بقلم: أسفندر كوركماز، صحيفة “يني شاغ” التركية
(زمان التركية) – كم ستكلف العملية العسكرية القائمة في شمال شرق سوريا الاقتصاد التركي، وكيف ستؤثر عليه؟
بصراحة أخاف أن أطتب في هذا الأمر؛ لأن حياة الأشخاص وأمن الدول يفوقان القوالب الاقتصادية. فعندما يتعلق الأمر بحياة الأشخاص فإنه لا يمكن إجراء حسابات اقتصادية.
وعلى الرغم من هذه الحقيقة، إلا أن هذا التساؤل يتصدر حديث الشارع التركي باستمرار بما يتوافق مع المسار الطبيعي للحياة اليومية.
مثل هذه العمليات يؤثر دائما وفي كل الدول على السوق والاقتصاد، وفي تركيا سيكون تأثيره أكبر نظرًا لهشاشة البنية الاقتصادية.
عقب الإعلان عن العملية العسكرية ، وخصوصا في الفترة بين يومي الإثنين والثلاثاء، ارتفع قسط تأمين خطر تعثر سندات تركيا بالخارج لمدة خمس سنوات من 362.42 نقطة إلى 385.75 نقطة، بينما انخفض مؤشر بيست 100 بنحو 0.4 في المئة، وفقدت الليرة التركية 1.4 في المئة من قيمتها أمام الدولار.
ولم تسجل الأسواق تغييرا كبيرا على الرغم من هشاشة البنية الاقتصادية وتهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذ إن الأسواق لم تعد تكترث لتهديدات ترامب هذه. لا يثقون ولا يكترثون لهذه التهديدات إيجابية كانت أو سلبية.
هل سيتشكل خطر في المرحلة التالية؟ يتوقف هذا الأمر على موقف الدول المسيطرة في المنطقة التي تشهد العملية العسكرية.
1. مؤشر العملات الأجنبية هو نقطة ضعف تركيا، ففي حال تعثر العملية فإن هذا الأمر سيؤثر مباشرة على مؤشر العملات الأجنبية وسيتزايد الطلب عليها بالداخل. هذا الطلب سيؤثر أيضا على مؤشر العملات الأجنبية بشكل مستقل.
إن البنك المركزي الأمريكي يخضع لسيطرة القطاع الخاص، حتى وإن كان ترامب يبدو داعمًا لموقف تركيا / أردوغان. البنك المركزي الأمريكي يتحكم في 10 بنوك، وغالبية هذه البنوك مملوكة لأسر يهودية. اليهود يسيطرون على بنوك نيويورك، وإسرائيل تدعم قوات سوريا الديمقراطية من أجل أمنها ومستقبلها بالمنطقة.
لذا قد تتسبب بنوك نيويورك بمشكلة لتركيا من خلال الدولار أو التحويلات أو فرض حصار مباشر على تركيا. في هذه الحالة قد يشهد مؤشر العملات الأجنبية صدمة، وإذا حدث هذا سنتخلف عن سداد الديون الخارجية وستتسارع وتيرة الاختناق الاقتصادي.
2. يتوجب على تركيا عدم معاداة الولايات المتحدة وروسيا وسوريا خلال العملية. ففي حال معاداتها لروسيا قد تواجه مشكلة في الغاز الطبيعي على وجه الخصوص. روسيا دائما ما تمنح الأولوية لمصالحها في سوريا، ولهذا فإنه في حال إقدام روسيا على حظر بيع الغاز الطبيعي إلى تركيا سينخفض الإنتاج وسيختنق الاقتصاد التركي.
3. تمويل العملية العسكرية سيسفر عن تزايد عجز الموازنة ويعرقل الخدمات الحكومية. سيصبح التمويل المفتوح إجباريا وستتعطل استثمارات البنية التحتية الحكومية ونظام الأمن الاجتماعي. لا يمكن خفض نفقات العملية العسكرية، لكن الحكومة قد تقلل عجز الموازنة بتقليص النفقات الشعبوية. على أردوغان اتخاذ المبادرة في الادخار العام. لذا قد يتخذ قرارا بخصخصة القصور في أنقرة وإيجة وبحيرة فان.
4. خلال العملية العسكرية سيشهد الاقتصاد انتعاشا نتيجة لتزايد النفقات الحكومية، غير أن أسعار الأصول ستتراجع وستنخفض قيمة الشركات بالأسهم، مما سيؤدي إلى تراجع الثروات. وسيتسبب تراجع الثروات في تراجع إجمالي الاستهلاك. أما أي هذه التأثيرات سيكون وقعها أكبر فسيختلف وفقًا لنجاح العملية العسكرية أو فشلها. قد يستخدم أردوغان أيضا قصر شانكايا، ويبيع 12 من بين 13 طائرة تابعة للرئاسة وأجهزة الدولة لتمويل العملية أو تدارك الأضرار الناجمة منها.