أنقرة (زمان التركية) – جدد عبد اللطيف شنر، البرلماني المنشق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، الحديث عن أن سبب إصرار الرئيس أردوغان على تنفيذ مشروع قناة إسطنبول، هو تحقيق المزيد من الأرباح والرضوخ إلى الرغبة الأمريكية.
وتساءل شنر المنتمي حاليًا لحزب الشعب الجمهوري، عن سبب ضغط أردوغان لتنفيذ مشروع قناة إسطنبول بعدما نسيها الرأي العام في تركيا، وذلك عقب لقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقب الرسالة التحذيرية المهينة التي تلقاها منه.
وفي تصريحات لصحيفة (جمهوريت) بشأن مشروع قناة إسطنبول، ذكر شنر أن قناة إسطنبول مشروع سيكلف عشرات المليارات، وأنه لا يوجد أي ضرورة لتنفيذ مثل هذا المشروع، وأنها ليست مشروعًا تم التخطيط له بالأخذ في عين الاعتبار مصلحة البلاد، موضحا أنه يتوجب على كل الأتراك وليس فقط سكان إسطنبول التصدي لهذا المشروع.
تحقيق ريع
واعتبر البرلماني التركي ونائب رئيس الوزراء الأسبق، أن ثروة أردوغان أصبحت مشكلة أمن قومي، مشددًا على ضرورة استقالة أردوغان بعدما بلغت الأمور هذه المرحلة.
وأرجع شنر إصرار أردوغان على تنفيذ مشروع قناة إسطنبول إلى سببين قائلا: “السبب الأول وبدون شك هو الرغبة في تحقيق ريع-أرباح-. هذه الرغبة في تحقيق الريع هي المحرك الأساسي لموقف السلطة الحاكمة في كل القضايا”.
أما عن السبب الأهم من وجهة نظر البرلماني التركي، فقال “البعد الآخر للأمر هو اتفاقية مونترو. بالنظر إلى اتفاقية مونترو، لا يمكن للسفن الحربية الخاصة لدول ليست على ساحل البحر الأسود دخول البحر الأسود إن تجاوزت حمولتها وزنًا معينًا من الأطنان، لكن إن كانت سفن الحرب أقل من هذه الحمولة المحددة فإنه يتوجب عليها مغادرة البحر الأسود في فترة أقصاها 21 يوما من دخولها لمياه البحر الأسود. هذا الأمر أزعج الولايات المتحدة منذ البداية وبحثت كيفية خرف اتفاقية مونترو. البحر الأسود هو المكان الذي لم تتمكن من تأسيس قاعدة عسكرية دائمة لها به ولا تشكيل أسطول بحري واحد به، لكن في حال تنفيذ مشروع قناة إسطنبول فإن السلطات التركية بهذه ستضع اتفاقية مونترو محط جدل”.
عبد اللطيف شنار الذي انشق عن حزب العدالة والتنمية، وانضم إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض، يزعم أن هناك اتفاقا بين أردوغان والإدارة الأمريكية بشأن قناة إسطنبول، وقال سابقا: “أخشى أن يكونوا قد قالوا لأردوغان شق القناة الجديدة وانسحب من اتفاقية المضايق (مونترو)، ولن نقم بالتحقيق في مصادر ثروتك”.
عبد اللطيف شانار، تسائل الأسبوع الماضي، عبر تويتر، قائلا: “ما سر الإصرار على تنفيذ قناة إسطنبول الجديدة؟ بالتأكيد هناك شراهة لتحقيق المزيد من الربح العقاري. ولكن هذا لا يكفي. السر هو اتفاقية مونترو الخاصة بالمضايق” والتي تعطي تركيا الحق في إغلاق الممرات البحرية إذا كانت في حالة حرب أو تشعر بخطر يقترب.
وأوضح قائلا “البحر الأسود هو المكان الوحيد -بموجب الاتفاقية- الذي لا يستطيع الأسطول الأمريكي التمركز فيه. أخشى أن يكونوا قد قالوا لأردوغان شق القناة الجديدة وانسحب من اتفاقية المضايق (مونترو)، ولن نقوم بالتحقيق في مصادر ممتلكاتك”.
وكانت الولايات المتحدة رفضت عام 1936 حضور مناقشات مونترو في سويسر لبحث طلب تركيا تطبيق النظام الجديد للمضائق المعتمد حاليا، لاعتراضها عليه.
ويحذر سياسيون من أن مشروع قناة إسطنبول الذي يصل البحر الأسود مع بحر مرمرة قد يشكل تجاوزاً لمعاهدة مونترو ويخرج تركيا منها.
في السياق ذاته، عزا أحمد فاروق أونسال، الناشط الحقوقي والبرلماني السابق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، سبب إعادة الرئيس رجب طيب أردوغان طرح قضية قناة إسطنبول الثالثة مجددًا، إلى الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ أكثر من سنة.
وخلال حوار أجرته معه الصحفية (غولتن) صاري على إذاعة “أحوال بود” للنسخة التركية من موقع “أحوال تركية” لفت أونسال إلى أن حكومة حزب العدالة والتنمية تستغل نظام الخصخصة لنقل الأموال إلى الشركات المحلية والدولية المتعاونة معها، وأنها تقوم بتمويل قطاع البناء والإنشاء، قاطرة الاقتصاد التركي، عن طريق أرباح بيع الأراضي والعقارات، معتبرًا هذه الطريقة نهبًا وسلبًا لأصول تركيا وبيعها إلى الأجانب، وخطأ سينعكس سلبًا على الإنتاج والاقتصاد.
وانتقد أونسال مبادرة الرئيس أردوغان إلى بيع الجزر والعقارات والمصانع الحيوية للأجانب تحت مسمى “الاستثمار”، من خلال قرارات رئاسية يصدرها، متهمًا إياه ببيع قسم كبير من عقارات تركيا للشركات الأجنبية، بحيث بات اليوم بحاجة ماسة إلى فتح قنوات جديدة للحفاظ على “نظام اقتصاد الريع” الذي أسسه في البلاد، والذي تقوم عليه النهضة الاقتصادية المزعومة لا على الإنتاج الحقيقي.
نائب حزب العدالة والتنمية سابقًا أحمد فاروق أونسال عدّ مشروع قناة إسطنبول الثالثة من من الوسائل الجديدة التي ستحقق لأردوغان ولرجاله ريعًا كبيرًا، وذلك “عن طريق تسويق المناظر الطبيعية التي ستظهر حول مياه البحر الذي ستشق فيه القناة للمستثمرين المحليين والأجانب”، على حد تعبيره.
وتابع أونسال قائلاً: “اعتماد الاقتصاد على الريع بدلا من الإنتاج الحقيقي ليس طريقًا صحيحًا للتنمية ولا يمكن أن يكون نموذجًا اقتصاديًّا ناجحًا. حيث إن للأراضي والمناظر الطبيعية والمستثمرين حدودًا معينة ينتهي الاقتصاد القائم عليها بانتهائها”.
من جهة أحرى، بقف رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، المنتمي لحزب الشعب الجمهوري المعارض، أكرم إمام أوغلو، بالمرصاد للمشروع، وأكثر من مرة معارضته شق قناة الجديدة، مشيرًا إلى وجود تحذيرات بيئية بالغة الخطورة على المدينة.
وردا على ذلك قال إبراهيم كالن الناطق باسم الرئاسة: “يجري الحديث عن المشروع منذ سنوات طويلة. والآن تخرج علينا أحزاب المعارضة، ورئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، ليعارضوا المشروع، وكأن ذلك من صلاحياتهم. هذا المشروع هو مشروع الدولة، وليس مشروع البلدية”.
وقبل أسبوعين قال الرئيس أردوغان: “سنطرح مناقصة مشروع قناة إسطنبول المائية ونبدأ بتنفيذ المشروع في أقرب وقت”. وأضاف: “لم ولن نسمح لأي قوة بالحيلولة دون تحقيق تركيا أهدفها لعام 2023”.
وتقول حكومة العدالة والتنمية إن المشروع سيخلق مناطق جديدة قادرة على جذب السكان وتخفيف الضغط عن مضيق البوسفور، أحد أكثر مسارات سفن الشحن نشاطًا.
–