تقرير: محمد عبيد الله
إسطنبول (زمان التركية) – عبر فنانون أتراك مشهورون بينهم نور سورير ولاله منصور وقادير إينانير عن انزعاجهم من التصريحات التي استهدفهم فيها وزير الداخلية بسبب حضورهم مسرحية “ديفران” التي ألفها الزعيم الكردي المعتقل صلاح الدين دميرتاش.
وكان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو هاجم مجموعة من الفنانين الذين حضروا مسرحية “ديفران” وقال في حديثه عن المسرحية وجمهورها في خطاب ألقاه يوم 12 يناير من الشهر الجاري: “لقد كتب دميرتاش مسرحية ومن ثم يذهب البعض لمشاهدتها.. لا يمكنك تنظيف يدك من الدم بالمسرحيات”، في إشارة إلى الممثل المعروف قادر إنانير الذي كان من بين جمهور المسرحية المعروضة في 11 يناير، إلى جانب الفنانين الآخرين الذين شاهدوا معه المسرحية.
وعلق الممثل قادر إنانير المحبوب لدى شريحة كبيرة من الشعب التركي على كلام وزير الداخلية في تصريحات أدلى بها لصحيفة “حريت” اليوم (14 يناير)، بالقول: “لا أريد أن أتحدث. مشكلتنا الوحيدة هي غياب السلام، فلنسعَ إلى تحقيقه”.
في حين وصفت الفنانة نور سورير تصريحات صويلو بأنها “لا معنى لها”، حيث قالت في تصريحاتها لموقع بيانت (bianet): “قبل سنوات، عندما ذهبنا إليه إذ كان رئيسًا لحزب سياسي قبل انضمامه إلى حزب العدالة والتنمية، رحب بنا باحترام وتقدير، لكنه الآن يهاجم أصدقائنا دون احترام.”
وأضافت الفنانة: “الشخصيات السياسية تتغير تأتي وتذهب. لكن الفن والفنانون دائمون. هل هذا البلد لم يعد لديه أي مشاكل حتى بدأ المسؤولون يشتغلون بالفنانين ويهاجمونهم؟ أنا آسفة للغاية للهجوم الذي تعرض له قادر إنانير خاصة، وأولئك الذين نظموا مسرحية ديفران”.
تابعت نور سورير: “الفنانون من أمثال قادر إنانير يأخذون بزمام المبادرة عندما يحين الوقت ويسعون إلى حل مشاكل هذا البلد. لقد كان قادر إنانير “شخصًا حكيمًا” في لجنة الحكماء التي أسسها أردوغان من أجل تمهيد الرأي العام لقبول مفاوضات السلام الكردي حينها. كنتم في تلك الأيام تلهثون وراءه. لا يمكنك التعامل معه هكذا عندما يتغير مسار سياستك اليوم”.
وأكدت الفنانة أن تركيا عزيزة عليهم، وأردفت: “هذا البلد يعاني من مشاكل لا نهاية لها فيما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان. نحن نكافح من أجل ذلك. وفنُّنا لا يمكن أن يكون بعيدًا عن ذلك. أنا لا أقبل أبدًا ما فعله الوزير. أنا آسفة للغاية لما حدث لقادر إينانير”.
من جهته زعم الكاتب الصحفي أمر الله أوسلو أن الرئيس أردوغان سيضحّي بوزيره سليمان صويلو الذي بات يثير جدلا كبيرًا بين قيادات حزب العدالة والتنمية أيضًا، ويعتبورنه مسؤولا عن تراجع شعبيتهم، وذلك استنادًا إلى مصدر وصفه بـ”الموثوق”، على حد تعبيره.
أما الفنانة لاله منصور فقالت في تعليقها على تصريحات وزير الداخلية التي هاجم فيها الممثل قادر إينانير لحضوره مسرحية ديفران بأنها “سخيفة” وواصلت: “لن أتردد في مشاهدة هذه المسرحية لو عرضت مرة أخرى. لا أحد يأخذهم على محمل الجد عندما يهاجمون فنانين كهذا”.
تابعت قائلة: “كنت بين الذين شاهدوا هذه المسرحية في تلك الليلة الرائعة. كل شيء كان رائعًا. كانت ليلة جميلة، لسبب واحد وهو أن كلاً من سلفي كليجدار أوغلو، زوجة رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، وديلك إمام أوغلو، زوجة عمدة مدينة إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو حضرت تلك المسرحية من أجل دعم السيدة باشاق، زوجة صلاح الدين دميرتاش. تغيرت سياستهم تجاه الأكراد لكن فننا لم يتغير”.
ثم نصحت الفنانة وزير الداحلية بالتركيز على المشاكل الحقيقية التي تعاني منها تركيا بدلاً من التحرش بالفنانين والفنانات، مثل الملفات الخاصة بضحايا التعذيب الذي يمارس بكل أنواعه على المعتقلين لأسباب تافهة. على حد وصفها.
يشار إلى أن مظاهر الوحدة والتضامن بين نواب ومسؤولي حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، وحزب الشعوب الديمقراطي في قاعة المسرحية أزعجت كثيرًا حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان الذي كان قد قرر وقف العمليات الأمنية والعسكرية ضد عناصر حزب العمال الكردستاني المسلحة ليطلق مفاوضات معه من أجل تسوية القضية الكردية المزمنة، ثم قام بالإطاحة بطاولة هذه المفاوضات بعدما خسر دعم الأكراد، ليبدأ بعدها حربًا موسعة ضد كل الأحزاب الكردية دون تفريق بين الذي يستخدم السلاح كالعمال الكردستاني والذي يرفض العنف كوسيلة للبحث عن الحقوق المهدورة مثل حزب الشعوب الديمقراطي.
وكان أردوغان أمر باعتقال الزعيم الكردي دميرتاش بعدما قال في اجتماع بالبرلمان التركي: “أردوغان كان يعلم مسبقًا التحضيرات للانقلاب العسكري لكنه تابع الأمر عن كثب دون أن يتخذ التدابير الكفيلة بإحباط المحاولة قبل حدوثها، من أجل استغلال المشهد الذي سيخلقه هذا الانقلاب المدبر من قبله في سبيل إجراء عمليات الطرد والتصفية المقررة سلفًا. لذلك فإن دماء نحو 250 مواطنا في رقبة أردوغان”، وذلك بعد محاولة الانقلاب المزعومة التي شهدتها تركيا في 2016.
_