إسطنبول (زمان التركية) – على الرغم من أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يشتكي دومًا عن وجود “قوى خارجية تسعى لإسقاطه”، وتفاخُره بأنه فرض في بلاده نظامًا رئاسيًّا بـ”نكهة تركية”، إلا أنه ظهر أن مخترع النظام الرئاسي في تركيا هو شركة أمريكية.
لقد شهدت الأيام الماضية تعالي أصوات من رموز رفيعة المستوى داخل حزب العدالة والتنمية تتحدث عن ضرورة إعادة النظر في النظام الرئاسي وإجراء تعديلات عليه، كان أبرزها نائب رئيس تكتل نواب الحزب في البرلمان بولنت توران، الذي علق على خسارة رئاسة بلدية إسطنبول، قائلًا: “لقد بات النظام القديم في الماضي، ولكن من الممكن إعادة النظر في النظام الرئاسي الحالي وإجراء تعديلات عليه”.
وفي تطور جديد فيما يتعلق بالنظام الرئاسي، نقلت جريدة “ميلّي غازيته” التابعة لحزب السعادة المنحدر من حزب الرفاه الإسلامي المنحلّ، عن مسؤول رفيع المستوى داخل حزب العدالة والتنمية، رفض الكشف عن هويته، أن شركة ماكينزي “McKinsey” الأمريكية للاستشارات الإدارية هي من صمّمت وصاغت النظام الرئاسي الخاص بأردوغان قبل تشريعه في عام 2018، وهي من ستقوم بعملية تطويره وتحديثه في وقت لاحق.
وأوضح المسؤول رفيع المستوى أن أردوغان كلَّف الشركة بالفعل للقيام بأعمال تطوير النظام الرئاسي، مشيرًا إلى أن الخطوة تسببت في حالة من الغضب داخل حزب العدالة والتنمية.
كانت شركة ماكينزي قد قدمت خدمات لتركيا وسهلت عمليات بيع بنوك وإعداد خطط لخصخصة البنوك الحكومية في أعقاب أزمة عام 2001.
لم يكن هذا التعامل الأول بين حكومة حزب العدالة والتنمية وشركة ماكينزي للاستشارات والإدارة، إذ أعلن صهر أروغان ووزير المالية والخزانة برات ألبيراق، في حوار له في 29 سبتمبر 2018، أن الحكومة التركية اتخذت قرارًا بالعمل مع شركة ماكينزي للإدارة بالولايات المتحدة الأمريكية، وذلك خلال تقييمه البرنامج الاقتصادي الجديد الذي أعلن عنه منذ مدة ليست بالبعيدة.
تصاعدت الانتقادات في وجه حكومة أردوغان وصهره ألبيراق، الذي يحاول إرسال رسالة اطمئنان لرجال الأعمال والمستثمرين ليقوموا بالاستثمار في تركيا بعد توقف تدفق الاستثمارات الخارجية إلى بلاده.
فقد اعتبر زعيم المعارضة ورئيس حزب الشعب الجمهوري في تركيا كمال كليجدار أوغلو، أن السبب في الأزمة الاقتصادية في تركيا هو عدم قدرة النظام الحالي على إدارة البلاد، قائلًا: “نحن على مشارف أزمة اقتصادية كبيرة”.
وأضاف كليجدار أوغلو في كلمته خلال اجتماع عقده في البرلمان مع الكتلة البرلمانية لحزبه، في 3 أكتوبر 2018: “بعد 16 عامًا، أصبحت تركيا في مواجهة أزمة اقتصادية مرة أخرى”.
ووجه كليجدار أوغلو سؤالًا للرئيس أردوغان قائلًا: “هل أنت من تدير البلاد منذ 16 عامًا؟ أو هناك قوى خارجية؟”، وأضاف: “إن كان لديك شرف وكرامة، قم بإلغاء الاتفاق الموقع مع شركة ماكينزي الأمريكية، وأعد الطائرة إلى أمير قطر”.
بعدها خرج أردوغان في 6 أكتوبر 2018، ليعلن إلغاء الاتفاق مع الشركة، ويقول: “لن نعمل مع شركة ماكينزي .. فنحن قادرون على إدارة اقتصاد بلادنا بأنفسنا”، إلا أن صهره وزير المالية برات ألبيراق كان قال قبله بيوم: “إن الذين يعترضون على عملنا مع شركة ماكينزي الأمريكية إما جاهل أو خائن للوطن!”، على حد تعبيره.
كما تقدم رئيس حزب السعادة التركي تمل كرم الله أوغلو باستجواب أمام البرلمان حول مزاعم دفع 250-300 مليون ليرة لصالح شركة “McKinsey” مقابل تقديمها خدمات استشارية للحكومة التركية.
وعبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، أوضح نائب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي عن مدينة إسطنبول، جارو بايلان، أن الاتفاقية مع الشركة تعود لعام 2017، مقدمًا وثيقة حملت توقيع الرئيس السابق لصندوق الممتلكات التركي الذي نُقلت إليه ملكية شركات تركية ضخمة تضمنت مطالبة من الشركة بمشاركة تقارير الصندوق التي تتضمن شتى البيانات الناتجة عن الرقابة المالية والأعمال المتعلقة ونتائج التقييمات مع فريق المشروع المخول بالشركة.
ومن المعروف أن شركة ماكينزي تقوم بأعمالها تحت إشراف ورقابة ودعم من عائلتي Rockofeller في الولايات المتحدة الأمريكية، وRothschild في إنجلترا. وتقدم الشركة خدمات الاستشارات للكثير من المؤسسات الدولية المهمة حول العالم، وباتت محط اهتمام الرأي العام العالمي بعدما تسببت في إفلاس العملاق الأمريكي في مجال الطاقة “ENRON”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد عقد اتفاقًا مع الشركة نفسها من أجل حل مشكلات الجماعات غير اليهودية الموجودة في إسرائيل. وكانت الشركة نفسها قد عملت مع وزارة الدفاع الإسرائيلية، من أجل مساعدتها في خطة تنظيم قوات الأمن الإسرائيلية.