إسطنبول (زمان التركية) – توجهت الأنظار مجددًا إلى آراء الأستاذ فتح الله كولن حول المشاكل التي تعاني منها المنطقة والحلول التي قدمها، خاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية والكردية، بالتزامن مع عملية “نبع السلام” التي أمر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتنفيذها على الأراضي السورية ضد الأكراد بدعوى مكافحة حزب العمال الكردستاني.
نقدم لكم الحوار الذي أجرته قناة (NRT) الكردية العراقية مع الأستاذ كولن في عام 2018، والذي يتضمّن المقترحات التي قدمها كولن للمسؤولين الأتراك قبل عقد كامل من الزمن.
سؤال: كنتم قد تحدثتم عن المرحوم بديع الزمان سعيد النورسي، أود أن أعرف هل أنتم على علاقة بأي عالم أو قيادي ديني أو سياسي كردي، وما رأيكم بشأن عملية السلام. هل سيسود السلام في تركيا؟ وماذا لديكم من حلول وبدائل عن العمليات العسكرية التي تشنها الحكومة التركية ضد الأقليات في تركيا؟
كولن: خلال فترة حياتي التي قضيتها في تركيا قابلت أعدادًا من علماء الكرد والقادة الدينيين منهم، وللأسف لا أتذكر أسماء جميعهم، إلا أنني أتذكر اسم الشيخ بدر الدين، والشيخ نور الدين. وبعد أن تركنا تركيا فقد زارهم إخوتي وأقربائي هناك، وحين فقد الشيخان الفاضلان أولادهما قام الأخوة بزيارتهما، وتقديم التعازي لهما. وإننا نأمل أن يتضامن أبناء هؤلاء القادة الكرد المفكرين مع نشاطات الخدمة، وبالفعل إن مجموعة من هؤلاء بدأوا العمل في عدة منظمات خدمية غير حكومية في العالم.
وقبل ذلك حينما كنت واعظًا في مناطق الشرق وجنوبي شرق تركيا ومنها مدينة ديار بكر ذات الغالبية الكردية كنت أُلقي خطبًا عامة فكان معظم المشاركين فيها من الكرد، لقد كانوا يكرمونني أيما إكرام، مع أني لم أكن حقا جديرًا بذلك، فلم أستخدم مفاهيم تميزنا عنهم مثل: هذه لغتنا وتلك لغتهم، هذه أمتنا وتلك أمتهم، فنحن جميعا أمة واحدة، نحن من سكان الأناضول، تجري في عروقنا روح الإسلام، ويجب أن تبنى علاقتنا مع المواطنين الآخرين على أساس الاحترام المتبادل، وهذا ما دافعت من أجله طوال حياتي، ولقد حاولت أن أحمل رموز لغتهم فوق رأسي، ولكن مع الأسف فإن الأمور أخذت منعطفًا خطيرًا ألا وهو إيذاء الكرد.
لطالما حذرت بشأن ذلك، ووجهت رسائل إلى المسؤولين في الحكومة، وقلت لهم بأن مسلك العنف غير صحيح، إلا أنهم للأسف لم يصغوا إلينا وألحوا على استخدام القوة القمعية لم يستمعوا إلى نصائحنا، كما لم يستمعوا إلى ما قدمناه من نصائح بشأن الأزمة السورية.
فحين زارني مسؤول الحكومة التركية، مثل وزير الخاجية التركية السابق أحمد دواود أوغلوقلت لهم إنهم لا يستطعيون حل مشكلة سوريا بتوفير الملاذ للاجئين السوريين فقط، وقلت لهم بأن عليهم مساعدة سوريا، وأن يدفعوا بشار الأسد لمرحلة انتقال ديمقراطي، وتقديم المساعدات المادية إن لزم الأمر من أجل مساعدة سوريا والانتقال إلى الديمقراطية بشكل تدريجي، وحينما يتم إرساء أركان الديمقراطية بقوة وثبات فإن كافة المكونات من الكرد والعرب والترك والتركمان والسنة زالآخرين سيتمتعون بمناصب في البرلمان، وسيكون لهم التمثيل ضمن سوريا التي تتمتع بالديمقراطية.
هذه هي توصياتي التي كنت أقدمها للحكومة باستمرار، لكن الواضح أنهم يفكرون بطريقة أخرى، ويقولون مستحيل أن نسمع إلى نصائح داعية، وبذلك كانوا يعتبرون أنفسهم بأنهم في مناصب أعلى، ويتكبرون على الآخرين بحيث لا يستمعون إلى النصائح، وكنت أردد مقترحاتي التي ما زلت مصرا عليها، وهو أن المشاكل لا تحل بتوجيه فوهة البنادق إلى بعضنا البعض، وإنما يمكن حلها من خلال الاحترام والثقة المتبادلة، ويجب أن نفتح صدورنا لكافة الناس، حتى لمن يوجهون فوهة بنادقهم إلينا.
نحن بحاجة إلى نشء جديد أشبه ما يكون بالمظهرية القابلة بأن تضع فيها باقة تحتوي على ورود وأزهار متنوعة متناغمة.