لندن (زمان التركية) – أصدرت محكمة دولية قرارًا يدين الحكومة التركية في القضية التي رفعتها شركة إيباك الإنجليزية للاستثمارات المالكة لمجموعة كوزا القابضة التابعة لرجل الأعمال التركي أكين إيباك، مطالبة بتعويض بقيمة 6 مليارات دولار.
المحكمة أصدرت قرارها في 13 سبتمبر/ أيلول 2019 بإجماع آراء هيئة القضاة بما فيهم القاضي المعين من قبل الحكومة التركية.
وبحسب القرار الصادر عن محكمة التحكيم الدولية، فقد طالبت بوقف جميع الدعاوى القضائية والتحقيقات المحررة ضد الصحفيين في مجموعة وشركة إيباك الإعلامية ومسؤولي الشركة رفيعي المستوى والمحامين وأفراد العائلة، مع عدم منح الحكومة التركية حق الطعن على القرار.
إلا أن الدائرة الـ24 من محكمة الجنايات في أنقرة أصدرت حكمًا بمعاقبة جميع المتهمين ونقل ملكية أسهم العائلة في الشركات إلى الدولة.
ومن جانبه قدم فريق المحامين قرار محكمة التحكيم الدولية المطالب بوقف القضية إلى المحكمة التركية، إلا أن الأخيرة أصدرت القرار باستمرار القضية وعقد جلسة المحاكمة القادمة في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وكان الرئيس التركي أردوغان أصدر قرارًا بتعيين أوميت أونال “وصيًا” على شركة “كوزا – إيباك” الإعلامية القابضة والشركات التابعة لها في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، بعدما بدأ يفرض قبضة حديدية على وسائل الإعلام المستقلة أو المعارضة له منذ عام 2013، حيث طفت فضائح الفساد والرشوة إلى السطح.
ومع تحفّظ رئيس الوزراء في تلك الفترة أحمد داود أوغلو على قمع الإعلام بحجة مكافحة “الكيان الموازي”، إلا أن أردوغان همّشه وأصدر تعليماته لقوات الأمن بمحاصرة مبنى شركة “إيباك” التي كانت تضمّ تحت مظلتها أفضل المؤسسات الإعلامية مثل قناة بوجون تيفي “Bugün TV”، وجريدة بوجون اليومية، وقناة الترك “KanalTürk” ومحطة قناة الترك الإذاعية، وجريدة “ملّت” اليومية وغيرها.
واجهت قوات الأمن مقاومة من الصحفيين والإعلاميين العاملين في المؤسسة الإعلامية، التي كانت تعتبر واحدة من أكبر المؤسسات الإعلامية في البلاد، إلا أنها لجأت إلى العنف لتداهم مقر المجموعة، وعلى رأسها الوصي أوميت أونال، ويقطع البثّ المباشر للقناة التلفزيونية بطريقة عنيفة للغاية.
حاول أوميت أونال تهدئة العاملين، زاعمًا أنه لن يتدخل في المحتوى وسياسات النشر والتحرير للمجموعة الإعلامية، إلا أنه قلب الأمور رأسًا على عقب وتغير كل شيء، وأصبحت المجموعة اللسان المتحدث باسم حكومة أردوغان.
أوميت أونال نجح في إغراق المؤسسة الإعلامية الضخمة في فترة قصيرة، وباع معداتها وأجهزتها إلى مجموعة “Sabah-ATV” الإعلامية المقربة من حكومة حزب العدالة والتنمية، والتي استحوذت عليها شركة “Zirve” القابضة، التابعة لشركة “كاليون” التي يشغل منصب رئيس مجلس إدارتها رجل الأعمال عمر فاروق كاليونجو المقرب من أردوغان ويحرص بنفسه على حضور أفراح العائلة.
لم يقتصر دور أوميت أونال على إغراق مجموعة إيباك الإعلامية فقط، وإنما ظهر مرة أخرى مع محاصرة قوات الأمن لمقر جريدة “زمان” التركية في 4 مارس/ آذار 2016، وعين “وصيًا” عليها أيضًا.
وأصدر أوميت أونال قرارات بفصل العاملين القدماء بالجريدة، مع حرمانهم من حقوقهم في مكافأة نهاية الخدمة، وبدلات ساعات العمل الإضافية والحقوق الأخرى التي ينص عليها القانون.
مع كل هذه المسيرة الحافلة بالتعفسية والفشل الإداري، إلا أن أردوغان لم يتجنّب إصدار قرار بتعيين أوميت أونال مديرًا عامًا على شركة الاتصالات الحكومية التركية “تُرك تيليكوم”.
ويرى كثير من المراقبين أن عمليات الاستحواذ والسيطرة على وسائل الإعلام المستقلة والمعارضة المؤثرة أو تصفيتها بحجة مكافحة الكيان الموازي أو حركة الخدمة كانت ضرورية من أجل التمكّن من تنفيذ “الانقلاب المدبر” وإخفاء الحقائق الخاصة به وتسويق الرواية الرسمية للانقلاب للرأي العام بكل سهولة وسط غياب كامل للمؤسسات الإعلامية العاملة بشعور تزويد الشعب بالمعلومات الصحيحة.