(زمان التركية)- اتساقا وتكملة للمقالة السابقة والتي كان عنوانها “أردوغان وازدراء حقوق الإنسان” والتي تم الحديث فيها عن بعض جرائم أردوغان وخرقه لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، أواصل في مقالتي هذه الحديث عن المسلسل البشع من جرائم السيد المذكور التي بارتكابه لها وحرصه على إتمام الإجرام فيها على أكمل وجه وضعته في مصاف السياسيين المجرمين في حق شعوبهم، ووضعت بلده التي يقودها أحد أربع دول العالم الأكثر انتهاكا لحقوق الإنسان.
وكانت من بين الجرائم المرتكبة في حق الشعب التركي من قبل هذا الطاغية الظالم انتهاكه لحرية الرأي والتعبير. فوفقًا لتقرير أعدته مؤسسة “ماعت” للسلام والتنمية وحقوق الإنسان فإن “تركيا تحتل المرتبة الأولى عالميا فيما يتعلق بعدد الدعاوى المنظورة أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والمتعلقة بانتهاكات حق حرية الرأي والتعبير بواقع 1300 دعوى وجدت فيها المحكمة انتهاكا في 1072 دعوي منها بنسبة 82، وحافظت الحكومة التركية على المرتبة الأولى أيضا عالميا في سجن الصحفيين، حيث بلغ عدد الصحفيين المحبوسين في السجون التركية خلال عام 2018 فقط 68 صحفيا، وازدادت الأعداد وتجاوزت الانتهاكات بلا حدود في عام 2019 في سجن واعتقال وملاحقة الصحفيين وأصحاب الرأي المخالف للظلم القائم بنسبة هي الأولي في الاعتداءات في تاريخ تركيا.
ولا شك أن حق حرية الرأي والتعبير هو حق إنساني قبل كونه حقا قانونيا ودستوريا مكفول للشعوب ومنصوص عليه في القانون الدولي وتحديدا في المادة التاسعة عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وبالطبع منصوص على ذات الحق في جميع القوانين الداخلية لدول العالم المتحضر.
والقيد الذي يرد على هذا الحق عند ممارسته يتعلق فقط باحترام حقوق الآخرين وسمعتهم وحماية الأمن القومي أو النظام العام والصحة العامة أو الآداب العامة.
وبالإضافة لانتهاك حق حرية الرأي والتعبير الذي يمثل فقط إحدى الحلقات في مسلسل تركي مطول كعادة مسلسلات الأتراك وبشعا إجراميا على غير عادتها.
فهناك انتهاكات أخرى تتعلق بالاعتقال غير القانوني، التعذيب والمعاملة غير الإنسانية، انتهاك حق السفر، الاعتداء على حق الملكية الشخصية، التشهير والقذف والافتراء وانتهاك حق التعليم.
ومن أكثر حلقات المسلسل الإجرامي بشاعة وأشدها وضاعة وأقواها في التعامل اللاقانوني فضلا عن كونه غير إنساني تلك التي عنوانها الدبلوماسية التركية. إنني كرجل قانون دولي مما تعلمته في أحد فروع القانون الدولي وهو القانون الدولي الدبلوماسي أن من قواعده البديهية المسلم بها أن من المهام الرئيسية للبعثة الدبلوماسية لدى الدولة المستضيفة هي تسهيل أعمال وشؤون مواطنيها المقيمين في هذه الدولة، ففي كلمتين دورها هنا هو الرعاية والحماية لمواطنيها بالإضافة إلى مهامها الدبلوماسية الأخرى.
وإذا نظرنا لمدى تطبيق هذا الدور من قبل البعثات الدبلوماسية التركية فوجئنا بالكارثة بحجمها الثقيل أمام أعيننا فبعد كذبة الانقلاب المفبرك في يوليو 2016 تعاملت السفارات والقنصليات التركية مع مواطنيها من وصفتهم وفقا لهواها بالمعارضين وصنفتهم ظلما وافتراء ضمن المجرمين تعاملت معهم بكل أنواع الانتهاكات لحقوقهم القانونية، فلقد منعوا من الخدمات القنصلية كاملة، فتمت مصادرة جوازات سفرهم ورفض تمديد صلاحية جوازات السفر المنتهية، ورفض تقديم بطاقات الهوية أو جوازات السفر للأتراك المولودين حديثا خارج تركيا، وكمثال واحد فقط من آلاف الأمثلة المشابهة ما حدث مع ابنة صديق لي حيث إنه فور انتهائها من الثانوية العامة قدمت منحة في الولايات المتحدة الأمريكية لتكمل دراستها الجامعية وحصلت على منحة كاملة ولم تستطع السفر بسبب عدم سريان جواز سفرها …. الخ مما يحدث للسيدات والسادة الأتراك المقيمين على أرض الدولة المصرية إلى حد عدم تمكنهم من دخول سفارة دولتهم أصلا.
اختم مقالتي بما يردده على أذني دوما معظم أصدقائي الأتراك المقيمين على أرض الدولة المصرية من أنهم يشعرون بأنهم في وطنهم حقيقة فإذا لم يجدوا من يحنوا عليهم من أعضاء حكومة دولتهم فلقد وجدوا على أرض مصر شعب متحضر بطبيعته وطيب بأصله وحكومة محترمة إلى أقصى حد رفضت تعاملهم كلاجئين وقدمت وتقدم لهم كل التسهيلات كمواطنين استجابة لتوجيهات من يصفونه بالأب والحاكم السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي
بقلم:
المستشار: هيثم السحماوي
باحث دكتوراه بالقانون الدولي