ومن تلك الافتراءات والادعاءات أن أبناء الخدمة يصفون أستاذهم بأنه “المهدي” أو “المسيح”، وأنه يرضى بتلك الأوصاف، بل وينسب إلى نفسه أنه “تكلَّم مع الله” وأنه “إمام الكائنات”.
هذه الاتهامات والافتراءات ألقت بظلالها على من لا يعرفون الأستاذ كولن وحركة الخدمة، وجعلتهم يكونون صورة ذهنية مشوَّهة عن الأستاذ كولن والخدمة.
اعتبرت دائمًا هذا النوع من الاتهامات، من أشنع الشتائم وأغلظ السِّباب كما أن الذين يديرون ألسنتهم بهذه الافتراءات لا يَعُون أنهم يسخرون من عقول هذه الأمة.
وعندما سئل الأستاذ كولن في حوار صحفي أجراه معه رئيس تحرير جريدة زمان التركية “أكرم دومانللي”، المعتقل في السجون التركية حاليًا، ردَّ الأستاذ كولن على هذه الفرية قائلًا: “لقد درس عندي العشرات من الطلبة حتى الآن؛ وجميعهم يشهدون ــ على اعتبارهم يعرفونني عن كَثَبٍ ـــ أنني أَعدُّ القيام بمثل هذه الادعاءات كفرًا وضلالاً، إنهم سمعوني عشرات المرات أقول: تعرفون أمي وتعرفون أبي، ألا يكفينا أن نكون عبادًا لله مخلصين، كن بين الناس فردًا من الناس، أضف إلى ذلك أنني ما رأيت عاقلاً يتوهم في نفسه رتبة أو مقامًا من هذا القبيل، لا يقول مثل هذا الكلام إلا من حُرم نعمة العقل، ثم إني اعتبرت دائمًا هذا النوع من الاتهامات، من أشنع الشتائم وأغلظ السِّباب كما أن الذين يديرون ألسنتهم بهذه الافتراءات لا يَعُون أنهم يسخرون من عقول هذه الأمة، هنا أعود لأقول كما قال مولانا جلال الدين الرومي: أنا خادم القرآن ما حييت، وغبار قدم النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا نَقَل أحدهم عني غير ذلك، فإني أبرأ منه وأشكوه إلى الله”.
وعن اتهام الأستاذ كولن بأنه “تكلَّم مع الله” أو أن “حاور الله”، ردَّ الأستاذ كولن قائلاً: “إنني أستغرب، كيف يقولون هذه الافتراءات بهذه السهولة؟ ومن يدّعي ذلك يعرف حقَّ المعرفة حساسيتي تجاه هذا الأمر، والقرآن الكريم يقول بوضوح: “وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ” (الشورى/ 51)
نحن نشأنا في بيئة كانت قلوب الرجال فيها ترتجف بمجرد سماع اسم “الله”، وتنحني بانكسار وتذوب بإكبار للذات العلية.
إن أبسط معلومة إيمانية يمتلكها الإنسان تعلُّمه الأدب مع الله سبحانه وتعالى، نحن نشأنا في بيئة كانت قلوب الرجال فيها ترتجف بمجرد سماع اسم “الله”، وتنحني بانكسار وتذوب بإكبار للذات العلية، لذا لا يمكن أن تجدوا لا في هذه البيئة ولا في غيرها من يدَّعي مثل هذه الادعاءات البشعة أبدًا”.
وعن الادعاء بأنه ينظر لنفسه على أنه إمام الكائنات ردَّ الأستاذ فقال: “هذه الفرية لا تستحق أصلًا الوقوف عندها، فأيّ إنصاف وأيّ وجدان يمكن أن يقبل مثل هذا البهتان، إنهم يدّعون هيكلًا هرميًّا زائفًا ووهميًّا للخدمة، لم يخطر ببالي قطّ، أيّ تلوث هذا الذي أصاب تلك العقول، وأيّ عَفَن أصاب تلك الأرواح؟! إنهم يضعون مخططات وهمية وكأنهم يهزؤون بعقول الآلاف بل ربما الملايين من الناس الذين ربطوا قلوبهم بهذه الخدمة المباركة، فهؤلاء الذين يتحدثون عن بنية هرمية، إما أنهم لم يفهموا هؤلاء الأبطال أبدًا، يقول الأستاذ النورسي: “إن أساس مسلكنا هو الأخوة في الله، وإن الروابط التي تربطنا ببعضنا هي روابط الأخوة الحقيقية، وليست رابطة الأب مع الابن ولا علاقة الشيخ مع المريد، نعم، إن الذين يعرفونني، يعرفون جيدًا أنني أعتبر الطالب الذي أُدرِّس له زميلَ مدارسةٍ لي دائمًا، ولم أر نفسي أستاذًا قطّ”.
بقلم/ أبو زيد عبد الرحيم