تقرير: محمد عبيد الله
أنقرة (زمان التركية) – تحولت تهمة الانتماء إلى ما تسميه السلطة السياسية الحاكمة في تركيا “منظمة فتح الله جولن”، إلى طوق نجاة لكل من يعاني من ضائقة أو مشكلة.
فمنذ أن اخترع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كلاً من “الكيان الموازي”، بعدما ضاق بتحقيقات الفساد والرشوة في عام 2013، و”منظمة فتح الله جولن” بعدما واجه تهمة التعاون مع التنظيمات الإرهابية على الصعيدين المحلي والدولي، خصوصًا في سوريا، باتت تهمة الانتماء إليهما وسيلة للتخلض من كل ضائقة أو مشكلة، وأداة لتصفية الخصوم والمنافسين، سواء بالنسبة للسياسيين أو المدنيين.
سبق أن كشفت التحقيقات القضائية في تركيا عن عصابات تتاجر بتوجيه تهمة الانتماء إلى منظمة فتح الله جولن لمواطنين لا يمتّون بصلة إليها لا من بعيد ولا من قريب، بل إن تسجيلات صوتية ومصورة أظهرت إقدام عديد من المدعين العامين والقضاة على تهديد رجال أعمال بهذه التهمة من أجل الحصول على أموال منهم.
وأحدث مثال على ذلك جاء على لسان زعيم سياسي استطاع عقد تحالفات استراتيجية مع أردوغان بشكل سري منذ عام 2007، وبشكل علني منذ ظهور فضائح الفساد والرشوة في عام 2013، تمكّن بفضلها من السيطرة على زمام الأمور في تركيا “من وراء الحجب”، وهو رئيس حزب “العمال” القديم و”الوطن” الحالي دوغو برينجك، الذي ينصب نفسه متحدثًا باسم ما يعرف إعلاميًّا بـ”الدولة العميقة” أو تنظيم “أرجنكون”.
بعد رفع دعوى ضد وزير الاقتصاد الأسبق علي باباجان بتهمة الانتماء إلى منظمة فتح الله جولن، عقب إطلاقه مبادرة مع الرئيس السابق عبد الله جول لتأسيس حزب جديد، واجه التهمة ذاتها هذه المرة رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو بعدما أدلى تصريحات انتقد فيها سياسات الرئيس أردوغان.
دوغو برينجك الذي يمثل أحد أطراف “التحالف السري” الذي يدير تركيا، إلى جانب كل من أردوغان وشريكه زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي، بحسب تصريحات ناجيهان آلتشي، الصحفية المقربة من الحكومة، أدلى ببيانات مثيرة في برنامج تلفزيوني زعم فيها أن عبد الله جول وعلي باباجان وأحمد داود أوغلو وفريقه يشكّلون “الذراع السياسية لمنظمة فتح الله جولن”، في مسعىً لتقديم طوق نجاة لحليفه أردوغان للتخلص من خصومه ومنافسيه السياسيين، بعد تراجع شعبيته داخل حزبه بسبب أدائه السيئ خلال الانتخابات المحلية الأخيرة.
وأشار برينجك أيضًا إلى ضرورة إطلاق حملة من أجل تصفية عناصر الذراع السياسية لمنظمة فتح الله جولن داخل حزب العدالة والتنمية، بالإضافة إلى أنه وضع كلاً من حزب الشعب الجمهوري وحزب الخير في السلة ذاتها، متهمًا جميعهم بالتعاون مع تنظيم حزب العمال الكردستاني “الإرهابي”.
كل مدني أو سياسي يرى هذا التحالف السري ضرورة تصفيته يذوق بشكل أو بآخر طعم الانتماء إلى منظمة فتح الله جولن، حتى رئيس بلدية إسطنبول الجديد أكرم إمام أوغلو لم يسلُم من مواجهة هذه التهمة أيضًا، ذلك لمجرد ظهوره على شاشة تلفزيون “سامانيولو” التابع لحركة الخدمة كمحلل رياضي قبل عام 2013!
يؤكد محللون سياسيون ضرورة التراجع عن توظيف التهمة الجاهزة “الانتماء إلى منظمة فتح الله جولن” في “جلب المصالح” أو “دفع المفاسد”، والعودة إلى تفعيل الدستور والقوانين من أجل عودة المياه إلى مجراها الطبيعي في تركيا.