واشنطن (زمان التركية) – كشف الخطاب الرسمي الذي أرسله نائب وزير دفاع الولايات المتحدة الأمريكية باتريك شاناهان إلى نظيره التركي خلوصي أكار في 6 يونيو/ حزيران الجاري أن إصرار تركيا على الحصول على منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400 سينتج عنه عواقب أخرى بخلاف وقف استلام تركيا طائراتها من طراز F-35.
وأكد نائب وزير الدفاع الأمريكي باتريك شاناهان أن حصول تركيا على منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400 سيخالف التعاون بين أنقرة وواشنطن وكذلك خلف شمال الأطلسي (الناتو)، معلنًا بشكل رسمي أن عواقب هذا ستكون سلبية على العلاقات بين أنقرة وحلفائها.
وأعلن شاناهان في خطابه المرسل إلى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن عدم تراجع تركيا عن هذه الصفقة سيؤدي إلى إخراجها من مشروع الطائرة المقاتلة الأحدث في العالم F-35، بنهاية المهلة المقدمة لتركيا اعتبارًا من 31 يوليو/ تموز 2019.
وقام موقع جريدة “الزمان التركية” بشرح وتفسير القرار الأمريكي وملابساته من خلال عدد من الأسئلة والأجوبة، كالتالي؟
1- لماذا اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية هذا القرار الآن؟
أكد الوزير الأمريكي أن هذا القرار جاء بعد إعلان تركيا إرسال فرقًا من قواتها المسلحة إلى روسيا لتلقي التدريب على منظومة الدفاع الجوي الروسية الأحدث S-400.
كما أكد نائب مستشار وزير الدفاع الأمريكي المسؤول عن سياسات أوروبا وحلف الناتو أندرو وينترنيتز، في اجتماع صحفي عقد في 7 يونيو/ حزيران الجاري، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر التصريحات التركية بشأن إرسال فرق إلى روسيا لتلقي التدريبات على أنها إشارة مهمة للغاية، وقال: “إنها إشارة ضرورية من أجل أن نكشف عن موقفنا الرافض لاستخدام منظومة S-400 الروسية في الوقت نفسه مع طائرات F-35 الأمريكية، وأنه علينا التحرك بشكل جدي”.
2- ما هو مضمون القرار الأمريكي؟
يتضمن الخطاب المرسل إلى تركيا من وزير الدفاع الأمريكي بالوكالة شاناهان، قرار تعليق مشاركة تركيا في برنامج مشروع الطائرة F-35 الأمريكية، اعتبارًا من 31 يوليو/ تموز 2019.
كما ينص على مغادرة الطيارين الأتراك والأطقم المشاركة في التدريب بقاعدة “لوك” في ولاية “أريزونا” الأمريكية، الولايات المتحدة بعد إتمام تدريبهم، كما أنه لن يتم استقبال طيارين أو أطقم تركية جديدة للحصول على تدريب، بالإضافة إلى عدم دعوة الجانب التركي لحضور الاجتماعات رفيعة المستوى الخاصة بمشروع الطائرة F-35.
3- ما مصير الأموال التي دفعتها تركيا للحصول على 4 طائرات من هذا الطراز؟
تعتبر تركيا من أهم المشاركين في مشروع ” Joint Strike Fighter (FSF)” الذي انطلق مطلع الألفية الثالثة، بجانب 8 دول أخرى. وتريد تركيا، التي تعتبر إحدى حلقات إنتاج الطائرة الأحدث حول العالم F-35، تحديث قواتها الجوية من خلال الحصول على 100 طائرة من هذا الطراز بحلول عام 2030.
لم يخصص لتركيا إلا أربع طائرات فقط من هذا الطراز، بتاريخ يونيو/ حزيران 2018. ومن المقرر أن تستقبل القاعدة الجوية التركية في مدينة ملاطيا أول طائرتين من هذا الطراز خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، إن لم يكن هناك أي خلافات.
من غير المعروف حتى الآن مصير الأموال التي دفعتها تركيا من أجل الحصول على هذه الطائرات، في حال تنفيذ القرار الأمريكي بإخراجها من البرنامج.
وفي هذا السياق أوضح نائب مستشار وزارة الدفاع الأمريكية المسؤول عن عمليات البيع والاسترجاع إيلين لورد، خلال المؤتمر الصحفي، أن الملف الخاص بمصير الطائرات الأربعة مازال محل نقاش داخل البنتاجون، وأنه سيتم تحديد مصيرهم خلال اللقاءات الثنائية التي سيتم عقدها بين وزيري دفاع البلدين.
4- هل سيتم إبعاد تركيا من عملية الإنتاج؟
تقوم شركات الصناعات الدفاعية التركية بإنتاج 937 قطعة خاصة بطائرات F-35 الأحدث حول العالم والتي تعتبر من الجيل الخامس القادر على التخفي والهروب من رادارات الدفاع الجوي.
وتشير التقارير إلى أن مشاركة تركيا في إنتاج هذه القطع الخاصة بالطائرة أضاف للاقتصاد التركي، نحو 12 مليار دولار أمريكي.
وخلال العام الماضي، تقدمت وزارة الدفاع الأمريكية بتقرير إلى مجلس الشيوخ توضح فيه أن إخراج تركيا من عملية الإنتاج سيؤدي إلى ضياع المزيد من الوقت، بالإضافة إلى أنه سيكون له تأثيرات اقتصادية كبيرة.
أمَّا التصريحات التي أدلى بها مسؤولون رفيعو المستوى لوسائل الإعلام والصحف، فقد أكدوا أن إخراج تركيا من سلسلة الإنتاج سيستغرق وقتا طويلا، مشيرين إلى أن الوقت قد يمتد إلى عام 2020.
بينما أكد “لورد” أن هناك 400 من بين 937 قطعة تنتجها تركيا، لا تنتجها أي دولة أخرى، قائلًا: “نحن نعمل مع شركتي “Lockheed Martin” و” Pratt & Whitney” للبحث عن بدائل، وهم سيصدرون القرار”.
كما أكد لورد على أنه في حالة إدارة عملية إخراج تركيا من عملية الإنتاج بشكل جيد، فإنه لن يكون هناك تأخير يذكر في تسليم الطلبيات الأخرى.
5- ما هي التداعيات الأخرى؟
تتضمن الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية على تركيا، إخراجها من عملية التصنيع؛ إلا أن خطاب وزارة الدفاع الأمريكية يكشف عن أنه سيكون هناك عواقب ونتائج سلبية أخرى، في حالة حصولها منظومة الدفاع الجوي الروسية.
فقد أشار خطاب شاناهان إلى القانون الأمريكي الذي أقره الكونجرس في أغسطس/ آب 2017 الخاص بـ”مكافحة أعداء أمريكا عن طريق العقوبات” (CAATSA).
وقال: “إن التدابير التي تم اتخاذها فيما يتعلق بطائرات F-35 لها علاقة بالمخاطر التي قد تنتج عن حصول تركيا على منظومة S-400، ومختلفة عن عقوبات قانون CAATSA المتعلق بروسيا. أما في حالة حصول تركيا على المنظومة الروسية فإن هناك عزم وإصرار داخل الكونجرس على تطبيق عقوبات القانون على تركيا”.
6- كيف ستتأثر العلاقات مع الناتو؟
كما تحدث الخطاب الأمريكي عن تداعيات تلك الخطوة التي تنوي تركيا الإقدام عليها، وتأثيراتها على علاقاتها بحلف الناتو، قائلًا:
“فضلًا عن التهديدات التي تمثلها تلك الخطوة على الطائرة F-35، فسوف ستتعطل العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو، فضلًا عن تعطيل مهارات الدولة في تطوير وتدعيم قواتها. فتلك الخطوة ستجعل تركيا مرتبطة بروسيا بصورة مبالغ فيها سواء من الناحية الاقتصادية أو الاستراتيجية. وستضر الأهداف الاقتصادية والصناعات الدفاعية التركية”.
بينما تجنب الخطاب الحديث عن شكل التأثير الذي ستتعرض له العلاقات مع حلف الناتو بشكل واضح.
في حين أوضح نائب مستشار وزارة الدفاع وينترنيتز أن علاقات الشراكة والعلاقات الاستراتيجية مع تركيا ستستمر، قائلًا: “نتمنى أن يكون هذا انحرافا مؤقتا في العلاقات. نحن نرى أن حصول تركيا على هذه المنظومة غير ملائم للتعهدات التي قدمتها لحلف الناتو خلال عام 2016. كما تعلمون فإن قمة 2016 كانت تدعو إلى تقليل عمليات الشراء والحصول على المعدات العسكرية من روسيا”.
7- هل ستتأثر التجارة البينية التي تبلغ 75 مليار دولار؟
كان من اللافت في خطاب شاناهان تسليطه الضوء أيضًا على خسائر العمل التي ستتعرض لها تركيا، بالإضافة إلى الخسائر التي سيتكبدها اقتصادها سواء فيما يتعلق بالتجارة العالمية أو في حجم إجمالي الناتج المحلي.
وأشار الخطاب إلى أنه في حالة تطبيق العقوبات التي ينص عليها القانون CAATSA، فإنه لن يكون من الممكن رفع حجم التجارة البينية بين أنقرة وواشنطن من 20 مليار دولار إلى 75 مليار دولار كما يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
8- هل هناك سبيل للتراجع؟
هناك مهلة لمدة شهرين من أجل التوصل لحل بالطرق الدبلوماسية بين الطرفين، قبل أن يتم تنفيذ القرار بإخراج تركيا من مشروع الطائرة F-35، اعتبارًا من 31 يوليو/ تموز المقبل.
وأوضح شاناهان أنه يطالب باستمرار اللقاءات مع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، مستخدمًا عبارة واحدة: “حتى الآن لديكم خيار تغيير مساركم فيما يتعلق بمنظومة S-400”.
وقال وينترنيتز: “إن لم تتسلم تركيا منظومة S-400، فإننا نساعد في عودتها مرة أخرى بشكل طبيعي إلى نشاطها ضمن مشروع F-35. إن تركيا حليف مقرب في حلف الناتو، وعلاقاتنا العسكرية قوية. لدينا إصرار على ضمان أمن حلفائنا في الناتو، ودعم مهام تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب”.
كما حذَّر من أن استلام تركيا للمنظومة الروسية قبل 31 يوليو/ تموز المقبل، سيؤدي إلى تسريع عملية إخراجها من مشروع F-35.
9- هل سترسل الولايات المتحدة الأمريكية طائراتها من طراز F-35 إلى المناورات المشتركة “نسر الأناضول”؟
أوضح المسؤولون الأمريكيون أن ملف طائرات F-35 لن يؤثر على مجالات التعاون الأخرى بين أنقرة وواشنطن، مشيرين إلى أن مشاركة القوات المسلحة الأمريكية في المناورات العسكرية المقررة في نهاية شهر يونيو/ حزيران الجاري باسم “نسر الأناضول” هو دليل مادي على ذلك.
أمَّا وينترنيتز فيقول: “إن علاقاتنا مع تركيا قوية. نحن نقوم بالعديد من الأشياء ضمن التعاون الأمني مع تركيا. هذا الأشياء لن تتوقف”، موضحًا أن 6 طائرات أمريكية من طراز F-35 ستشارك في المناورات العسكرية مع تركيا.
10- لماذا تم تسريب الخطاب للصحف؟
في شهر أبريل/ نيسان الماضي حذَّرت واشنطن، الرأي العام الأمريكي والتركي، من خلال تصريحات مسؤولين رفيعي المستوى، من التطورات التي قد تحدث في حال حصول تركيا على منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400؛ والآن رجَّح وزير الدفاع الأمريكي أن يتم الكشف عن خطاب التهديد الذي أرسله إلى تركيا أمام وسائل الإعلام والصحف.
يرى الخبراء والمحللون أن هناك سببان رئيسان وراء تلك الخطوة: الأول هو استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذ الأمر بشكل شفاف وأمام الرأي العام.
أما السبب الثاني هي لتجنب عقد مقارنات بين منظومة الدفاع الجوي الروسية الأحدث S-400 والطائرة الأمريكية الأحدث F-35.
ومن جانبها نشرت وزارة الدفاع التركية بيانًا قصيرًا على موقعها الإلكتروني، بشأن خطاب شاناهان، دون التطرق للتهديدات، قائلة: “إن الخطاب الذي يحتوي على موضوعات الأمن والدفاع بين البلدين، يتحدث عن التوقعات الخاصة بالتوصل لحل بشكل يحافظ على التعاون الأمن في ضوء الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. كما يؤكد على أهمية استمرار اللقاءات والمباحثات”.