قيصري (زمان التركية) – بدأ مناخ الخوف الذي يسيطر على تركيا منذ 5 سنوات يزول رويدًا رويدًال، بعدما اهتزت شعبية الرئيس رجب طيب أردوغان عقب خسارته بلدية إسطنبول الكبرى، بحيث أخذت مؤسسات رسمية وفئات عريضة مختلفة ترفع صوتها ضد الانتهاكات في البلاد.
إقدام المحكمة الدستورية مؤخرًا على تبرئة مجموعة من الصحفيين، بالإضافة إلى الأكاديميين الموقعين على عريضة “السلام الكردي” في عام 2015، أعاد جذوة الأمل إلى القلوب بعدما كادت أن تنطفئ تمامًا في ظل ارتفاع عدد “ضحايا حالة الطوارئ” يومًا بعد يوم.
انضمّ رجل الأعمال الحاج بويداك، أحد أعضاء مجلس إدارة شركة “بويداك” و”أولكر” القابضة، التي صادرها أردوغان، رغم أنه كان يمتلك حصة في هذه الشركة، إلى الأصوات المعترضة على الظلم الممارس في تركيا بشتى الحجج والذرائع، حيث وجه رسالة إلى الحكومة على خلفية استمرار اعتقال ابن عمه ممدوح بويداك وشقيقه ممدوح بويداك، قائلًا: “بدلًا من الحلول اليومية، أوقفوا انتهاك حقوق الملكية”.
وأكد مصطفى بويداك أن قرار البنك المركزي الصادر يوم الخميس الماضي بتخفيض معدلات الفائدة في البنوك، بتعليمات من أردوغان، لن يكون حلًا للأزمة الاقتصادية التي تتعرض لها تركيا.
وشدد بويداك على أن تركيا لن تتمكن من تحقيق الثقة للمستثمرين دون وقف عمليات انتهاك حريات المواطنين وحقوق الملكية، التي تتعرض لها كل فئات المجتمع، دون تفريق بين الرجال والنساء والشباب والشيوخ.
مصطفى بويداك قال في تغريدة على حسابه الشخصي على تويتر: “لقد تمكنا من الوصول إلى نهاية أسبوع آخر. أنا أتابع الاقتصاد. للأسف ما يتخذ من إجراءات الآن لن يكون حلًا للأزمة الاقتصادية. في البداية يجب تحقيق الأمن والثقة للمستثمرين، وإعادة الأملاك المصادرة لأصحابها، قبل أي شيء. يجب القضاء على مخاوف المستثمرين بشكل عاجل دون أي تأخير. لم تعد اتهامات الإرهاب وغيرها من الاتهامات التعسفية مقنعة”.
يذكر أن الحكومة بعد ساعات قليلة من محاولة الانقلاب الدموي المزعوم الذي تعرضت له تركيا في 15 يوليو/ تموز 2016، سارعت باتهام حركة الخدمة بالوقوف وراء الانقلاب، دون انتظار تحقيقات أولية أو الاستناد لأدلة حقيقية، ومن ثم شرعت في صبيحة الانقلاب في عملية تصفية جماعية غير مسبوقة، لكن اللافت أن أغلبية العمليات توجهت إلى المدنيين بدلاً من العسكريين المتهمين بالانقلاب.
وكان رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو التحق بالذين يصفون أحداث 15 تموز 2016 بـ”بالسناريو”، حيث اعترف خلال تصريحات أدلى بها لثلاثة من الصحفيين وأذيعت عبر إحدى القنوات على اليوتيوب قائلاً: “كان يجب إبعادي من رئاسة الوزراء من أجل تنفيذ سيناريوهات من قبيل انقلاب 15 تموز 2016، والدفع بالبلاد إلى انتخابات متتالية، وتحقيق نقل تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي المغلوط.. والدفع بالبلاد في نهاية المطاف إلى أحضان تحالفات علنية وسرية..”.
وقبل ذلك وصف رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم أيضًا أحداث الانقلاب بـ”المشروع” الذي أنجزوه، عندما أجاب على سؤال أحد رؤساء تحرير الوكالة الرسمية: “هل هناك من مشروع أحرجكم وأزعجكم كثيرًا أو قلتم عنه ‘يا ليتنا لم ننجزه’؟! حيث رد قائلاً: “عن أي المشاريع (المزعجة) أتحدث؟! فلقد أنجزنا مشاريع كثيرة جدًا، لكن المشروع الذي أزعجني هو أحداث 15 يوليو/ تموز 2016!”.
ومن المثير أن جميع المشاركين في اللقاء تضاحكوا فيما بينهم عقب هذه التصريحات وكأن الموضوع هزلي، مع أن أحداث الانقلاب الفاشل أسفرت عن استشهاد حوالي 250 مواطنًا، معظمهم من المدنيين. ثم حاول أحد رؤساء تحرير الوكالة إزالة الشبهات التي قد تورثها تصرياحات يلدريم في أذهان الرأي العام قائلاً: “المشروع الذي تم تنفيذه على الرغم من انزعاجنا منه!”
ولما لاحظ يلدريم أيضًا خطورة تصريحاته وإيحاءاتها المثيرة للشكوك حول حقيقة الانقلاب الفاشل أو تمثيليته حاول تدارك الأمر وأعاد صياغة جملته، لكن مضمرات قلبه طغت على لسانه مرة أخرى، حيث قال: “يا ليت أحداث الانقلاب الفاشل لم تكن! حمدًا لله لقد بذل الجميع ما بوسعه في تلك الليلة لمنع نجاح الانقلاب، بدءً من رئيس الجمهورية الصارم والشعب الذي حمى علمه وانتهاءًا بالشرطيين والعسكريين الوطنيين الذين انقادوا للأوامر الصادرة لهم وأنتم كإعلاميين. لا شك أن المشاريع التي حققناها حتى اليوم كلها مشاريع طيبة ما عدا انقلاب 15 يوليو/ تموز 2016!”.