شرناق (زمان التركية) – نظم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي فعالية لإحياء الذكرى الثامنة لمجزرة “روبوسكي” – أولوداره- التي أسفرت عن سقوط 34 ضحية في بلدة أولوداره التابعة لمدينة شرناق جنوب شرق البلاد.
في 28 ديسمبر/ كانون الأول 2011، قصفت طائرات حربية تابعة للقوات المسلحة التركية بالخطأ مجموعة مكونة من 34 مواطنًا كرديًا، من بينهم 17 طفلًا، يقومون بأعمال تهريب على الحدود، على أنهم إرهابيون تابعون لتنظيم حزب العمال الكردستاني.
أقارب الضحايا نظموا مسيرة إلى قبور ذويهم، حاملين صورهم، بينما دفعت قوات الأمن بعدد كبير من القوات إلى القرية خلال الفعالية.
ومن جانبه أكد الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي سزائي تمالي، أن الآلام الناتجة عن الحادث لا تزال حية في قلوبهم، مشيرًا إلى أنهم شاركوا في الفاعلية للتضامن معهم.
وأكد أن حزبه سيواصل المقاومة من أجل تحقيق العدالة، قائلًا: “نحن نواصل تجرع هذا الواقع الأليم، لأننا لم نواجههم بمجزرة روبوسكي، ولم نحاسبهم عليها. لو كنا حاسبناهم على مجزرة روبوسكي/أولودره، ربما لم تكن تلك المجازر الأخرى لتحدث.”
وأضاف: “سنواصل المقاومة والكفاح من أجل تحقيق العدالة على هذه الأرض؛ لأننا نعرف أن هذه المنطقة هي منطقة مجازر”.
يذكر أن الجيش التركي تعرض لمؤامرة خبيثة مدروسة جيدًا في 28 ديسمبر 2011 تسبّبت في وقوع ما يسمى بـ”حادثة أولودره” أو “روبسكي”، التي أسفرت عن مقتل 34 كرديًّا مدنيًّا يهربون بضائع على الحدود العراقية – التركية في وقت كانت القوات العسكرية والأمنية تشنّ أنجح العمليات ضد حزب العمال الكردستاني من جانب، وكانت الحكومة تستعد لتقديم حزمة قوانين تعترف بحقوق الأكراد وتلبي مطالبهم في هذا الصدد.
وقد حمّلت رئاسة هيئة الأركان العامة جهاز المخابرات برئاسة هاكان فيدان، الذي يصفه أردوغان بـ”كاتم أسراري”، مسؤولية الغارة الجوية “الخاطئة” بسبب تقرير أرسله إليها حول استعداد فهمان حسين؛ أحد زعماء العمال الكردستاني، لهجوم إرهابي في المنطقة المذكورة.
كما اتهم وزير الداخلية الأسبق إدريس نعيم شاهين جهاز المخابرات ووصف الحادثة بـ”مؤامرة مدبرة من قبل جهاز المخابرات ضد الجيش”، حيث أكد أن “مسؤولاً رفيع المستوى من جهاز المخابرات” أعطى معلومات للقوات المسلحة تفيد بأن باهوز أردال، أحد قياديي العمال الكردستاني البارزين، يعبر الحدود، وبناء على هذه المعلومة قصفت المقاتلات الجوية مجموعة من المهرّبين على أنهم مجموعة إرهابية بينها باهوز أردال تعبر الحدود من أجل الهجوم على أهداف تركية”.
بعد هذه الحادثة أعلن أردوغان في 29 ديسمبر 2012 أنه أمر بوقف العمليات الأمنية والعسكرية ضد مليشيات العمال الكردستاني المسلحة من جانب، ومن جانب آخر أمر رئيس مخابراته فيدان بالبدء في إجراء مفاوضات مع زعيم العمال الكردستاني في محبسه عبد الله أوجلان بدعوى إقامة السلام الكردي في البلاد. جاءت بعد ذلك إقالة وزير الداخلية شاهين الناجح في مكافحة الذراعين المدني والمسلح للعمال الكردستاني، بـ”رجاء” من أوجلان، على حد تعبير الوزير ذاته.
وبهذه الخطوات تم تكبيل أيدي القوات الأمنية والعسكرية التي كانت على وشك الإجهاز على العناصر الإرهابية المسلحة، وأرسلت أطواق النجاة التي أنقذت العمال الكردستاني من التمزق والانحلال، حيث أضفت الشرعية على هذا الحزب المسلح وجعلته طرفًا شرعيًّا يتفاوض رسميًّا مع الحكومة نيابة عن الأكراد، بينما كان الأولى أن يتم التواصل مع الشعب الكردي الذي هو الضحية الحقيقية لإرهاب العمال الكردستاني وسياسات الحكومات المنتهكة لحقوق الأكراد، حيث كان العمال الكردستاني يستمد شرعيته من الممارسات الظالمة ضد المواطنين الأكراد منذ سبعينات وثمانينات القرن المنصرم. إلا أن أردوغان كان يعارض نداءات المعارضة السياسية والمدنية المطالبة بإجراء هذه المفاوضات بشفافية تحت مظلّة البرلمان حتى لا تفتح الأبواب لأية مساومات سياسية سرية أو علنية بين الطرفين، ويُسْكِت كلّ المعترضين على الأخطاء المرتكبة، والطريقةِ المتبعة، وتحويلِ العمال الكردستاني إلى الممثل الوحيد للشعب الكردي، بدلاً من تهميشه والتفاوض مع الحركات الكردية الأخرى المعتدلة الرافضة للعنف، وعلى رأسها حزب الشعوب الديمقراطي الذي كان يرأسه صلاح الدين دميرتاش المعتقل حاليا.
وذلك لأن أردوغان كان يريد نقل تركيا إلى النظام الرئاسي بدعم العمال الكردستاني وزعيمه أوجلان المكلّف بتوجيه الشارع الكردي مقابل بعض التعهدات التي قطعها على نفسه بموجب الاتفاق السري بين الطرفين.
إلا أن الأكراد لما استجابوا لدعوة الزعيم الكردي صلاح الدين دميرتاش بدلاً من أوجلان، وصوتوا ضد حزب العدالة والتنمية وأسقطوا حكومته المنفردة في عام 2015، توجه أردوغان هذه المرة إلى الإطاحة بطاولة مفاوضات السلام الكردي في العام ذاته، ومن ثم تحالف مع حزب الحركة القومية بقيادة دولت بهجلي وحزب الوطن بقيادة دوغو برينجك من أجل سنّ النظام الرئاسي في 2017.
–