(زمان التركية)- كتب المحلل السياسي التركي، تورجوت أوغلو، مقالا بعنوان “هزيمة أردوغان التاريخية… زلزال كبير يهز أنقرة” نشره موقع “إندبندنت عربية“، قال فيه إن انتخابات إسطنبول التي تم تجديدها في 23 يونيو، أسفرت عن هزيمة نكراء لرئيس حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان، ففي حين أن الفارق في الأصوات بين أكرم إمام أوغلو وبين مرشح حزب أردوغان كان حوالى 13 ألف صوت، قفز هذا الفارق إلى حوالى 800 ألف صوت. وهكذا انتهت حقبة السيطرة الأردوغانية على بلدية إسطنبول والتي امتدت إلى ربع قرن.
وأضاف أن “انتخابات 31 مارس و23 يونيو ستصبحان من أكثر الانتخابات إثارة للاهتمام، وبداية لمرحلة سياسية جديدة في التاريخ السياسي التركي، بل وربما ستؤرَّخ الأحداث السياسية بما قبل 23 يونيو وما بعده”.
وعدّد تورجوت أوغلو الأخطاء الفادحة التي ارتكبها أردوغان وبلغت به إلى هذه النتيجة المريرة، والتي جاء على رأسها أنه اعتبر كل الأكراد تقريباً “إرهابيين”، لكنه عندما أدرك أنه سيخسر الانتخابات، لجأ إلى كسب تأييد عبدالله أوجلان زعيم الجناح المسلح للحركة الكردية. وهكذا ناقض نفسه وأصبح كالغريق الذي يستنجد بالأفعى. لكن الأكراد لم يقعوا في الفخ الذي نصبه لهم وسقوه علقماً لن ينساه.
وتابع أن الخطأ الثاني هو مواصلة حملة اعتقالات واسعة في صفوفِ خيرة أبناء شعبه الذين تلقوا تعليماً عالياً من المثقفين والأكاديميين والنساء الحوامل والشباب والمسنين، إما بذريعة اتهامهم بالانتماء إلى حركة فتح الله غولن، أو بذرائع أخرى واهية، ظناً منه أن سياساته القمعية ستجلب له مكاسب سياسية، لكنه عندما شعر أن الأمور تسوء وأن الجماهير العريضة لم تعد تنصاع إليه، بدأ يتحدث على لسان شريكه دولة باهتشلى عن العفو العام، ولكن ذلك لم يؤثر في رياح التغيير المنشود.
وبحسب المحلل التركي فقد كان الخطأ الثالث هو إعلان أردوغان أن مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو وحزبه أدوات خبيثة بيد القوى الأجنبية، ما دفع بكثير من رجال الدين والأكاديميين البارزين الموالين له أن يعتبروا جميع من لا يؤيدونه مارقين عن الإسلام أو فاسقين، حتى وإن كانوا في عداد المسلمين الملتزمين، لكن فتاويهم البائسة أصبحت هباءً منثوراً، وكان الخطأ الرابع هو إطلاق التهديدات كالتلويح باستخدام القضاء لسد الطريق أمام مرشح المعارضة.
ولفت تورجوت أوغلو إلى أنه “ربما سيكون من الصعب أن يتخلى أردوغان عن نهجه هذا ليحترم جميع الفئات المجتمعية ويتبنى خطاباً يحترم جميع مكونات المجتمع التركي بأيديولوجياتها المختلفة. إذ اختار طريقاً لا رجعة فيه. وهو يعلم جيداً أنه إذا رجع إلى المنهج الديمقراطي سيحاسَب على علاقاته المشبوهة مع التنظيمات الإرهابية الخطيرة، وأبرز مثال على ذلك علاقته مع منظمة “SADAT” ، التي ثبتت علاقاتها مع تنظيم “داعش” الإرهابي، كما أصبح من شبه العلني علاقة أردوغان وحزبه مع أحد أبرز زعماء المافيا في تركيا سدات بَكَرْ، الذي يتزعم عصابة إجرامية تعيث في الأرض فساداً. كما يعلم أردوغان أن ملفات الفساد المتراكمة بالمرصاد له ولأفراد أسرته والمقربين منه”.
واعتبر أن “أهم الهزات الارتدادية لهذه الانتخابات هي حقيقة أن الرئيس السابق عبدالله جول ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو ووزير الاقتصاد السابق علي باباجان على وشك الإعلان عن تشكيل حزبهم الجديد، ربما بحزب أو حزبين، لافتا إلى أن هذا الثلاثي قد يحسب حساباً جاداً لأكرم إمام أوغلو، الذي أبطل خرافةَ أن “أردوغان يستحيل قهره سياسياً”. كما أنهم لن يتركوا له الساحة السياسية ليجني فيها أقصى قدر ممكن من المكاسب السياسية. وهذا يفرض عليهم الاستعجال بالبروز إلى الساحة، خصوصاً في هذه المرحلة التي تحطَّمت فيها الحواجز النفسية أمام الشعب وبدأت تهب رياح التغيير”.