بقلم : ياوز أجار
(زمان التركية) – عادت النقاشات الدائرة حول الشهادة الجامعية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أجندة تركيا مجددًا، وذلك في أعقاب إحالة كاتبة العدل، المسؤولة عن توثيق الشهادات والعقود في المكتب الـ15 بإسطنبول، نجلاء أكجون، إلى لجنة التأديب، بسبب عدم إجرائها تحقيقًا حول تصديق نسخة مصورة من شهادة أردوغان باعتبارها نسخة طبق الأصل، من دون رؤية نسختها الأصلية، كما يقتضي القانون.
وفي الوقت الذي يتواصل فيه الجدل في تركيا حول التصديق على النسخة المصورة لشهادة أردوغان الجامعية دون اتباع الخطوات القانونية، تكشفت تفاصيل جديدة للقضية، حيث تبين أن الشخص الذي قدم نسخة الشهادة المصورة لمكتب العدل هو حسن توكنماز، الذي كان يعمل سائقًا لحسن دوغان، مدير القلم الخاص لرئاسة مجلس الوزراء آنذاك عندما كان أردوغان رئيسا للمجلس.
ظهر أيضًا أن كاتبة العدل أمينة سيفين، هي التي أجرت عملية التصديق برقم 1103 بتاريخ 27 يونيو 2014 على نسخة من شهادة أردوغان الجامعية، وكتبت اسم ولقب عائلة توكنماز في الوجه الخلفي للورقة، فضلاً عن أن توكنماز أقدم على هذا الإجراء بدون توكيل رسمي من أردوغان.
ومن المثير أن صحيفة “جمهوريت” أجرت اتصالاً هاتفيًّا مع توكنماز قبل يومين من أجل الحصول على معلومات حول كيفية حصوله على تصديق من مكتب العدل على شهادة أردوغان، إلا أنه تهرّب من الأسئلة وزعم أنه تعرض لحادث أثناء عمله برئاسة الوزراء في 2014، ولا يتذكر الكثير من الأمور التي مر بها في الماضي، وأنه لا يتذكر تسجيله النسخة المصورة للشهادة لدى مكتب العدل.
وكان مكتب العدل الـ15 في إسطنبول صدّق على نسخة من شهادة أردوغان الجامعية تمهيدًا لتقديمها إلى اللجنة العليا للانتخابات أثناء فترة الترشح للرئاسة، قبل أن يتولى منصب رئيس الجمهورية عام 2014، بناءً على توقيع كاتب العدل على هذه النسخة.
لكن مواطنا يدعى أحمد دافران، طالب مكتب كاتب العدل الخامس عشر في إسطنبول بإجراء تحقيق تأديبي ضد أمينة سيفين التي أجرت عملية التصديق، ولكن لم تستجب رئيسة المكتب نجلاء أكجون، لطلب التحقيق، الأمر الذي دفع دافران إلى رفع شكوى إلى اتحاد كتاب العدل الأتراك، الذي وافق أعضاؤه بالإجماع على توجيه تحذير لها في 23 من مايو المنصرم.
وقال دافران في لائحة اتهامه بأن سيفين، كاتبة العدل وقعت على نسخة من شهادة أردوغان بشكل غير قانوني، حيث لم يقدّم المرشّح شهادة أصلية، ووضعت الموظفة ختمًا موثقًا، وأصدرت وثيقة رسمية مزورة، ومن ثم اعتمدت اللجنة العليا للانتخابات هذه الوثيقة الرسمية المزيفة.
وسبق أن قدم أحمد دافران في 12 يونيو 2016، طلبا لوزارة الدفاع مناشدًا إياها تزويده والرأي العام بالمعلومات والوثائق المتعلقة بشهادة أردوغان، إلا أنه واجه تهمة “إهانة الرئيس” في المحكمة الجنائية الابتدائية بالعاصمة أنقرة، التهمة التي دأب أردوغان على توجيهها لكل من يعارضه.
وقبل أحمد دافران، كان المحامي عمرو فاروق أمين آغا أوغلو تقدم إلى اللجنة العليا للانتخابات بعد سنتين من اختيار أردوغان رئيسًا للجمهورية في انتخابات 2014، مطالبًا إياها بإقالته، وذلك لأن الشهادة الجامعية الخاصة بأردوغان زائفة، لكن اللجنة أصدرت قرارًا برفض الطعن في الـ14 من يونيو 2016.
ثم زعمت نقابة أساتذة الجامعات التركية في بيان نشرته في 2016 أن أردوغان لا يحمل شهادة جامعية “عليا” من كلية الاقتصاد التابعة لجامعة مرمرة، ثم أوضحت قائلة: “لقد حصل أردوغان على إجازة بعد دراسته عامين أو ثلاثة في إحدى الكيانات التعليمية التي ألحقت بجامعة مرمرة فيما بعد. ولم يتم افتتاح كلية الاقتصاد في جامعة مرمرة إلا في عام 1982، أي بعد عامٍ من انتهاء أردوغان لدراسته، بحسب الرواية التي يسوقها أردوغان ذاته.
وكانت التصريحات التي أدلى بها متين كولونك، المقرّب من أردوغان، والذي كان عضوًا برلمانيًّا من حزبه من مدينة إسطنبول في دورته الـ26 السابقة، زادت الشكوك الدائرة حول إقدام أردوغان على تزوير شهادته الجامعية، حيث قال: “الأنبياء والرسل لم يكونوا يحملون أي شهادة جامعية.. فممارسة السياسة لا تحتاج إلى الشهادات، فالشهادة مجرد ورقة بالنسبة لأردوغان الذي أسر قلوب الشعب التركي”، على حد تعبيره.
وبعد أن أصبح أردوغان رئيس الجمهورية في ظل النظام الرئاسي المقرر في تركيا عام 2018، قدم حزب “تحرير الشعب” قبل يومين طلبًا للجنة العليا للانتخابات من أجل إلغاء ترشيح أردوغان، مؤكدا أن شهادته الجامعية مزيفة، وفقا للأدلة التي ظهرت مؤخرًا، وأضاف: “المادة السادسة من قانون انتخابات رئاسة الجمهورية رقم 6271، والمادة الـ101 من الدستور، تنصان على إصدار قرار بإلغاء ترشح أي شخص لرئاسة الجمهورية إذا لم تتوافر فيه الشروط، ومن بينها الحصول على مؤهل جامعي”.
كما دعا الحزب لجنة الانتخابات العليا إلى رفع دعوى ضد الرئيس أردوغان بتهمة “التزوير في الأوراق والوثائق الرسمية”، بموجب المادة الـ204 من قانون العقوبات التركي، مشيرًا إلى أن عدم القيام باللازم في هذا الصدد من قبل السلطات المعنية، وعلى رأسها لجنة الانتخابات العليا، يشكّل انتهاكًا صارخًا للدستور والقانون.