برلين (زمان التركية) ــــ مع عودة ظهور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالزي العسكري على شاشات التلفزيون مؤديًا التحية العسكرية، عقب إطلاق عملية “نبع السلام” العسكرية في شرق الفرات شمال سوريا، تستدعي صحيفة (زمان) مقالا كتبه “مايسترو” تحت عنوان “استراتيجية أردوغان: استغراق الجيش التركي وإنهاكه”، يشرح فيه كيف صرف الرئيس التركي اهتمام الجيش بعيدًا عن السياسة، عبر شغله بالحروب الخارجية.
الكاتب قال إن أردوغان بعد انقلاب عام 2016 العسكري الفاشل “رأى أنه من الأصوب لاستقرار حكمه أن يُشغل الجيش التركي في مهام خارجية يتم من خلالها استغراق قادته وضباطه وجنوده، وإبعادهم عن السياسة الداخلية”.
وبعد أقل من شهر من الانقلاب العسكري الفاشل أطلق أردوغان أولى العمليات العسكرية في شمال سوريا تحت اسم “درع الفرات” مستعينا بعناصر الجيش السوري الحر، ضد القوات الكردية، حيث استمرت العملية من 24 أغسطس/ آب 2016 وحتى 29 مارس/ آذار 2017.
بعد عام على “درع الفرات”، أطلق أردوغان في 20 يناير/ كانون الثاني 2018 عملية أخرى ضد القوات الكردية في عفرين تحت اسم “غصن الزيتون” انتهت في 24 مارس/ آذار 2018 بمعاونة الجيش السوري الحر بسيطرة المقاتلين المدعومين من تركيا على المنطقة.
وهذا الشهر عاد الجيش التركي من جديد إلى ساحة الحرب في شمال سوريا، لينفذ عملية عسكرية في شرق الفرات ضد القوات الكردية أطلق عليها أردوغان اسم “نبع السلام”.
وقال مايسترو في مقاله المنشور بتاريخ 24 أغسطس/ آب الماضي إن أهم مظاهر الاستراتيجية الجديدة التي بات يتبعها أردوغان لإلهاء الجيش هي:
– اتخاذ القرار السياسي لبدء العملية العسكرية التركية ” درع الفرات” ودخول قوات الجيش التركي لاحتلال مساحات شاسعة من الشمال السوري بدعوى إقامة منطقة آمنة، أملاً في أن يحول هذا دون تطلعات الأكراد بإقامة دولتهم المستقلة، وحارب الجيش التركي متعاوناً مع الجماعات الانفصالية التي انشقت عن الجيش السوري؛ والذين أطلقوا على أنفسهم “الجيش السوري الحر” وادعوا أنهم يحاربون ضد التنظيم الإرهابي “داعش”، وهم في الحقيقة خونة للوطن السوري، حيث ساهموا في تدمير وطنهم، وتم توظيفهم من قبل أعداء الدولة السورية.. وفي 29 مارس 2017 أعلنت تركيا نجاح عملية “درع الفرات”.
– وفي ديسمبر 2017 صرح الرئيس التركي أردوغان في زيارته للسودان أن الرئيس السوداني البشير وافق على تسليم تركيا جزيرة سواكن الواقعة على البحر الأحمر كي تتولى إعادة تأهيلها وإدارتها لفترة زمنية غير محددة، وصرح أنه طلب من البشير إعادة سواكن لأصلها القديم، وفي ذات السياق وقع الرئيسان اتفاقية للصناعات الدفاعية. وجدير بالذكر أن ميناء سواكن هو الميناء الثاني للسودان بعد بور سودان، وقد سبق في عهد الدولة العثمانية اتخاذ الجزيرة مقراً للحاكم العثماني لمنطقة جنوب البحر الأحمر خلال الفترة من 1821، 1885، كما استخدمتها الدولة العثمانية مركزاً لبحريتها.. لذا فإن أردوغان يريد بهذا ـــ على الأقل ـــ إنشاء قاعدة عسكرية يسيطر بها على نشاط الملاحة في البحر الأحمر..
– وفي أكتوبر 2017 تم البدء في إنشاء قاعدة عسكرية تركية في الصومال، وقد أُعلن المسئولون أن أهم أهداف القاعدة هو تأهيل الجيش الصومالي، وربما وجد أردوغان في الموقع الاستراتيجي للصومال نقطة ارتكاز وسيطرة على حركة الملاحة في هذه المنطقة، خاصة بعد تبخر آماله وتعثر سياساته في أعقاب فشل التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي ركبت موجة ما أُطلِق عليه ثورات الربيع العربي، حيث كان وما زال داعماً لهذه التنظيمات بدعوى نصرته للصحوة الإسلامية التي يدعيها..
هذا وأعلن أردوغان في أكثر من مناسبة دعمه لحكومة الوفاق في طرابلس، ولم يقتصر على الدعم السياسي فقط، ليصل إلى دعم عسكري، فقد أعلنت سلطات الجمارك الليبية مؤخراً مصادرة شحنة أسلحة قالت إن مصدرها تركيا، وتضمنت الشحنة مدرعات قتالية وسيارات دفع رباعي، وذلك بعد أسابيع من إحباط دخول شحنة أسلحة تركية أخرى تحتوي على 20 ألف مسدس عبر ميناء مصراته، ووفقاً لتصريحات لمسؤولين أتراك فإن الدعم التركي لحكومة الوفاق الليبية يأتي بهدف الحفاظ على مصالح تجارية بمليارات الدولارات، تواجه المجهول بسبب الصراع والوضع الأمني، بجانب تأمين منطقة نفوذ لها وسط توترات حول الغاز في منطقة شرق البحر المتوسط.. وكلها مبررات وهمية، والحقيقة تكمن وراء سياسة أردوغان في استغراق الجيش التركي في صراعات خارجية، ستكلف تركيا أموالاً طائلة، هذا بجانب الدماء التركية التي ستذهب سدى، في مقابل تحقيق الرئيس لأهداف شخصية، تتمحور حول استمراريته في حكم تركيا لأطول فترة ممكنة.
–