بقلم دكتور/ شوقي صلاح
خبير مكافحة الإرهاب
(زمان التركية)- أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وافق على تفعيل مشروع قانون حول ضم غور الأردن لإسرائيل، حيث قال في كلمة مصورة له نشرها في حسابه الرسمي على تويتر “إن القرار التاريخي من الإدارة الأمريكية يتيح لنا فرصة فريدة لتحديد الحدود الشرقية لإسرائيل وضم غور الأردن”. وقد سبق وصرح مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي بأن واشنطن لم تعد تعتبر بناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية مخالفاً للقانون الدولي! والخطوة التالية بالطبع هي ضم جميع المستوطنات في الضفة الغربية لإسرائيل. خاصة بعد تغيير واشنطن موقفها وذهابها لشرعية المستوطنات، ولما لا، وقد صرح ترامب في خضم أزمة إقالته أنه في حالة الإقالة وبفرض وقوعها، سيرشح نفسة لرئاسة وزراء إسرائيل..، ولعلها رسالة يُذَكر بها خاصة كل يهودي أمريكي، أنه صاحب الفضل الأكبر في دعم طموحات الاحتلال الإسرائيلي في التوسعية.
جدير بالذكر أن غور الأردن تمثل حوالي ثلث مساحة الضفة الغربية المحتلة، وتسيطر إسرائيل على 60% منها فعلياً، ويسكنها حوالي 65 ألف فلسطيني بجانب 9000 مستوطنا، فهل سيدعم ترامب هذا القانون ويقر بحق إسرائيل في غور الأردن؟؟؟ غالباً الإجابة بنعم..، فنتنياهو مأزوم داخلياً، فهو مهدد بمحاكمة جنائية عن جرائم فساد قد تأخذه للسجن، ويحاول باستماته أن يحصد مكاسب سياسية ولو على حساب أمريكا وترامب. وحري بنا الإشارة أيضاً إلى أن سيناء كانت هدفاً إسرائيلاً مثل الجولان، فقد ساعد الإخوان كثيراً في تمركز عناصر داعش في شمال سيناء، وكان مقرراً أنه، فور تمكنهم من فرض سيطرتهم على سيناء وإعلانها ولاية إسلامية داعشية، كان التحرك الإسرائيلي الأمريكي سيكون جاهزاً لإعادة احتلال سيناء بدعوى حماية حدود إسرائيل، لأن سيناء وقتها ومن وجهة نظرهم ستكون قد خرجت من معادلة السلام.. .
وإذا كانت القاعدة أنك إذا تطَرفتَ وذهبت لأقصى اليمين فستجد في انتظارك من يقطنون هذه البقعة من المتطرفين والإرهابيين.. ولعلها فرصة تنظيم داعش الذهبية ـــ وبالطبع كل من على شاكلته ـــ في السعي لتحويل هذا التنظيم من وضعه الحالي كتنظيم إرهابي، ليصبح تنظيماً جهادياً يسعى لتحرير أراض محتلة، سواء الفلسطينية منها أو السورية.. وذلك باستهدافه لمصالح إسرائيلية وأمريكية؛ زاعماً أن هجماته هي بمثابة “جهاد من أجل تحرير أراض محتلة“. ورب قائل “لن يفعلها داعش ولا غيره، والدليل أنه سبق لأمريكا ونقلت سفارتها للقدس ـــ والقدس هي بالفعل قدس الأقداس ـــ وكذا اعترفت واشنطن بسيادة إسرائيل على الجولان، ولم يحرك أي من التنظيمات الإرهابية ساكناً..” وإن كان هذا ما حدث بالفعل فهل تضمن الإدارة الأمريكية ألا تستغل تلك التنظيمات الإجراءات الإسرائيلية المدعومة من واشنطن في الترويج لأيديولوجيتها، خاصة إذا قامت تلك التنظيمات الإرهابية بعمليات تندرج في إطار حرب العصابات، بجانب تحركات مكثفة لذئاب منفردة ستنشط في بقاع كثيرة من العالم.. وما سترتبه هذه العمليات المتدثرة بثوب جهادي من تضامن وتأييد واسع النطاق من قبل المناصرين للحقوق العربية، المناوئين بالطبع للاحتلال الإسرائيلي.
ولعل كلمة الختام لهذا المقال رسالة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب مضمونها “أمريكا أولاً وترامب ثانياً” اجعلها كلمة يعبر عنها واقع سياسي ذكي وحريص، واحذر من أن يبتزك نتنياهو كما حاول مع أوباما ولم يُفلِح.. وتذكر سعادة الرئيس كلمة النقد التي وجهها لك وزير خارجيتك السابق ريكس تيلرسون في محاضرة ألقاها بجامعة هارفارد جاء فيها: أن رئيس الوزراء الإسرائيلي تمكن مراراً من خداع ترامب، من خلال تقديم معلومات مغلوطة وكاذبة بهدف التأثير على أرائه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.. وأن غالبية المسئولين الأمريكيين من مستشاري الرئيس الأمريكي منحازون لإسرائيل بشكل يضر بالمصالح الأمريكية، وأنهم يأخذون الرئيس نحو سياسة خارجية أكثر تطرفاً فيما يتعلق بالشرق الأوسط، وأنه ــ أي تيلرسون ــ كان دوماً يحذرك من خداع إسرائيل.. !!!