تقرير: محمد عبيد الله
أنقرة (زمان التركية) – أنهت النيابة العامة في تركيا تحقيقاتها حول الاعتداء الذي تعرض له رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليجدار أوغلو خلال مراسم تشييع جنازة عسكرية في أبريل/ نيسان المنصرم، نتيجة لحملة تحريض واسعة ضد المعارضين آنذاك قادها الرئيس رجب أردوغان ووسائل الإعلام المولية له.
وطالبت النيابة العام بالسجن حتى 3 سنوات و10 أشهر بحق عثمان ساريجون الذي قام بقذف كليجدار أوغلو بالبيض ولعب دورًا كبيرًا في الاعتداء عليه، خلال تشيع جثمان ضابط المشاة ينار قريقجي، في 21 أبريل/ نيسان الماضي، والذي سقط قتيلا خلال اشتباكات مع عناصر تنظيم العمال الكردستاني بمدينة هكاري جنوب شرقي تركيا.
ومن المثير أن مذكرة الادعاء وصفت الاعتداء الاستفزازي الخطير للغاية الذي استهدف كليجدار أوغلو بـ”الاحتجاج” عوضا عن “الاعتداء” أو “محاولة قتل” إذا لولا تدخل الشرطة لإنقاذ كليجيدار أوغلو واحتمائه بأحد المنازل لكان قد تعرض لإيذاء كبير.
النيابة رفعت دعوى قضائية ضد 35 شخصًا على خلفية الحادث، وحملت مذكرة الادعاء كليجدار أوغلو السبب إذا قالت إنه شارك في مراسم الجنازة دون أن يقدم أية معلومات مسبقة حول اعتزامه المشاركة، مع عدم تلقي أية بلاغات أو معلومات استخباراتية قبيل الجنازة تشير إلى احتمالية اندلاع أي هجمات.
وطالبت مذكرة الادعاء بالحبس حتى 3 سنوات و10 أشهر بحق عثمان ساريجون، الذي ورد اسمه بين 36 متهمًا في إطار القضية.
وجاء في مذكرة الادعاء أن 12 ألف شخص شاركوا في الجنازة وأن كليجدار أوغلو والوفد المرافق له دخلوا ساحة الجنازة في تمام الساعة 13:17 ليبدأ المواطنون في إطلاق صيحات الاستهجان اعتراضًا على مشاركتهم في الجنازة، فيما قام المدعو ساريجون بقذف البيض تجاه كليجدار أوغلو خلال الشغب الذي اندلع.
ووصفت مذكرة الادعاء الاعتداءات بـ “التدافع”، مفيدة أن كليجدار أوغلو قضى ساعة و20 دقيقة داخل المنزل الذي احتمى به وأن المشتبه بهم نفذوا اعتدائهم بهدف إصابته.
يذكر أن الاعتداء على كليجيدار أوغلوا تزامن مع استخدام الرئيس رجب أردوغان خلال الفترة التي لحقت انتخابات البلديات التي عقدت في 31 مارس/ آذار الماضي لغة تحريض ضد المعارضين، خصوصًا حزب الشعب الجمهوري، واتهامات لهم بالتعاون مع تنظيم العمال الكردستاني الإرهابي، من أجل تحريض القوميين الأتراك ضد الحزب الذي أذاق بتحالفه مع حزب الشوب الديمقراطي هزيمة مرة للحزب الحاكم في البلديات الكبرى.
واقتداء بأردوغان كانت جريدة “جونيش” المقربة من الحكومة وضعت عنوانًا استفزازيًّا ربطت فيه بين فوز مرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول واستشهاد أربعة جنود، قائلة: “هل أنت سعيد الآن بعد سقوط شهداء وأنت متحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي الموالي لحزب العمال الكردستاني الإرهابي؟”
كما أن وزير الداخلية سليمان صويلو كان أعلن أنه لن يسمح للمعارضة، وخاصة مسؤولي حزب الشعب الجمهوري، بالمشاركة في جنازات الجنود المستشهدين، متهما إياهم بالتعاون مع حزب العمال الكردستاني.
وقد آتت هذه التصريحات التحريضية للرأي العام ثمراتها خلال وقت قصير، حيث بدأ بعض الحضور في الاعتراض على وجود كليجدار أوغلو في الجنازة ليتعرض بعد ذلك للضرب من قبل مجموعة قومية من المتواجدين في المكان.
وتمكن بعض أنصار حزب الشعب الجمهوري من إبعاد كليجدار أوغلو عن المكان، عقب تعرضه للضرب واللكم والإهانة، بينما تضررت بعض السيارات الموجودة في المحيط جراء الرشق بالحجارة.
ولكم أحد الحضور كليجدار أوغلو في وجهه، مما أدى إلى سقوط نظارته، إلا أن الحرس الشخصي تمكن من التدخل وإبعاده من المنطقة.
من جانبها بدأت قوات الأمن تفريق المجموعات التي تجمهرت في محيط المنزل الذي لجأ إليه كليجدار أوغلو، بعد أن بدأوا في رشقه بالحجارة. ومن المثير للدهشة أن أحدًا من المعارضين لمشاركة كليجدار أوغلو في الجنازة صاح قائلاً: “أحرقوا المنزل” الذي لجأ إليه كليجدار أوغلو، إلا أن وزير الدفاع خلوصي آكار دعا المهاجمين للانصراف بعد أن نظموا عمليتهم الاحتجاجية، على حد تعبيره.
وقد صرح كنعان نوهوت، كبير مستشاري كليجدار أوغلو، أنه كان هناك سكين في يد أحد المهاجمين، ولكنه دفعه بيده، ثم هجم عليه أصدقاؤه.
فيما قال البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري ورئيس الكتلة البرلمانية للحزب لفند جوك: “من اللحظة الأولى كان هناك شيء غريب. كان يبدو أن هناك مجموعة بعينها تم وضعها ونشرها في قلب الزحام. وجّهونا إلى أن وصلنا إلى مكان تواجدهم. خلال الاعتداء على كليجدار أوغلو، لم نتمكن من الوصول إليه، وكان هناك اعتداء آخر علينا أيضًا. دخلنا أحد الشوارع، وكان خلفنا نحو 50-100 شخص يطاردوننا”.
وأوضح جوك أن العمل كان يبدو مدبرًا مسبقًا، مشيرًا إلى أنه كذلك تعرض للاعتداء مع باقي نواب الحزب، بالإضافة إلى رئيس بلدية أنقرة الجديد الممثل عن الحزب منصور يافاش؛ في حين أن وزير الدفاع خلوصي أكار وباقي مسؤولي الدولة كانوا في الخلف بعيدين عن الاعتداء.
وتابع: “كيف لهذا الحادث أن يقع في حفل جنازة حضره وزير الدفاع، ومدير أمن أنقرة، ومدير الأمن العام، ورئيس هيئة الأركان”.
ومن المثير أن أردوغان التزم الصمت، ولم يعلق على الاعتداء بأي شكل من الأشكال؛ بينما اتجهت أصابع الاتهام إلى وزير الداخلية سليمان صويلو.
–