إسطنبول (زمان التركية) – على الرغم من أن كافة الاحتمالات تشير إلى أن الأوضاع الاقتصادية هي السبب الرئيسي وراء وقائع الانتحار الجماعي المتتالية في مناطق مختلفة من تركيا باستخدام مادة السيانيد السامة، إلا أن الكاتب الموالي للرئيس رجب طيب أردوغان وأخصائي الاتصالات على صايدام حاول تجميل صورة حكومة حزب العدالة والتنمية، نافيًا أن يكون الاقتصاد الدافع الذي يقف وراء الانتحارات الجماعية التي تشهدها تركيا في الآونة الأخيرة، وذلك في برنامج أذيع على قناة خبر تورك.
وتطرق مراسل قناة خبر تورك في العاصمة أنقرة بولند آي دمير عن الأسباب المحتملة التي دفعت بعض الأسر إلى الانتحار الجماعي، وذكر أن تدهور الأوضاع الاقتصادية قد يكون بين هذه الأسباب.
ثم علق عضو هيئة التدريس بجامعة آلتينباش أ. د. أحمد قاسم خان على كلام مراسل القناة وقال بأسلوب ساخرٍ: “لا … هل يمكن أن يكون سبب الانتحارات هو الأوضاع الاقتصادية السيئة.. فاقتصادنا في وضع جيد”، وذلك من أجل الاستهزاء بالذين يرفضون وقوف الأوضاع الاقتصادية السيئة وراء الانتحارات الجماعية، وذلك على الرغم من الرسالة التي تركها المنتحرون وراءهم والتي تكشف أن عجزهم عن ديونهم هو الذي دفعهم للانتحار.
إلا أن أ. د قاسم خان واجه انتقادًا سريعًا ومفاجئًا من الكاتب علي صايدام الموالي للحكومة والرئيس أردوغان، حيث هدّده قائلاً: “لا تورّط نفسك.. لا تخاطر بنفسك (بمثل هذه التصريحات)!”، الأمر الذي تسبب في تجمّد المذيعة التي تقدم البرنامج بحيث ظلت لمدة قليلة دون أن تنبس ببنت شفة وعات لحديثها وهي تضحك.
في حين أن أ. د قاسم خان لفت إلى القمع الممارس في تركيا على التعبير عن الحقائق قائلاً: “يبدو لي أنه سيتم قريبًا فرض حظر على أخبار وقائع الانتحار أيضًا؛ لأننا أصبحنا نفرض حظرًا على الأشياء التي لا نستطيع السيطرة عليها”.
تهديد الكاتب علي صايدام لقاسم خان أعاد للأذهان عمليات الطرد التي يتعرض لها عدد كبير من الصحفيين والكتاب بطلب من الرئيس رجب طيب أردوغان في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يدفع الكتاب إلى الاحتياط في كل ما يقولون عند تقييمهم للأوضاع في البلاد.
وكان الكاتب والصحفي مراد آكصوي قال في مقاله الأخير: “لقد انتشرت أخبار الانتحار بكثرة في الأيام الأخيرة. أولاً وصلَنَا خبر انتحار أربعة أشقاء يعيشون بالمنزل نفسه في حي “الفاتح” بمدينة إسطنبول. ثم انتحر في اليوم نفسه شخص عن طريق القفز من الطابق السابع لقصر عدل “جاغلايان” في إسطنبول. بعد ذلك جاءت أخبارُ انتحار أسرة مكونة من أربعة أشخاص في أنطاليا، تبع ذلك نبأ محاولة شخص الانتحار أيضًا من خلال القفز من الجسر. ولا بد أن نعلم أن هذه وقائع الانتحار التي كشفت عنها وسائل الإعلام، لكن هناك كثير من حالات الانتحار التي لم يرِدْ ذكرها في وسائل الإعلام”.
وأضاف: “وإن كانت مادة السيانيد السامة هي المسؤولة الظاهرية عن القتل في حالات الانتحار الجماعي في إسطنبول وأنطاليا، إلا أن الملاحظات التي تركها المنتحرون وراءهم تكشف أن الأسباب الاقتصادية هي التي دفعتهم إلى الانتحار. فقد كانت الرسالة التي تركوها وراءهم تدل على أن محاولات العيش عن طريق المديونيات وجهود البحث البائسة عن العمل انتهت بالانتحار”.
ثم انتقد الجهود الرامية إلى إخفاء هذه الحقيقة في سبيل تبييض وجه الحكومة قائلاً: “كل موقفٍ يمنح السلطة السياسية “الحصانة” وإجراءاتها “الشرعية” مهما كانت، ينطوي على إشكالية، حيث إن هذه المقاربة كما أنها تحول دون فهم الواقع، كذلك تعوق رؤية أحداث أفظع قد تحدث في المستقبل. الحقيقة هي أنهم انتحروا.. دفعوا ديونهم بالانتحار.. ماتوا قبل أن يحصلوا على عمل.. وهذا عار علينا أيما عار!”، على حد تعبيره.