(زمان التركية) قال الدكتور حسن أبو طالب الكاتب بالأهرام العربي إن سلسلة العقوبات الأمريكية على إيران لا تتوقف، بهدف تحقيق الضغط الأقصى على إيران لكى تنصاع لمطالب واشنطن التى سبق تبرير العقوبات بها، وهى عبارة عن سبعة عشر مطلبا تجعل من إيران حين الالتزام بها أو بجزء منها محمية أمريكية بالمعنى الحقيقى للكلمة، وهو ما يتعذر تصوره حتى اللحظة.
وأضاف الكاتب في مقاله أن إيران تناور لإبقاء تأثير العقوبات الأمريكية محدودا، والمؤشرات العملية واعترافات الرئيس روحانى ووزير خارجيته جواد ظريف، حول الصعوبات التى فرضت نفسها على اقتصاد إيران تؤكد أن العقوبات الأمريكية فى مراحلها الأولى قد أتت أكلها، وبالقطع فالنتائج الأصعب ما زالت فى الطريق.
وتابع أن قرار الرئيس ترامب الاثنين الماضى بوضع الحرس الثورى الإيرانى فى قائمة المنظمات الإرهابية، ينذر بأن العقوبات الأمريكية لن تقف عن حد معين، وأن طهران ستواجه معضلات سياسية وأمنية واقتصادية غير مسبوقة.
وأوضح أن القرار له تداعياته الكبرى، ليس فقط بالنسبة لإيران وإنما لكل الذين يتعاونون مع الحرس الثورى عسكريا أو أمنيا أو اقتصاديا أو تجاريا أو ماليا، فى الإقليم وفى العالم كله.
ولفت أبو طالب إلى أنه من بين تحذيرات وزيرالخارجية الأمريكى بومبيو للأوروبيين، أن بنوكهم إذا تعاملت مع الحرس الثورى أو إحدى شركاته، فسوف تُعامل نفس معاملته، والسبب فى ذلك هو طبيعة نشاط الحرس الثورى التى تتعدى الأمور العسكرية إلى نشاطات متعددة اقتصادية وتصنيعية وتجارية.
وأردف أنه لكون الحرس خاضع مباشرة للمرشد الأعلى، فله العديد من الامتيازات التى يحصل عليها، فإلى جانب تحكمه فى الأنشطة الإستراتيجية المتعلقة بأمن إيران القومى، كصناعة الصواريخ الباليستية وأمن المفاعل النووى والمنشآت الخاصة به، وأمن الحدود، والأنشطة الخاصة بدعم القوى المنظمات المرتبطة بالسياسة الإيرانية فى الإقليم ككل، فضلا عن امتلاكه قوات برية وبحرية وجوية وصاروخية تخضع لقرارات المرشد مباشرة وليس الحكومة أو البرلمان، وهو المسئول عن المناورات البحرية التى تجرى بين فترة أخرى فى مياه الخليج العربى وبالقرب من مضيق هرمز، لتأكيد القدرة على حماية أو تعطيل الملاحة الدولية حسب الظروف.
وبيـّن أن الهدف المركزى الذى تعلنه إدارة ترامب، هو ممارسة الضغط الأقصى لإعادة تأهيل السياسة الإيرانية، لتصبح دولة طبيعية حسب التعبير الذى استخدمه وزير الخارجية بومبيو مرات عديدة، وهو تعبير يعنى أن تفقد إيران أى قدرة على تهديد المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وأن تمتنع عن أى نشاط لدعم القوى المناهضة للسياسات الأمريكية بوجه عام، وأن تقبل الالتزام بالشروط الأمريكية لبرنامجها النووى والصاروخى، وأن تسحب قواتها ومستشاريها من الدول المجاورة لاسيما سوريا، ومع ذلك فإن التوقف عند هذه النتائج المرجحة، وفقا للطموحات الأمريكية ليس من الحكمة فى شىء، فهناك دائما تداعيات غير محسوبة يمكن أن يكون لها التأثير الأكبر، وربما ينتهى الأمر بمواجهة عسكرية تربك كل الحسابات المرسومة وتخلط كل الأوراق.
وقال إن احتمال وقوع مواجهة عسكرية إيرانية أمريكية ليس أمراً مستبعدا، فمجلس الأمن القومى الإيرانى اعتبر أن القوات الأمريكية التابعة للقيادة المركزية غرب آسيا مجموعات إرهابية.
وأكد الكاتب أنه من الناحية الشكلية يبدو القراران – الأمريكى والإيرانى – متساويين، أما عمليا فثمة مسافة هائلة بينهما، فالولايات المتحدة بحكم خبرتها فى توقيع العقوبات على دول العالم المختلفة، و امتلاكها أدوات للرقابة والمتابعة المعلوماتية للأنشطة والمعاملات الخاصة بالجهات والأفراد الذين تتم معاقبتهم، ونفوذها على العديد من الدول والمؤسسات الدولية، فمن اليسير أن تطبق عقوباتها وأن تلزم الآخرين بالسير فى الطريق ذاته، وإلا طُبقت عليهم تلك العقوبات، أو أن تقرر استثناءات محدودة ولفترات زمنية معينة لدول أو شركات معينة، وبعدها تلتزم تلك الدول وتلك الشركات بالعقوبات حرفيا، وهو أمر تفتقر إليه إيران بشدة.
ورجح أن تحدث عمليات ضد القوات الأمريكية فى دول الجوار لإيران، حيث توجد مجموعات مسلحة تعارض الولايات المتحدة ذات ارتباطات قوية بالسياسة الإيرانية وبالحرس الثورى.
واختتم مقاله بالقول إن تعرض القوات الأمريكية فى العراق لعمليات هجومية وعدائية أمرا محتملا بقوة، وهنا يطرح التساؤل نفسه: كيف سترد الولايات المتحدة على عمل عدائى كهذا، وهل ستفضل بعدها الخروج سالمة؟ أم ستكتفى بتوجيه اللوم للحكومة العراقية وهى حليف مشهود؟، أم ستنهى الاستثناء الذى تحظى به الحكومة العراقية من الالتزام بالعقوبات المفروضة على إيران؟ وأيا كان القرار الأمريكى فالعراق لن يسلم من ضغوط هو فى غنى عنها.