وظائفهم السابقة في الجيش تحت عنوان مثير للغاية وهو: “نزلت “المطرقة” على القوات المسلحة”.
ثم قدمت الصحيفة معلومات تفصيلية عن حركة التعيينات الجديدة في المؤسسة العسكرية، وأشارت إلى تعيين العميد بارباروس كاسار، المحكوم عليه سابقًا في إطار قضية المطرقة بالسجن 16 سنة، في منصب رئيس أركان الجيش في منطقة إيجه؛ والعميد بَركَر أمره طوق، المحكوم عليه بالسجن 16 سنة، رئيسًا لأركان القوات البحرية؛ وعميد القوات البحرية بايبارس كوتشوك آتاي قائدًا لقوات مضيق البوسفور؛ وعميد القوات البحرية كريم أوتشا قائدًا لقوات مضيق الدردنيل؛ وعميد القوات البحرية أرجان كيراتشتبه، المسجون 4.5 سنوات، قائدًا للقاعدة البحرية بمنطقة إسكندرون.. وهكذا مئات الانقلابيين القدماء عادوا إلى وظائفهم السابقة بعد مؤامرة الانقلاب المدبر في 2016.
سجلّ الانقلابين وضحاياهما
نشر سنان تارتار أوغلو من صحيفة جمهوريت في مارس 2018 خبرًا عقد فيه مقارنة بين انقلاب 1997 وانقلاب 2016، استنادًا إلى تقرير أعده اتحاد تعليمي (Eğitim-Bir-Sen) محسوب على حكومة حزب العدالة والتنمية في فبراير 2014 حول الإحصائيات الخاصة بانقلاب 1997، وقال: “ضحايا حالة الطوارئ التي أعلنها أردوغان بحجة التصدي للانقلابيين تجاوزوا أضعافًا مضاعة ضحايا عملية 28 فبراير 1997 (الانقلابية) التي يقدم نفسه أحد ضحاياها ويستغلها سياسيًّا لحصد الدعم الشعبي.. فالسياسيون الذين زعموا تعرضهم للضرر والظلم جراء هذا الانقلاب يمارسون اليوم عشرة أضعاف ما شوهد في عام 1997”.
ثم قدم تارتار أوغلو الأرقام الخاصة بحالات الانتهاكات وعدد الضحايا في الفترتين وكشف أن فترة أردوغان تجاوزت في الظلم فترة انقلاب 1997 عشرة أضعاف في كل شيء كما يلي:
– عدد العسكريين المفصولين من الجيش بتهة “الرجعية الدينية” وفقًا لقرارات مجلس الشورى العسكري بين الفترة من 1990 إلى 2011 بلغ 1635؛ في حين أن عدد المفصولين من الجيش بموجب قرارات حالة الطوارئ خلال 3 سنوات بتهمة الانتماء إلى حركة الخدمة تجاوز 10 آلاف.
– وصل عدد المعلمين المفصولين من وظائفهم بين الفترة من 1997 إلى 2001 ثلاثة آلاف و527، بينما استقال 11 ألف معلم من وظائفهم، وخضع 33 ألفًا و271 معلمًا لمحاكمة تأديبية فقط بسبب مخالفة قانون الزيّ، وتعرض 11 ألفًا و890 منهم لعقوبة تأديبية في الفترة نفسها؛ بينما وصل عدد المعلمين المفصولين من وظائفهم بموجب قرارات حالة الطوارئ التي أصدرها أردوغان إلى نحو 34 ألف.
– في أيام انقلاب 1997 فتحت السلطات تحقيقًا مع 331 فرد أمن، وأصدرت بحق 53 فردًا منهم عقوبة إدارية؛ أما في عهد أردوغان فتم فصل وطرد 23 ألف فرد أمن بقرارات حالة الطوارئ.
– في أيام انقلاب 1997 فتحت السلطات تحقيقًا تأديبيًا مع 396 موظفًا في مؤسسة الشؤون الدينية، وبلغ عدد المبعدين من الوظيفة 128 شخصًا؛ فيما بلغ عدد الموظفين المطرودين من وظائفهم في الشؤون الدينية بموجب قرارات الطوارئ لأردوغان حوالي 3 آلاف.
– أثناء انقلاب 1997 وصل عدد الأكاديميين وموظفي مؤسسات التعليم العالي المفصولين بسبب مخالفة قانون الزي إلى 139؛ بينما أثناء حالة الطوارئ لنظام أردوغان من الفترة 2016 إلى 2018 وصل عدد الأكاديميين الذين واجهوا الفصل والإبعاد عن الوظيفة إلى 5 آلاف و822، ووصل عدد الأكاديميين العاطلين بسبب إغلاق جامعاتهم ألفين و800.
– أثناء انقلاب 1997 الناعم تم إغلاق 21 وقفًا بتهمة القيام والمشاركة في أنشطة رجعية، وتمت مصادرة 187 ممتلكًا من ممتلكات تلك الأوقاف المغلقة؛ أما أثناء حالة الطوارئ في عهد أردوغان فتم تشميع 146 وقفًا، وتمت مصادرة أكثر من ألف شركة، بتهمة الصلة بحركة الخدمة، وفي مقدمتها شركات مجموعتي إيباك وأولكر المعروفتين على مستوى العالم.
– والأهم من كل ما ورد أعلاه أنه لم يتم اعتقال أي سيدة محجبة في أيام انقلاب 1997، بينما تم اعتقال 18 امرأة محجبة، بينهن مئات من الحوامل أو حديثات الإنجاب ومعهن حوالي ألف طفل في ظل حالة طوارئ أردوغان.
– لم تشهد فترة انقلاب 1997 أي ممارسة تعذيب مادي وعملية اختطاف؛ في حين أنه في عهد أردوغان تعرض المعتقلون من الرجال والنساء لكل أنواع التعذيب، بما فيها الاغتصاب، وفق تقارير رسمية تركية ودولية، كما أن المئات من الأبرياء المغتربين من أفراد حركة الخدمة تعرضوا للاختطاف والإتيان بهم إلى تركيا من أنحاء العالم المختلفة على يد عناصر المخابرات، وذلك على الرغم من أنهم لم يكونوا في البلاد أثناء الانقلاب.
– المفصولون في فترة انقلاب 1997 وجدوا وظائف في القطاع الخاص، بل حتى في البلديات التابعة للأحزاب اليمينية والإسلامية، مثل بلديات حزب الطريق القويم وحزب الرفاه؛ أما مئات الآلاف من المفصولين في عهد أردوغان فتركوا للجوع والموت المدني، حيث فرضت السلطاتُ على المؤسساتِ والشركات مطالبةَ المتقدمين للحصول على عمل لديها بتقديم رسالة تزكية من السلطات الرسمية، وهي لم تعطِ هذه التزكية لمن تم فصلهم بموجب قرارات حالة الطوارئ. وقد بات هذا التطبيق موضوعًا لمسلسل “بابل” الذي بدأ عرضه على قناة ستار في يناير 2020، لكن نظام أردوغان لم يستسغ ذلك وبادر إلى فتح تحقيق حول المسلسل من جانب؛ وتبديل مدير القناة بشخصية أخرى.
خلاصة القول؛ إن نظام أردوغان خرق القانون السماوي والأرضي معًا وذبح أبناء وبنات الأناضول من كل القوميات والمذاهب والمعتقدات، بالتهمة الجاهزة ذاتها “الانتماء إلى الكيان الموازي” أو “حركة الخدمة” أو “منظمة فتح الله كولن” -على حد تعبيره- وقدمهم كـ”قرابين” لهذه الدولة العميقة المارقة أرجنكون، وذلك في سبيل إنقاذ نفسه وتحقيق مئاربه الشخصية والعائلية.
لكن نقول في النهاية: ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين..
–