بقلم: عبد العزيز فيرم
الجزائر (زمان التركية) – يبدو جليا واضحا أن الأقليات كشعوب وجماعات لا تمثل أغلبية ساكنة في دولة ما ليست من الجدة بحال من الأحوال، كما أن وجودها ليس نتاج عوامل وتفاعلات داخلية فحسب، وأن تواجدها فى دولة كبرى ليس بنفس الوهج أو القيمة أو الأثر مقارنة بدول صغرى.
لقد لعب الإعلام وخاصة وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي دورا وزخما كبيرا فى التعريف بتلك الأقليات (هوية و ثقافة و لغة …..)، ولما كانت تلك الوسائل مملوكة وموجهة من طرف الدول الكبرى فى صورة الولايات المتحدة فإنها بالنهاية تسلط الأضواء على قضية دون أخرى، والهدف ليس إشراك العالم في مأساة ومعاناة فئة أو أقلية مضطهدة فوضت حقوقها وتعرضت لانتهاكات صارخة وبالتالي توجيه بوصلة الرأي العام الدولي للمساعدة أو على الأقل سحب الممارسات المشينة ودحضها ورفعها، بل للاستثمار فيها بما يخدم مصالحها الضيقة.
ربما أصبحت تلك القضية كابوسا موجعا يقض مضجع بعض الدول الضعيفة والمغلوبة على أمرها لوجود أقلية تتمتع باختلاف ديني أو لغوي أو ثقافي عن الأكثرية والأمر يزداد إيلاما إذا أخذنا في الحسبان عاملا هاما وهو غنى الدولة إياها بثروات وموارد هامة، تجعل من كبريات الدول الطامعة إلى العزف على وتر الأقلية، لاستدراك عطف العالم وإيجاد مسوغات قانونية و شرعية وأخلاقية للتدخل والاغتنام.
بالاتساق مع ذلك فإن قوى كبرى تستغل الورقة ضد قوى كبرى أخرى موازية والشواهد في هذا الصدد يحبل به العالم السياسي، إن موقفا أمريكيا أو أوربيا يصدر ضد الممارسات الفظيعة من السلطات الصنية ضد المسلمين الأويغور بتركسان الشرقية (منطقة غرب الصين المتاخمة للجمهوريات الإسلامية بآسيا الوسطى)، أو يتعاطف مع قضية الروهينغا كأقلية سلبت منها كافة الحريات وتعرضت لأبشع جرائم القتل والترويع، لينظر إليه بنظرة ربية وشك على إعتبار أن كيانا مثل الولايات المتحدة أو حليفتها أوربا الغربية تتجه دائما بأفعالها و بأقوالها لتحقيق أكبر حجم من المكاسب فى إطار سياسية النفوذ الحيوي أو كسر شوكة دولة اقتصادية كبرى بحجم الصين، خاصة وأن حربا تجارية شعواء تدور رحاها بين الدولتين الأمريكية والصينية لنفوذ أكبر في الأسواق العالمية والتحكم بالتجارة والقبض على مصادر ومنابع الثروة وكذا السيطرة على عالم التكنولوجيا والاتصال والإعلام باعتبارها وسائل للهيمنة على العالم وتوجيهه كما تريد وإلى حيث ترغب بما يخدم مصالحها ويتلائم مع توجهاتها.
ولكن في ظل تلك الحقائق …هل حري بالعالم الإسلامي الاستثمار فى أزمات الأقليات المسلمة فى العالم من أجل إسقاط كل التهم الجزافية التي ألصقت زورا وبهتانا بالدين الأسلامي عبر حقب زمنية طويلة؟ يأتي الإرهاب على رأس قائمتها خاصة بعد أحداث الحادي عشر سبتمبر، ثم الانتصار لدين الحق الذي ظل ردحا من الزمن يعاني من كم من الكراهية والعنصرية المقيتة.