لندن (زمان التركية) – استدعت وزارة الخارجية التركية القائم بأعمال السفارة الأمريكية جيفري هوفينير يوم أمس الأحد، على خلفية إعجاب السفارة الأمريكية في أنقرة بتغريدة صحفي تركي معارض.
وكان حساب السفارة الأمريكية في تركيا أعجب بتغريدة كتبها رئيس تحرير القسم التركي لموقع “أحوال تركية” أرجون باباهان دعا فيها شعوب تركيا إلى “الاستعداد لحياة سياسية جديدة بدون زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي”، الذي يرقد حاليا في المستشفى ويقول الأطباء أن حالته الصحية خطرة.
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، حامي أقصوي، إنه جرى استدعاء القائم بالأعمال هوفينير، إلى مقر وزارة الخارجية التركية بدلا من السفير الأمريكي في أنقرة، ديفيد ساترفيلد، الذي يتواجد خارج المدينة.
وأفادت الأنباء أن نائب وزير الخارجية التركي سدات أونال التقى بهوفينير، وطلب منه تقديم إيضاح صريح، حول قيام السفارة عبر حسابها على تويتر أمس بالإعجاب بتغريدة تعود لـ”أحد أعضاء منظمة فتح الله جولن”، على حد تعبيره.
بينما أعربت السفارة الأمريكية عن أسفها للإعجاب عن طريق الخطأ بتغريدة الصحفي أرجون باباهان المطلوب على قوائم الاعتقال في تركيا، وذلك من خلال بيانين مختلفين نشرا على تويتر.
وفي إطار تعليقه على تسببه في أزمة دولية بين أنقرة وواشنطن، قال باباهان في مقال له: “أصبحت التغريدة التي أتحدث فيها عن انتهاء الحياة السياسية لبهجلي وسيلة جديدة لتأزم العلاقة بين تركيا وواشنطن. يبدو أن أحد الأشخاص في السفارة الأميركية في أنقرة دخل من هاتفه الخلوي على موقع تويتر، ووضع “إعجابًا” بتلك التغريدة، ربما حدث هذا عن طريق الخطأ أثناء تصفحه العابر للتغريدات، حتى دون أن ينتبه لتغريدتي. وهذا أمر طبيعي، ويتكرر معي أنا شخصياً بين الحين والآخر، ولكن ما حدث هو أن السفارة أدلت ببيان، وتقدمت باعتذار، وعلى الجهة المقابلة صعَدت حكومة حزب العدالة والتنمية من انتقاداتها، وكأنها كانت تتحين الفرصة لأمر كهذا. الجانب الهزلي في الموضوع برمته هو أن الأمر وصل إلى حد استدعاء السفير الأمريكي في أنقرة إلى وزارة الخارجية التركية؛ الأمر الذي يُظهر، بشكل جلي، مدى بؤس الدبلوماسية التركية وإفلاسها خلال السنوات الأخيرة.”
وأضاف: “كانت هذه التغريدة بخصوص السر الذي لم يعد يخفى اليوم على أحد في أنقرة، وأقصد بهذا الوضع الصحي للرئيس العام لحزب الحركة القومية دولت بهجلي؛ مما حدا بالبعض إلى حد التشكيك في قدرته على مواصلة العمل السياسي بشكل فاعل.
ومن الطبيعي أن تستحوذ الحالة الصحية لبهجلي على اهتمام كبير من الرأي العام في تركيا، بوصفه الشريك الفعلي لحزب العدالة والتنمية في السلطة، بالإضافة إلى أنه لاعب رئيس في صياغة سياسية الحكومة في العديد من المجالات؛ بداية من السياسة الخارجية حتى القضية الكردية.”
ولفت باباجان إلى أن تناول الوضع الصحي لشخصية سياسية بهذا الثقل مثل بهجلي كان مجرد خبر يتعين متابعة آخر التطورات بخصوصه، لما قد يترتب عليه من تأثير على العديد من المجالات الأخرى داخل تركيا، بما في ذلك السلم الداخلي في الدولة، وأردف: “وأنا بدوري، مثلي في هذا مَثَل باقي الصحفيين، تابعتُ هذا الخبر، وقمتُ بنقل ما أعلمه بهذا الشأن إلى قرَّائي ومتابعيّ على تويتر، وسأستمر في هذا الأمر في المستقبل كذلك، ولكن الغريب أن المتملقين، الذين يطلقون على أنفسهم اسم صحفيين، لم يفردوا لهذا الخبر مساحة ملائمة؛ لأنهم لم يحصلوا على الإذن من مالكي السلطة المحتالين، واعتبروا موضوع الحالة الصحية لبهجلي سراً من أسرار الدولة”.
وأكد باباجان أن السلطة الحاكمة في تركيا تتعمد إخفاء القصة الحقيقية لمرض بهجلي وواصل قائلاً: “لهذا السبب يشعر هؤلاء بغيرة وحقد دفين من الصحفيين الحقيقيين، بل ويتحيَّنون الفرص لتشويههم باسم الدولة. هؤلاء هم البائسون الذين باعوا أنفسهم مقابل المال.”
ورفض باباجان اتهامات الإرهاب التي وجهها له إعلام أردوغان، مذكرًا بمواقفه السابقة الداعمة لحزب العدالة والتنمية عندما كان يتبنى نهجًا ديمقراطيا في بداية وصوله إلى السلطة، ومؤكدًا أنه تخلى عن هذا الدعم لما خرج عن المسار الديمقراطي، ثم تابع قائلاً: “إذا كنتم قد سلبتمونا وظائفنا وجريدتنا وحياتنا، فإنكم لن تستطيعوا أن تسلبونا حقنا في كتابة التغريدات، ونقل الحقائق إلى الشعب التركي. لقد اتبعتم خطاً سياسياً عنصرياً، واتخذتم من الأكراد أعداء لكم، وأنكرتم وجودهم، وقوَّضتم بسياستكم الرعناء جميع المبادئ الأساسية للقانون والديمقراطية. لقد أرهبتم الناس بممارسة الضغوط والعنف ضدهم.”
وزعم باباجان أن عهد أردوغان في تركيا قد ولى دون رجعة قائلاً: “وقتكم انتهى، وعهدكم إلى زوال. أنتم أيضاً تدركون هذه الحقيقة جيداً. لن تفلح الحرب، ولا قوة الدولة، ولا وسائل الإعلام، التي تهيمنون عليها، في تغيير هذه الحقيقة. اقتربت ساعة الحساب، وهذا هو سبب قلقكم، ومبعث غضبكم. ومع هذا، ليتكم لم تهينوا أنفسكم أمام العالم أيضاً”.
–