(زمان التركية) – في الوقت الذي يواجه فيه العالم العربي تحديات كبيرة، يجد العرب أنفسهم محط أنظار القوى الإقليمية التي تتطلع إلى لعب دور فاعل داخل الإقليم على حساب الدور العربي الرسمي.
وتأتي على رأس تلك القوى تركيا وإيران، فالدور التركي في شمال سوريا يُنظر إليه عربيا بتوجس شديد، إذ ينتشر الجيش التركي وينفذ عمليات عسكرية في الشمال السوري دون الرجوع إلى أي دولة عربية، وكأن الأمر لا يعنيهم.
وتأتي قطر لتمثل ثالثة الأثافي في تلك المنظومة باعتبارها باب لطهران وأنقرة للنفاذ إلى الداخل العربي.
ويمثل المشهد الليبي نموذجاً صارخاً للتدخلات التركية والقطرية في الشأن الليبي، وساحة لتصفية الحسابات مع عدد من الدول العربية الأخرى.
وهناك مشهد آخر في السودان الذي تركه عمر البشير غير مأسوف عليه بعد أن أوصل البلاد إلى أوحال الفقر والفساد، ورغم أن الجيش السوداني نجح في الوقت المناسب بتنحية رأس النظام وبداية عهد جديد للدولة، لكن لا يزال هناك حراك إيراني وتركي وقطري لاختطاف السودان مجدداً.
وإن لم تتمكن الخرطوم من النهوض من أزمتها الحالية فستصل في النهاية إلى طريق مسدود قد يترتب عليه مزيد من التدخلات الدولية التي تجعل من السودان صراعاً آخر في طمع الهيمنة والنفوذ، في حالة أشبه بحالة ليبيا التي نشهدها اليوم، بسبب تعارض الأجندات العربية والإقليمية.
وهناك مشهد ثالث لا يقل أهمية في الجزائر التي تواجه منعطفاً سياسياً مهماً بعد استقالة أبو تفليقة وتعيين عبدالقادر بن صالح رئيساً مؤقتاً للبلاد، حيث يحذّر أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الجزائري ونائب وزير الدفاع في خطاباته من أطراف خارجية تريد زعزعة أمن واستقرار الجزائر والإيقاع بين الشعب وجيشه، وفرض وصايتها باختيار ممثلين عن الشعب لحكم الجزائر.
ولا تقتصر تحذيرات صالح على الدول الغربية، بل تشمل دول محورية في الشرق الأوسط، وعلى رأسها إيران التي لها مصالح متجذرة في الجزائر، وصلت إلى لعب دور كبير في تغذية الصراع مع المغرب، من خلال سفاراتها في الجزائر، عبر تدخلها في قضية الصحراء الغربية ومحاولة إنشاء ميليشيا تابعة لها هناك عن طريق حزب الله اللبناني.
والمشهد الرابع يتمثل في حروب مشتعلة بالوكالة تقودها الميليشيات الشيعية في اليمن وسوريا تنفيذا لأجندة إيرانية معروفة، بالإضافة إلى الميليشيات العراقية وحزب الله في لبنان، مما ينذر بخطر كبير على الأمة العربية من جراء تلك التدخلات الفجة.
وهذه المشاهد السابقة كافية لإثبات خطر تلك الأطماع الإقليمية على أمن واستقرار المنطقة العربية، والشواهد لا عدّ لها ولا حصر منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، وقبلها سقوط نظام صدام حسين في العراق، مما يحتم على العرب أن يعوا أهمية دورهم في ليبيا والسودان والجزائر، ويضطلعوا بمهمة حماية الأمن القومي لدولهم قبل أن ينفذ أصحاب المشاريع الإقليمية من خلال تلك الجروح المفتوحة في الجسد العربي.