أنقرة (زمان التركية) – تحدث يكيت بولوت، كبير مستشاري الرئيس التركي، عن احتمالية تعرض رئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي للاغتيال في مستشفى باشكنت، التي يتلقى فيها العلاج بالوقت الراهن تحت إشراف الطبيب محمد خبرال، مدير المستشفى، الذي ارتبط اسمه بمزاعم اغتيال رئيس الوزراء الأسبق بولنت أجاويد، بعقاقير طبية.
وقال بولوت إنه لا يثق في خبرال، مشددا على ضرورة الإسراع في نقل زعيم الحركة القومية إلى مستشفى آخر، معيدًا للأذهان ما حدث لرئيس وزراء تركيا الأسبق بولند أجافيد في عام 2001 بعد دخوله إلى هذا المستشفى الذي يشرف عليه الطبيب محمد خبرال.
نشر بولوت عدة تغريدات عبر حسابه على تويتر عن خبرال قائلا: “دعونا نشدد على نقطة وهي يجب علينا أن نتذكر أزمة عام 2001 وزعيم الحزب الديمقراطي اليساري بولند أجاويد الذي تم تسليمه إلى مستشفى محمد خبرال وما تلاها من أحداث في الحياة السياسية”.
وأضاف مستشار أردوغان: “لا يمكن أن أثق أبدا في الشخص الذي يدعى محمد خبرال. إن كان السيد بهجلي لا يزال داخل المستشفى الخاص به فلا بد من نقله فورا إلى مستشفى آخر. أقولها كمواطن تركي وكقومي يعرف الكثير في هذا الصدد، ذلك المدعو خبرال لا يقدم الخير أبدا للشعب التركي”.
ووجه أركان نجل خبرال ونائب حزب الحركة القومية عن مدينة أنقرة، أول الانتقادات إلى تصريحات بولوت هذه، حيث وصفه بـ”السكير” قائلا: “هل يوجد شخص لا يعرفك يا مدمن الخمر”.
وعبر حسابه في تويتر استنكر نائب حزب الحركة القومية عن مدينة أوردو، جمال أنجين يورت، تصريحات بولوت، مستشار أردوغان، بشأن خبرال أيضًا قائلا: “محمد خبرال رجل نزيه وقومي تركي محب لدولته وشعبه. أنت يا بولوت شخص يتغذى من خيرات هذا البلد دون أن تستحقها، بينما خبرال رجل علمٍ نشأ بإمكانات هذا البلد. يا سيد بولوت ما كتبته عن خبرال لا يعكس الحقيقة”.
هذا لم يستبعد بعض المراقبين أن تكون تصريحات يكيت بولوت تنصلا مبكرا لنظام أردوغان مما قد يلحق بدولت بهجلي لاحقًا، إذا ما أراد حزب العدالة والتنمية الحاكم التخلص منه.
وعاد مستشار أردوغان ليرد على الانتقادات الموجهة إليه قائلاً: “أنا لم أقرأ ولم أتابع أحداث أزمة عام 2001 والمرض الذي أدخل بولند أجافيد إلى مستشفى محمد خبرال من خلال شبكة الإنترنت كما فعل الآخرون، بل عايشتها بنفسي فعلياً ورأيتها. وغايتي هي توجيه تحذيرات إلى المعنيين… أنا قلت ما لديّ وحذرت، وهذا كل ما لدي كمواطن وقومي تركي. القرار بيدكم، لكن لا تنسوا أنكم من ستتحملون النتيجة. لن أكتب مرة أخرى بهذا الشأن”.
هذا واستنكر عزت علوي يونتار، نائب رئيس حزب الحركة القومية، والملقب بـ”ولي عهد بهجلي”، تصريحات بولوت قائلا: “خبرال هو مثال لخدمة الوطن وأمل من يبحثون عن الشفاء. لا نعترف بإثارة بولوت للفتنة، يجب عليه التوقف فورا عن إساءة سمعة الآخرين وإظهار الندم على هذا. يكيت بولوت يرتكب خطأ”.
وكان الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد عبيد الله هو أول من عقد مقارنة بين مرض دولت بهجلي ومرض رئيس الوزراء الأسبق بولند أجافيد، من خلال تقرير كتبه لجريدة “زمان التركية” تحت عنوان: “السياسة في تركيا دخلت المستشفى.. لغز مرض بهجلي وأكشنار”.
واعتبر عبيد الله في تقريره تزامن مرض زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي مع الانتقادات الموجهة إلى الرئيس أردوغان من داخل حزبه بسبب تحالفه مع القوميين المتشددين وصيرورته إلى مجرد أداة لتنفيذ مشاريعم في الداخل والمنطقة “أمرًا لافتًا”.
ثم ذكر عبيد الله باللقاءات التي جمعت بين أردوغان والزعيمة القومية الأخرى رئيسة حزب الخير ميرال أكشنار التي انشقت من حزب الحركة القومية، وهو الأمر الذي تسبب في ظهور ادعاءات حول تحالف أردوغان مع أكشنار في الفترة المقبلة.
كما أن الباحث السياسي التركي رأى نقل ميرال أكشنار إلى المستشفى نهاية الشهر الماضي إثر إصابتها بوعكة صحية شديدة “أمرًا مثيرًا”.
ثم علّق عبيد الله قائلاً: “والذي يضفي على كل هذه التطورات لغزًا هو أن المستشفى الذي يخضع بهجلي فيه للعلاج هو مستشفى جامعة “باشكنت” في العاصمة أنقرة، بنفس المكان الذي خضع فيه للعلاج بولنت أجاويد، رئيس الوزراء التركي من 11 يناير/كانون الثاني 1999 حتى 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2002، وتحت إشراف الطبيب ذاته محمد خبرال، عميد الجامعة”.
ولفت إلى أنه: “تبين من خلال تحقيقات قضية أرجنكون الانقلابية التي انطلقت عام 2007 أن تنظيم أرجنكون الحليف حاليا مع أردوغان، أحاط أجاويد برجاله، وعمل على تدهور حالته الصحية من خلال الأدوية التي قدمها له أطباؤه. فقد ورد بين الاتهامات الموجهة إلى الطبيب محمد خبرال في إطار قضية أرجنكون، منع معالجة أجاويد، عندما تلقى علاجًا في هذا المستشفى”.
وهذا ما أكده رئيس حرس أجاويد الشخصي “رجائي بيرجون” الذي أصبح عضوًا برلمانيًّا فيما بعد، فقد قال عندما أدلى بإفادته كشاهدٍ في إطار قضية أرجنكون في 21 مايو/أيار 2012: “وإذا نظرنا إلى الأحداث التي عاشتها تركيا في تلك الفترة من تقسيم حزب أجاويد إلى قسمين وغير ذلك، بالاستفادة من مرضه، فإن ما تعرض له أجاويد كان شبيهًا بانقلاب 1997 الناعم”.
وأضاف رئيس حرس أجاويد: “لقد مكث أجاويد في المستشفى (مستشفى جامعة باشكنت المذكور) عشرة أيام. وأكد مسؤولو المستشفى ضرورة بقائه تحت الرقابة في المستشفى لمدة 8 أشهر، وإلا قد يؤدي مرضه إلى شلل كلي أو الموت. غير أننا قررنا نقل أجاويد إلى منزله رغم كل شيء، فبدأ عندها تتحسن حالته الصحية. إن هذا الكيان (أرجنكون) كان يريد الحصول على تقرير من إدارة مستشفى يفيد بعدم صلاحية أجاويد لرئاسة الوزراء في ظل ظروفه الصحية لإسقاط حكومته”.
وعقّب عبيد الله بقوله: “في نهاية المطاف اضطر أجاويد تحت وطأة الضغوط السياسية والعسكرية في ذلك الوقت (فترة انقلاب 1997 الناعم التي استمر حتى عام 2002) إلى اتخاذ قرار بتقديم موعد الانتخابات النيابية لتجرى في نوفمبر/تشرين الثاني 2002 وينهزم حزبه “اليسار الديمقراطي” أمام حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان، ويعتزل الحياة السياسية حتى وافته المنية في 2006”.
بعد ذلك اختتم عبيد الله تقريره بالقول: “كل هذه التطورات تثير تساؤلات حول ما إذا كانت بعض القوى السياسية المختفية خلف الستار تحركت من أجل إعادة تصميم السياسة والأحزاب السياسية مجددًا”.