بقلم : ياوز أجار
إسطنبول (زمان التركية) – أعادت زوجة قيادي في حزب العدالة والتنمية، سقط شهيدًا في محاولة انقلاب عام 2016، أحداث الانقلاب إلى الواجهة مرة أخرى بمطالبتها بمناقشة تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها البرلمان قبل ثلاث سنوات.
نهال أولجوك، زوجة أرول أولجوك، المستشار الإعلامي في الحزب الحاكم، شددت على أنه يجب على الجميع أن يطالب المسؤولين بمناقشة التقرير البرلماني عن الانقلاب، قائلة: “لا بد من المطالبة بهذا التقرير بإصرار. هذا التقرير مهم؛ لأنه سيتبين من أدلى بأقواله من المسؤولين في الدولة ومن لم يدلِ بأقواله أمام لجنة تقصي الحقائق المشكلة من أجل الكشف عن ملابسات وخفايا الانقلاب الفاشل”.
وبشكل مريب اختفى تقرير لجنة تقصي الحقائق المقدم للبرلمان التركي في عام 2017 حول المحاولة الانقلابية عام 2016. وأفادت نائبة رئيس البرلمان، ثرية سادى بلجيتش، تعليقًا على ذلك، أنه لم يتم طباعة وتوزيع التقرير خلال الدورة 26، نظرًا لعدم اكتماله، وأنه لم يتم تقديم أية تقارير إلى رئاسة البرلمان بهذا الصدد.
وانتقدت أولجوك عدم تقديم رئيس جهاز الاستخبارات الحالي هاكان فيدان أقواله للجنة تقصي الحقائق، قائلًا: “قد تجيب أقواله عن الأسئلة العالقة في رأسي، لذا يجب عليه أن يقدم للرأي العام ما يعرفه عن الانقلاب، لا يكن التهرب من ذلك، خاصة المسؤولين”.
يذكر أن حكومة حزب العدالة والتنمية كما أنها لا تقدم للمجتمع التركي والدولي رواية متماسكة منطقيًّا عن أحداث الانقلاب، كذلك لا تسمح للباحثين والصحفيين بالبحث والتدقيق فيها والكشف عن ملابساتها، ليكون العالم على بينة من أمر الانقلاب.
فكل من يحاول إزالة الضباب عن أحدث الانقلاب إما يجد نفسه في السجن أو يتعرض للتشويه والشيطنة، بينما المتوقع منها أن تسعد بهذه البحوث والتحريات وتشجّع عليها؛ نظرًا لأنها “ضحية هذا الانقلاب”، والكشف عن خفاياه يصب في مصلحتها!
كانت الصحفيّة الشابة “إيجه سفيم أوزتورك” آخر الصحفيين الذين وجدوا أنفسهم بين جدران زنزانة، في أعقاب نشرها تقاريرَ موضوعية تكشف خيوط “الانقلاب المدبر” بالاستناد إلى تقارير رسمية وإفادات العسكريين المتهمين بالانقلاب والشهود منهم والتسجيلات المصورة التي تحوزها المحاكم المشرفة على القضية، وبعد ردود فعل كبيرة من الرأي العام على اعتقال الصحفية اضطرت السلطات إلى الإفراج عنها بعد عدة شهور.
لغز التقرير البرلماني عن الانقلاب
واختفى تقرير البرلمان عن الانقلاب، رغم أن معظم أعضاء لجنة تقصي الحقائق البرلمانية يتكون من نواب الحزب الحاكم؛ ورغم أن اللجنة قالت إنها لن تستمع بشأن الانقلاب إلا إلى أقوال الجنرالات الذين اختارتهم، -أي الشخصيات التي ستدلي بتصريحات تؤيد الرواية الرسمية للانقلاب- بل وأعلنت اللجنة أنها لن تستدعي الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم للاستماع إلى أقوالهما، وكذلك رئيس أركان الجيش خلوصي آكار ورئيس المخابرات هاكان فيدان في البداية، ثم قررت مطالبتهما بإرسال رسالة خطية تضم روايتهما لأحداث الانقلاب دون الحضور أمام أعضاء اللجنة، مع أن المفترض بل الواجب، بواقع منصبهم، أن يكون هؤلاء أبرز المطلعين على خفايا هذا الانقلاب أكثر من أي شخص آخر.
كما أن اللجنة اتخذت قرارًا بالاستماع إلى أقوال “فتح الله كولن” المتهم الرئيسي بتدبير الانقلاب، لكن بعدما تلقت تحذيرات من “القصر” حول ما يمكن أن يتمخّض عن مثل هذه الخطوة نتائج خطيرة تراجعت عن تطبيق هذا القرار، وذلك رغم أن جولن تحدى الرئيس أردوغان ونظامه بالدعوة إلى تشكيل لجنة دولية للتحقيق في جميع الاتهامات الموجهة إليه، معلنًا استعداده لقبول أي نتيجة ستتوصل إليها هذه اللجنة، والعودة إلى تركيا والإعدام على الملأ.
وتؤكد الأحزاب المعارضة أن السر وراء عدم إفصاح حزب العدالة والتنمية عن تقرير لجنة تقصي الحقائق رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على أحداث محاولة الانقلاب والذي يتضمن النتائج والحقائق التي توصل إليها أعضاؤها، هو الخوف من تكشّف الحقائق التي توصل إليها أعضاء اللجنة البرلمانية والتي تشير إلى كون الانقلاب مدبرًا.
وقد نقلت الصحف التركية في يوليو 2019 عن أحد البرلمانيين من صفوف الحزب الحاكم قوله: “تقرير لجنة التحقيق البرلمانية عن المحاولة الانقلابية لم يُنشر مخافة إقدام المواطنين المتهمين بالمشاركة في الانقلاب أو الانتماء إلى حركة الخدمة على استخدامه كدليل أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان! وذلك نظرًا لأن التقرير يتضمّن تعليقات واعتراضات مهمة لأعضاء اللجنة من حزب الشعب الجمهوري والأحزاب المعارضة الأخرى”.
فضيحة اختفاء التقرير ما كان ليتكشفت لولا طلب استجواب تقدم به حزب الشعب الجمهوري، لتزعم نائبة رئيس البرلمان، ثرية سادي بلجيتش، أنه لم يتم طباعة وتوزيع التقرير خلال الدورة السادسة والعشرين، نظرا لعدم اكتماله، وأنه لم يتم تقديم أية تقارير إلى رئاسة البرلمان بهذا الصدد.
لكن هذه المزاعم تتعارض مع المعلومات الواردة في الموقع الرسمي للبرلمان، حيث تفيد تقديم التقرير لرئيس البرلمان التركي السابق إسماعيل كهرمان في 2 يوليو 2017.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم تماسك الرواية الرسمية للانقلاب وخوف الرئيس أردوغان وحلفائه من ظهور خلفيات وملابسات هذا التحرك العسكري الشبيه بالانقلاب.