أنقرة (زمان التركية) – عقد ممثلون عن صندوق النقد الدولي (IMF) اجتماعات في العاصمة التركية أنقرة، مع ممثلي المعارضة وسط حالة من التعتيم وفي غياب عن وسائل الإعلام.
الاجتماعات جائت على هامش زيارة رسمية أجراها ممثلو صندوق النقد إلى تركيا وقدموا على إثرها توصيات للحكومة محذرين من مخاطر تحيط بالاقتصاد التركي.
وتأتي الزيارة وسط أزمة اقتصادية طاحنة تتعرض لها تركيا منذ أشهر، أدت إلى انهيار كبير في سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية، بالإضافة إلى ارتفاع جنوني لمعدلات التضخم، فضلًا عن القفزات التي شهدها الدين الخارجي.
وحذر صندوق النقد الدولي، من “مخاطر خارجية ومحلية”، وقال في بيان إن من الصعب تحقيق نمو قوي ومستدام إذا لم تنفذ الحكومة مزيدًا من الإصلاحات.
واعتبر الصندوق أن “الهدوء الحالي -بأسواق المال التركية- يبدو هشا. لا تزال الاحتياطيات منخفضة في حين لا يزال الدين الأجنبي للقطاع الخاص واحتياجات التمويل الخارجي مرتفعين”. وفق وكالة (رويترز).
صندوق النقد الدولي رأى أن التحدي الأساسي يتمثل في تحويل التركيز من النمو القصير الأجل إلى نمو أقوى وأكثر مرونة في الأجل المتوسط.
وكان صندوق النقد الدولي قال إنه سيجري مناقشات مع مسؤولين أتراك بشأن “مشاورات المادة الرابعة” من ميثاق الصندوق، وأنه سيقوم بلقاء مجموعات من المعارضة والتيارات السياسية الأخرى، بعيدًا عن الحزب الحاكم.
الصندوق قال على الموقع الإلكتروني له، إن هذه الزيارة جاءت ضمن مشاورات المادة الرابعة، وأنه يجري زيارة سنوية للدول الأعضاء بشكل دوري.
زيارة خبراء ومسؤولو الصندوق لتركيا كانت في 12 سبتمبر/ أيلول الجاري، واجتمعوا خلالها بعدد من رموز المعارضة التركية في العاصمة أنقرة، من بنيهم نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري ممثل الحزب في البرلمان فائق أوزتراك، والرئيس السابق للبنك المركزي مراد تشاتين كايا، ونائب حزب الخير في البرلمان عن مدينة أنقرة دورموش يلماز.
تسببت الزيارة في غضب المسؤولين الحكوميين، مما دفع المتحدث الرسمي باسم حزب العدالة والتنمية ع
عمر تشاليك للزعم بأن الاجتماعات كانت سرية وأن صندوق النقد الدولي كان يقدم لحزب الشعب الجمهوري معلومتا يستخدمها في معارضة الحكومة.
تشاليك حاول احتواء حالة الغضب، وقرر إلقاء اتهامات على أحزاب المعارضة، قائلًا: “الأمر الغريب أنهم (حزب الشعب الجمهوري وحزب الخير)، ليسوا من يقودون دفة الحكومة. ولا يتحملون مسؤولية إدارة البلاد. لذلك الإفصاح عما جرى خلال الاجتماعات أمر خاص بهم. هل يقوم صندوق النقد الدولي بدور الاستشاري لحزب الشعب الجمهوري في انتقاداته الاقتصادية؟ أم أن أعضاء حزب الشعب الجمهوري هم من يقدمون الاستشارات للصندوق؟”.
المدير التنفيذي للصندوق في تركيا راجي كايا انتقد الاجتماعات التي عقدت مع نواب المعارضة، قائلًا: “لم يتحدثوا عن نيتهم عقد مثل هذه اللقاءات طوال فترة اجتماعي مع وفد الصندوق. لذلك فإن هذه الاجتماعات السرية غير الشرعية هي مؤشر لوجود أجندة مختلفة معادية لتركيا”، على حد زعمه.
ما هي مشاورات المادة الرابعة؟
تختص الرقابة القُطرية وتتخذ شكل مشاورات شاملة منتظمة (تعقد على أساس مستوى في العادة) مع فرادى البلدان الأعضاء حول سياساتها الاقتصادية، مع إمكانية إجراء مناقشات مرحلية أخرى عند الحاجة. ويطلق على هذه المشاورات اسم “مشاورات المادة الرابعة”، لأنها تستند إلى التفويض الوارد في المادة الرابعة من ميثاق الصندوق.
ولكن كيف تتم مشاورات المادة الرابعة؟ أولاً، يقوم فريق من خبراء الصندوق بزيارة البلد المعني لجمع البيانات الاقتصادية والمالية وعقد مناقشات مع المسؤولين في الحكومة والبنك المركزي حول السياسات الاقتصادية للبلد المعني في سياق آخر التطورات.
ويقوم الفريق باستعراض سياسات البلد الاقتصادية الكلية (الخاصة بالمالية العامة والشؤون النقدية وأسعار الصرف)، وتقييم مدى سلامة النظام المالي، وتفحص قضايا السياسات الصناعية والاجتماعية وتلك الخاصة بالعمالة وسلامة الحكم والإدارة والبيئة وغيرها، مما يمكن أن يؤثر على سياسات وأداء الاقتصاد الكلي. ويقدم الفريق بعد ذلك تقريراً إلى المجلس التنفيذي عما خلص إليه من نتائج، بعد الحصول على موافقة الإدارة، ويقوم المجلس بمناقشة التحليل الوارد في التقرير ثم تحال آراؤه إلى حكومة البلد المعني في شكل ملخص يصدره رئيس المجلس. وبهذه الطريقة تكتسب آراء المجتمع الدولي والدروس المستخلصة من التجربة الدولية وزناً مؤثراً على سياسات البلد المعني.
ومع زيادة شفافية الصندوق وتنوع أنشطته في السنوات الأخيرة، أصبحت الممارسة المتبعة هي نشر ملخصات مناقشات المجلس التنفيذي لعدد كبير من مشاورات المادة الرابعة، إلى جانب ملخصات تحليلات خبراء الصندوق في إطار نشرات معلومات معممة (Public Information Notices). والواقع أنه يتم في حالات كثيرة نشر التقارير الكاملة التي يعدها خبراء الصندوق عن هذه المشاورات، وهي تقارير يمكن الاطلاع عليها في موقع الصندوق على شبكة الإنترنت، شأنها شأن نشرات المعلومات المعممة.
ويكمل الصندوق مشاوراته المعتادة سنوياً مع البلدان الأعضاء بزيارات إضافية يقوم بها الخبراء إلى هذه البلدان كلما دعت الحاجة، كما يعقد المجلس التنفيذي العديد من الاجتماعات غير الرسمية لاستعراض التطورات المالية والاقتصادية في بلدان أعضاء ومناطق مختارة.
–