واشنطن (زمان التركية) – حذر المؤرخ التركي البروفيسور تانر أكتشام، من أن أنقرة ستكون مطالبة بدفع تعويضات مالية، بعد اعتراف مجلسي الشيوخ والنواب في الولايات المتحدة، بمذبحة الأرمن المزعوم ارتكابها في عهد الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية.
ووافق مؤخرًا مجلس الشيوخ الأمريكي على الاعتراف بإبادة الأتراك للأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، بإجماع الأصوات، بعد موافقة مجلس النواب، وسط ترقب لموقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
البروفيسور تانر أكتشام المعروف بكتبه ومقالاته حول الحرب العالمية الأولى، أكد أن قرار الشيوخ الأمريكي يعتبر نقطة تحول تاريخية في أزمة إبادة الأرمن، محذرًا من أن الفترة المقبلة قد تشهد رفع دعاوى قضائية -دولية- ضد تركيا والحكم بإلزامها بدفع تعويضات للأرمن.
أكد أكتشام إن على أنقرة الحفاظ على علاقتها بالإدارة الأمريكية لتجنب وقوعها في مشاكل، وقال: “إذا لم تأخذ تركيا موقفًا ضد القرار، ولم تحاول غلق قاعدة إنجرليك الجوية الأمريكية على أراضيها، فإن كلا البلدان سيتمكنان من استمرار علاقتهم وكأن شيئًا لم يكن. الأهم أنه لو صدق ترامب على العقوبات الاقتصادية على تركيا فستكون مؤثرة للغاية”.
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، هدد الأربعاء الماضي بغلق بلاده القاعدتين العسكرية الأمريكية إنجيرليك وكورجيك إذا أقدمت الولايات المتحدة على تطبيق عقوبات على تركيا.
وأوضح البروفيسور تانر أكتشام أن القرار لن يكون الأخير، وإنما سيكون بداية لقرارات أخرى مشابهة، قائلًا: “إن الأرمن سيقومون بتطوير أساليب كفاح واستراتيجيات جديدة ومناسبة لهذه البداية… وستبدأ مرحلة جديدة”.
وأضاف: “القرار ملزم بالنسبة للنظام القانوني الأمريكي. قرارات الاعتراف بإبادة الأرمن، تم التصديق عليها من مجلس النواب ومجلس الشيوخ. بهذا قد تم الموافقة على القرار من اثنين من ثلاث مؤسسات مهمة في الإدارة الأمريكية. أما المؤسسة الثالثة هي البيت الأبيض. ولكنه حتى وإن لم يصدق على القرار، فإن اعتراف أكبر مؤسستين في أمريكا بالقرار يعني اعترافا رسميا، مما قد يؤثر على جميع الحقوقيين؛ أي أن القرار ملزم”.
تعويضات
وحذر من أن النظام الأمريكي يتيح رفع دعاوى قضائية على الشركات والمؤسسات الأجنبية وإلزامها بدفع تعويضات للمتضررين، مشيرًا إلى أن الادعاء الخاص بالدعاوى سيكون استيلاء الأتراك على ممتلكات الأرمن.
وأكد أن الفترة المقبلة ستشهد رفع دعاوى قضائية كثيرة من قبل أشخاص ومؤسسات أرمنية، مشيرًا إلى أن الأمر سيكون شبيهًا بإلزام ألمانيا بدفع تعويضات لإسرائيل بسبب الهولوكوست. وأوصى أن تقوم تركيا بتطوير سياسة تواجه تاريخها.
إبادة الأرمن
واكتسبت مؤخرا قضية “إبادة الأرمن” المزعوم وقوعها في أواخر العهد العثماني زخمًا قويًا.
وكانت فرنسا قررت هذا العام إحياء ذكرى”الإبادة الأرمنية” في البلاد، وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن بلاده قررت اعتبار يوم 24 أبريل/ نيسان “يوما وطنيا لإحياء ذكرى الإبادة الأرمنية”.
ويسعى الأرمن للحصول على اعتراف دولي بتعرضهم لمجازر بين 1915 و1917 على يد العثمانيين تشكل إبادة اسفرت عن مقتل نحو 1,5 مليون أرمني.
لكن تركيا تنفي أن يكون ما تعرض له الأرمن من مجازر واعتقال وترحيل في تلك الحقبة يرقى إلى مصاف جريمة الإبادة.
واعترف عدد كبير من دول العالم بهذه الأحداث بوصفها حقيقة تاريخية، ومنها دولة أوروغواي، التي أعلنت اعترافها عام 1965، وتلتها فرنسا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا وبولندا وليتوانيا وسلوفاكيا والسويد وسويسرا واليونان وقبرص ولبنان وكندا وفنزويلا والأرجنتين والبرازيل وتشيلى وبوليفيا والفاتيكان والجمهورية التشيكية والنمسا ولوكسمبورغ. واعترف بذلك البرلمان الأوروبي ومجلس الكنائس العالمي.
واعترفت وأدانت 44 ولاية أمريكية من أصل 50 ولاية من الولايات المتحدة، بالإبادة الجماعية للأرمن وأعلنت يوم 24 أبريل/ نيسان، ذكرى لإحياء ضحايا الإبادة الجماعية للشعب الأرمني.
–